ذكرت مصادر امريكية ان لدى العقيد القذافي مليارات الدولارات المخبأة في اماكن سرية في طرابلس بشكل يطيل امد الحرب بينه وبين معارضيه. ونقلت صحيفة 'نيويورك تايمز' عن مسؤولين في الاستخبارات قولهم ان الاموال مخبأة في مخازن البنك المركزي الليبي ومصارف اخرى في انحاء متفرقة من ليبيا. ويعتقد عدد من المسؤولين الامنيين انه منذ بداية الازمة العسكرية فان بعض الاموال قد تكون نقلت من خزنات البنوك الى قاعدة العزيزة التي يعيش فيها الزعيم الليبي، حسب مسؤول له علاقات مقربة من ليبيا. ولم ترد اية تأكيدات من المسؤولين الامريكيين حول صحة هذه المعلومات. ولكن مسؤولا قال ان القذافي لديه مليارات الدنانير الليبية، ومن قطع النقد الامريكية وعملات اجنبية اخرى التي يمكنه استخدامها في ليبيا. ويرى محللون ان الكمية الضخمة من الاموال النقدية تحت يد القذافي تجعل من فكرة تشديد الحظر الاقتصادي وفرض عقوبات، وانشاء منطقة حظر جوي على النظام إجراءات ذات تأثير قليل. كما ان امكانية مواصلة القذافي المعركة ضد معارضيه لمدة طويلة قد تقلل من امكانية التحرك لدى الادارة الامريكية التي لا تزال تصدر تصريحات متضاربة من وقت لآخر. وكان اوباما قد سارع وبعد طول تردد لعقد اجتماعات مع فريق امنه القومي لمناقشة الخيارات التي تتمكن من خلالها الادارة التخلص من القذافي ومنها عبر استهداف قدراته الجوية. لكن مقربين من الادارة قالوا ان الاجتماع لم يتوصل بعد لرؤية واضحة. وحتى الان بدت استراتيجية ادارة اوباما وحلفائه الغربيين قائمة على استهداف ودائع الحكومة الليبية في الخارج وتجميدها ووضع عدد من اركان نظامه على قائمة الممنوعين من السفر وتهديدهم بعقوبات واعتقالات. ونقلت 'نيويورك تايمز' عن محام امريكي- كينيث باردن الذي يقدم استشارات مالية لعملاء في الشرق الاوسط ان هناك اشارات تشير الى قيام النظام بنقل مليارات من الدولارات قبل اسابيع من اندلاع الثورة. واضاف المحامي ان الاموال اودعت باسم القذافي لكن هناك اموالا تم ايداعها باسماء افراد من عائلته والمقربين منه. ويرى مسؤولون ان القذافي ربما بدأ بالحصول على سيولة نقدية من اصول مجمدة قبل ذلك بفترة. وقام ببناء احتياط نقدي ليبي منذ ان بدأت علاقات ليبيا بالتحسن مع الغرب. وجاء هذا بسبب خوف القذافي من تعرضه لعقوبات جديدة. ومن هنا بدأ بوضع اموال نقدية جانبا في البنك المركزي في طرابلس وبنوك اخرى. وقال شخص له صلات مع ليبيا ان القذافي تعلم من تجاربه الاحتفاظ بأموال. ومع ان انتاج ليبيا من النفط قد تراجع من 1.8 مليون برميل في اليوم الى ما بين 300 -400 الف برميل الا ان الاموال التي قد تحصل عليها ليبيا من بيعها تصل الى ما بين 30 40 مليار دولار في اليوم ولن يحصل عليها النظام خاصة ان التصدير توقف وترفض البنوك الدولية التعامل مع النظام. ويزعم الرجل الذي لديه اتصالات مع النظام ان الاخير قام باحضار ما بين 3 الى 4 الاف مرتزق من مالي والنيجر ودارفور مقابل الف دولار لكل مرتزق لكن الاستخبارات الامريكية او مسؤولين فيها قالوا انهم ليسوا متأكدين من هذا العدد. وعن اسباب التخبط الامريكي تجاه ليبيا قالت صحيفة 'واشنطن بوست' ان اوباما راض عن تفويض امر الازمة الليببة لحلفائه وتركهم يطلقون تصريحات حول الطريقة المثلى لحلها. وترى الصحيفة ان موقف الرئيس يعكس موقفه المتردد من السياسة الخارجية وتجنيب امريكا مواجهات عسكرية جديدة هي في غنى عنها لكنه بهذه السياسة يجعل نفسه عرضة للنقد ويظهر كقائد ضعيف. كما ان الموقف يعطي الريادة للمحافظين ودعاة التدخل الايجابي الذين يرون ان امريكا وامريكا وحدها هي القادرة على التوصل لحل يتم التعامل من خلاله مع القذافي. ومع ان اوباما رضي بان تلعب امريكا دورا من الخلف خاصة في قضايا منطقة لا تتمتع فيها امريكا باحترام الا ان الجمهوريين اتهموه بالغياب اثناء اندلاع الثورات. ولم يصدر عن اوباما سوى مجموعة من التصريحات حول ليبيا مع ان الوضع وصل فيها لنقطة عالية. ورفضت امريكا فكرة الحظر الجوي التي ترى فيها تورطا في حرب ضد ليبيا. فيما اخذت الدول الاوروبية خاصة فرنسا وبريطانيا الريادة في الدعوة لفرض محور حظر جوي، بل ان اوباما لم يطلب من القذافي التنحي الا بعد دعوة فرنسا. وكشفت الصحيفة ان فكرة الحظر الجوي لم تلق تأييدا كبيرا من فريق الامن القومي الذي اجتمع يوم الاربعاء. ويرى المسؤولون في الادارة ان اجراءات من مثل التشويش على خطوط الاتصال التابعة للنظام ونشر قوات بحرية من اجل تقديم المساعدات الانسانية تظل حلولا مفضلة في المدى القريب. ويرى المحللون ان موقف اوباما الحذر نابع من تعامله مع نظام مغلق وتغير الاوضاع المستمر على الارض. كما ان الادارة لا تعرف الكثير عن الثوار، وغير متأكدة من طبيعة النظام الذي سيحل محل القذافي وقدرة النظام الجديد على احلال الامن والنظام ووقف الاقتتال. ومع ذلك يدافع المسؤولون عن الرئيس بقولهم انه على الرغم من عدم حضوره الاعلامي الا انه ناشط خلف الابواب فيما يقولون دبلوماسية سرية التي ادت حتى الان لفرض نظام عقوبات. ويرى مقربون منه ان رؤية اوباما تقوم على العمل من خلال اكثر من مؤسسة دون الاعتماد على مدخل احادي كما فعلت ادارة بوش مع العراق عام 2003. ويرى مراقبون امريكيون ان فكرة اوباما وتعامله مع الازمات قد تؤشر الى طريقة في القيادة تختلف عن سابقيه. قلق في صفوف الثوار وتشير تقارير صحافية من الميدان ان هناك شعوراً بين المقاتلين ان المعركة قد تطول وان مظاهر الفرحة من قرب نهاية النظام قد حلت محلها مخاوف من ان الحرب طالت. وجاء تقرير "الغارديان" من مدينة بنغازي تحت عنوان "مزاج الثوار بات قاتما وسط مخاوف من عدم تقدم الثورة"، واعترفت طالبة انضمت للثورة منذ اندلاعها ان عملية التخلص من النظام تبدو غير سهلة. ويخشى متطوعون من انه في حالة الخسارة فان المصير الذي ينتظرهم قاتم، خاصة ان الكتائب التابعة للقذافي استخدمت الدبابات لسحق الثوار الذين احتلوا الزاوية واوقفوا زحفهم تجاه طرابلس. ويشير التقرير إلى ان القلق حول الوضع العسكري المهتز يترافق مع قلق من غياب قيادة موحدة واضحة في بنغازي قادرة على التحكم بحملة السلاح من الشباب الذي لا يعرفون سوى اطلاق النار في الهواء ولا يستمعون لأوامر المدربين. ولاحظ التقرير مزاجا من القدرية بين سكان بنغازي خاصة بعد المواجهة التي لم تحسم حول الزاوية وتنقل عن مواطنة في المدينة قولها ان اي تطور لصالح النظام قد يدفعها للهجرة من ليبيا. وتضيف انه في حالة انتصار القذافي فان الثوار ميتون لا محالة وكل الشرق ميت، واضافت انها لا زالت شابة وتريد الحياة. لكن مخاوف البعض ادت الى تقوية معنويات اخرى من ان الوضع الان بات بالنسبة لكل طرف مسألة حياة او موت 'اما نحن او هو' وقال مقاتل انه بالانضمام للثورة 'فقد وقعنا امر اعدامنا ولا خيار امامنا الا القتال'. ويرى البعض ان حس القلق نابع ليس من منظور استعادة القذافي السيطرة بل لعدم وجود قيادة واضحة وقال احدهم ان 'اعضاء المجلس الوطني يتظاهرون بانهم في مركز القيادة لكنْ في الحقيقة لا احد منهم يقود. وبالنسبة لعاملين في المجلس فانه كلما طال امد الحرب خفتت توقعات حدوث انتفاضة في طرابلس. وفي الوقت الحالي لا احد منهم يريد ان يسلم بامكانية تغير الوضع بل هم مصممون وماضون. وكان المجلس قد طلب دعما دوليا لكن خلافات داخله تجعل من الصعوبة التوصل لقرار لان الشباب يعارضون التدخل الغربي. وطغى في الايام الاخيرة الحديث عن منطقة الحظر الجوي لكن الخيار وان ظل محل تحفظ امريكي الا انه داخل الدول التي دعت عليه بات محل جدل ونقاش بين المحللين، فقد خصصت 'الغارديان' افتتاحيتها له تحت عنوان "وهم القوة". معلقة على واجهة موقع 'نيويورك تايمز' يوم الاربعاء حول مظاهر القوة التي بدت في التحركات الامريكية الاخيرة. وناقشت الصحيفة امكانية موافقة الناتو على منطقة الحظر الجوي مشيرة الى أن الجانب العملي من الخطة لن يأخذ مكانه قبل شهر نيسان/ابريل القادم، كما ان الحظر لن يؤثر الا على المقاتلات العسكرية وليس المروحيات التي يمكنها التحليق على مستويات منخفضة والوسيلة الاهم في هذه الحرب. وقالت ان المنطقة لن تؤدي الى وقف رتل من الدبابات والشاحنات للنظام لكنها قد تمنح اضواء للسياسيين الغربيين الذين يريدون الظهور بمظهر من يقوم بعمل شيء ما. وقالت ان الوضع يؤشر إلى حرب اهلية طويلة بين طرفين غير متساويين. لكن الثوار بامكانهم حسب الصحيفة شن حرب ضد قوات مسلحة اكثر منهم وتوحيد صفوفهم والاعتماد على الاستخبارات العسكرية، والتشويش على الاشارات وهم يقومون بانشاء قوة عسكرية متماسكة. وختمت قائلة ان قوة الثوار تكمن من ايمانهم بقضيتهم وعلينا ان لا ننسى دروس مصر وتونس فكلما زاد النظام من شراسته عجّل نهايته. وفي تقرير آخر من بروكسل عن اجتماع الناتو نقلت 'الغارديان' عن مصدر قوله ان القذافي على الرغم من قساوته ضد شعبه لم يفعل ما يدفع لتدخل عسكري من الخارج. وحذر الكاتب سايمون جينكز في مقال له بنفس الصحيفة انه في الوقت الذي يحضر فيه الساسة انفسهم لتنظيف انفسهم من غبار المعارك والحصول على المجد، عليهم ان يتذكروا ان 'ليبيا ليست بلدنا ولا شغلنا، وستكون دائما دموية في يوم ما'. ولم يستغرب مثل غيره قسوة القذافي، ولكن يجب اعادة صياغة الوضع بعبارات اوضح وهو ان القذافي لا يقوم بحرب ابادة فقسوته معروفة، وعليه فان انتصر الثوار فهذا نصرهم ومن خلاله اعادوا توازن القوة في بلدهم وان فشلوا فعليهم التحضير ليوم قتال اخر. ولا سبب يدفعنا للتدخل في ليبيا كما يقول. وتتفق آراء المحللين السياسيين مع العسكريين فقد كتب ريتشارد دانات، مسؤول هيئة الاركان السابقة في الجيش البريطاني في 'ديلي تلغراف' داعيا بريطانيا إلى الابتعاد عن التورط في منطقة الحظر الجوي قائلا انها ليست الطريقة المثلى للتعامل مع ليبيا. وقرأ الجنرال السابق الوضع في ظل حملات في كوسوفو والعراق والبوسنة حيث احتاجت بريطانيا 15 عاما للخروج من البوسنة و10 من كوسوفو و6 من العراق ولا تزال عالقة في افغانستان. وخلال هذه الحملات تمت خسارة الاف الارواح ودمرت حيوات ضعفها وانفقت المليارات. ومع ان الثمن ليس محددا مهما في التدخل لكن دروس الحروب السابقة تحتم على الدول ان تبدأ اية حملة من نقطة واضحة وهدف محدد. فلم يعد هناك مكان للافكار غير الناضجة والمتعجلة في حروب القرن ال 21 كما حدث في العراق مثلا. ويتساءل عن فكرة المنطقة الجوية التي تقوم على فكرة غير واضحة وهي التخلص من صدام متسائلا هل هي مهمتنا الاطاحة به؟ كما ان اي تدخل عسكري سيطرح تساؤلات منها هل يريد المجتمع المسلم حربا جديدة من العالم المسيحي- اليهودي؟ كما ان محاولة قوة خارجية للتحكم بأجواء بلد آخر تعتبر انتهاكا للسيادة مع ان البعض يناقش مع فكرة الحظر الجوي. ويناقش ان فكرة الحظر الجوي قد لا تجد دعما من اعضاء في مجلس الامن ومن اجل مناقشتها يجب ان تحظى باجماع من المجتمع الدولي. وذكر في النهاية ان الليبيين يستحقون دعمنا من اجل التغيير لكن علينا ان نتذكر ان هذه الحرب هي حربهم في النهاية.