انعقدت عشية امس الثلاثاء بالمكتبة الوطنية بالرباط ندوة فكرية تحت عنوان "التفكير في نموذج التحولات السياسية والمجتمعية المجتمع العربي الراهن" من تنظيم اتحاد كتاب المغرب وبيت الشعر والائتلاف المغربي للثقافة والفنون. في إطار مواكبة المؤسسات الثقافية المغربية الثلاث للأحداث الاحتجاجية التي شهدها ويشهدها الشارعان التونسي والمصري وما أسفرت عنه من نتائج. وشارك في الندوة التي أدراها عبد الرحيم العلام، مجموعة من الفاعلين الثقافيين والأكاديميين بينهم محمد العربي المساري وعبد الصمد بلكبير وحسن نجمي وكمال عبد اللطيف والحبيب بلكوش. وركزت مختلف المداخلات على أحداث الاحتجاجات التي يشهدها الشارع المصري بالخصوص. وقال المساري القيادي السابق في حزب الاستقلال " إن الحدث المصري فيه جانب رائع هو كون الشعب المصري استيقظ بعد أن ذهب الظن أن التاريخ نسيه". لكنه حذر من محاولة دخول الإدارة الأمريكية على الخط وتوجيه الأمور نحو وجهة غامضة واعتبر المساري أن الحدثين التونسي والمصري "كلاهما وليد مخاض طويل وشاق، وأنه إذا كانت الاحتجاجات في البلدين رفعت شعار "التغيير" فإنه في المغرب قابله منذ سنوات شعار "التصحيح". وأوضح الوزير الأسبق للإعلام أن المغاربة دخلوا في توافقات مهدت لطي صفحة سنوات الرصاص ، مبرزا أن ما يحتاجه الشباب المغربي "ومعه الشعب كله هو أن تخرج إلى الوجود مشاريع لا تزال معطلة". وذكر المساري كأمثلة إصلاح القضاء و التعليم وقانون الصحافة. ودعا إلى أن يتم إكمال ما وصفه "جدول الأعمال". من جانبه اعتبر القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عبد الصمد بلكبير "أن المغرب مثل مصر، لكن الفروق بينهما في بعض الحظوظ"، وهذه الحظوظ تمثلت في ما تم إنجازه بالمغرب خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي المتمثل في تشكيل حكومة تناوب توافقي. ووصف بلكبير ما يحدث في أرض الكنانة بأنه "لحظة تاريخية ولا شك،ومضمونها ثوري". غير أنه انتقد ما اعتبره بلبلة حاصلة في الشارع المصري بسبب أن المطالب تراكمت في لحظة واحدة فطرحت كلها في نفس اللحظة .. وحدد كمال عبد اللطيف، أستاذ الفلسفة بكلية الآداب بالرباط، منطلقه في التفكير في الحدثين التونسي والمصري هو المغرب. وقال أن التفكير في المشهد السياسي المغربي يتم "بلغات لا تعبر عن ما نحس به. وأضاف عبد اللطيف أن يجب علينا أن نعترف بما نحس به، رأفة بالمشروع الديمقراطي الذي انطلق بالمغرب قبل سنوات مؤكدا أن "معاركنا في الإصلاح لم تنته" مشددا على ضرورة تطوير المكتسبات التي تحققت في طريق ترسيخ المشروع الديمقراطي ،معتبرا أن "ما حدث وما يحدث في كل من مصر وتونس عبارة عن سلسلة من الوقائع المعقدة جدا"، اعترف بأنه يستعصي عليه فهم ما يجري ، إذ نحن أمام مشهد يزداد غموضا. من جهته قال الحبيب بلكوش، القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة، في مداخلته أن ما يحدث في تونس ومصر يستدعي التريث قبل استخلاص الدروس. مع ذلك اعتبر أننا أمام مرحلة لم تعد فيها المنطقة العربية كما كانت من قبل، إذ أصبح سؤال الإصلاح مطروحا بقوة". ولاحظ بلكوش أن مطالب التغيير التي تعالت في تونس ومصر جاءت بعد أن ظل العالم العربي بمعزل عن التحولات الديمقراطية ، على خلاف مناطق أخرى كأوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية. واعتبر بلكوش أن الطريقة التي قاد بها الشباب الثورة والتي استعملت فيها التقنيات الحديثة في التكنولوجيا تظهر أن أشكالنا التعبيرية السياسية والمدنية لم تعد تساير طموحات هؤلاء الشباب. وفي نظر بلكوش، فإن التخوفات المعلنة من كون المنطقة بصدد التعرض لغزو إسلامي غير صحيحة إذ أن الأحداث أظهرت أننا بصدد شباب يتملك الخطاب الديمقراطي وحقوق الإنسان".