ندد الطيب الفاسي الفهري، وزير الخارجية المغربي، بمواصلة إسرائيل تنفيذ سياساتها الاستيطانية وإعاقة كل المجهودات من أجل تحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط. وقال الفاسي الفهري، خلال افتتاح منتدى «ميدايز» في طنجة الليلة قبل الماضية، إن هناك عدة بدائل أصبحت مطروحة للنقاش من أجل الخروج من المأزق الحالي لمسلسل السلام في الشرق الأوسط، منها خيار حل السلطة الفلسطينية، الذي سيضع العالم أمام الصورة الحقيقية لواقع الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وخيار إعلان دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة، والدفاع عنها، والسعي لاكتساب الاعتراف بها من طرف الأممالمتحدة، خاصة مجلس الأمن، والقوى العظمى وعلى رأسها الولاياتالمتحدة. وأضاف الفاسي الفهري أنه يجب استخلاص الدروس من الوضعية التي وصلت إليها المفاوضات، وأن منتدى «ميدايز»، الذي ستتواصل أشغاله في طنجة إلى 13 من الشهر الحالي، بمشاركة شخصيات في قلب الأحداث مثل كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، يشكل فرصة مواتية لمثل هذا العمل. ويرتقب أن يخصص المنتدى اليوم حيزا مهما للقضية الفلسطينية، من خلال جلسة عامة وثلاث ورشات نقاش، حيث سيكون من بين أبرز المتحدثين فيها سلام فياض، رئيس وزراء السلطة الفلسطينية، وعمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، وصائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، ومارك أوتو، المندوب الخاص للاتحاد الأوروبي لمسلسل السلام في الشرق الأوسط، وكيث إليسون، عضو لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي، وأندري أزولاي، مستشار العاهل المغربي، وبرنار كوشنير، وزير خارجية فرنسا، وسفين الكالاج، وزير الخارجية الصربي، وميغيل أنخيل موراتينوس، وزير خارجية إسبانيا السابق، وعدة شخصيات دولية أخرى. وبخلاف الدورتين السابقتين، لم يوجه منظمو المنتدى هذه السنة أي دعوة للمشاركة لمسؤولين إسرائيليين كبار أو شخصيات سياسية إسرائيلية بارزة. وكانت مشاركة تسيبي ليفني في الدورة السابقة قد أثارت جدلا كبيرا في المغرب، وانتقادات لمنظمي المنتدى حيث اتهمته بعض الأوساط بالانخراط في مبادرة للتطبيع مع إسرائيل. غير أن إبراهيم الفاسي الفهري، رئيس المنتدى، ونجل وزير الخارجية المغربي، نفى أن يكون هناك أي توجه للتطبيع مع إسرائيل، وأن هدف المنتدى هو فتح النقاش حول القضايا العالمية الساخنة بمشاركة جميع الأطراف. وأشار الفاسي الفهري الابن إلى أنه نظرا إلى المأزق الذي يمر به مسلسل السلام، وتوقف المفاوضات، اكتفى المنتدى هذه السنة بدعوة بعض شخصيات المجتمع المدني الإسرائيلي المعروفة بمعارضتها لسياسة إسرائيل الاستيطانية، ومن بينها جدعون ليفي، الصحافي في صحيفة «هآرتس»، وبروس مادي وايزمان، من معهد موشي دايان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا بجامعة تل أبيب، اللذان سيتحدثان خلال إحدى ورشات النقاش الخاصة بمسلسل السلام في الشرق الأوسط. وعرف المنتدى هذه السنة توسعا في مجاله ليشمل آسيا وأميركا الجنوبية، وذلك بعد أن كان في دورته الأولى موجها إلى دول جنوب المتوسط، قبل أن ينفتح على أفريقيا في دورته الثانية، ليصبح ابتداء من العام الحالي «منتدى دول الجنوب» بمعناه الواسع الذي يغطي البلدان النامية في القارات الثلاث. وأشار الفاسي الفهري الابن إلى أن المغرب يحرص على ربط علاقات دبلوماسية جيدة مع مناطق العالم كافة، وأن يلعب أدوارا ريادية في مجال تعاون جنوب - جنوب، وجنوب - شمال. وأوضح الفاسي الفهري الابن أن المغرب يولي أهمية خاصة لعلاقاته الأفريقية، مضيفا أن أفريقيا حققت إنجازات مهمة، أخرجتها من دائرة التشاؤم إلى دائرة التفاؤل والأمل، وشدت إليها الاهتمام، مشيرا إلى أنه يوجد من بين هذه الإنجازات تحقيق أفريقيا معدل نمو بنسبة 5 في المائة، بينما لم يتجاوز المعدل العالمي 3 في المائة. كما أشار إلى أن أفريقيا تمكنت خلال السنوات الأخيرة من تحسين وضعها في الاقتصاد العالمي عبر تنويع تجارتها الخارجية. وزاد قائلا إن حصة التجارة مع أوروبا في المبادلات الخارجية للقارة الأفريقية نزلت من 51 في المائة إلى 28 في المائة، بينما ارتفعت حصة التجارة مع آسيا إلى 13 في المائة. وأبرز الفاسي الفهري الابن أن التعاون في قضايا الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات والجريمة ساهم في تعزيز علاقات المغرب مع دول أفريقية جنوب الصحراء. وأضاف أن كل دول أفريقيا لها علاقات جيدة ومستقرة مع المغرب، وعبر عن أمله في أن تجد مشكلات المنطقة المغاربية حلولا في سياق تطوير التعاون المتوسطي، الذي يتعثر بدوره بسبب قضية السلام في الشرق الأوسط. ودعا الفاسي الفهري إلى توسيع نموذج «اتفاقية الوضع المتقدم» للعلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي إلى بقية دول المنطقة المتوسطية. إلى ذلك، منح المنتدى جائزة «ميدايز» الكبرى لوزير الخارجية الأفغاني السابق، عبد الله عبد الله، تقديرا لقراره الشجاع بالتخلي عن المنافسة الانتخابية في أفغانستان سنة 2009، في الوقت الذي كان فيه يحتل المرتبة الثانية، واضعا بذلك المصلحة العامة لأفغانستان فوق المصلحة السياسية الشخصية.