أبلغ مسؤول ليبي رفيع المستوى «الشرق الأوسط» نقلا عن مسؤولين كبار في الاتحاد الأوروبي قولهم إن سويسرا ستسحب خلال الأيام القليلة المقبلة القائمة السوداء التي تمنع 188 مسؤولا ليبيا بمن فيهم الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي وأسرته وكبار مساعديه ومسؤولي الحكومة الليبية من دخول الأراضي السويسرية. وقال المسؤول الليبي ل«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، عقب الاجتماع المفاجئ الذي عقده موسى كوسا، وزير الخارجية الليبي أمس في روما مع نظيريه الإيطالي فرانكو فراتيني، والمالطي تونيو بورغ: «نتوقع أن تسحب السلطات السويسرية هذه القائمة في أسرع وقت». وأكد المسؤول ذاته أن ليبيا لن تعيد النظر في القرار الذي اتخذته قبل يومين بمنع رعايا دول الاتحاد الأوروبي باستثناء بريطانيا من دخول الأراضي الليبية ما لم تعلن السلطات السويسرية رسميا سحب هذه القائمة. واعتبر المسؤول الليبي أن من حق بلاده اتخاذ كافة الإجراءات للحفاظ على حقوقها في مواجهة «التصعيد السويسري الأخير»، لافتا إلى أن طرابلس تسعى في المقابل إلى الإبقاء على علاقات جيدة مع دول الاتحاد الأوروبي على أساس الاحترام المتبادل. ووصف القائمة السويسرية الأخيرة بأنها إهانة بالغة للشعب الليبي ولقائده العقيد القذافي، ملمحا إلى أن ليبيا ستطلب من قادة وزعماء الدول العربية خلال القمة العربية التي ستعقد في طرابلس الشهر المقبل اتخاذ ما يلزم لوضع حد ل«العجرفة السويسرية تجاه ليبيا». وكان وزير الخارجية الإيطالي قد دعا ليبيا أمس إلى تبني «مرونة برجماتية تجاه الدول المنتمية إلى فضاء شنغن»، والتي لاحظ أنه لا علاقة لها بشأن الخلافات الثنائية بين سويسرا وليبيا، كما ناشد ليبيا السماح لمواطنَين سويسريين تمت محاكمتهما بتهمة الإقامة غير الشرعية بمغادرة أراضيها. واعتبر فراتينى، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيريه الليبي والمالطي، أن «فضاء شنغن ينبغي استخدامه لتجنب دخول إرهابيين ومجرمين» إلى دول المنطقة و«ليس لحل نزاعات ثنائية». وأعلن فراتيني وفقا لتقارير واردة من روما أنه خاطب نظيرته السويسرية، ميشلين كالمي ري، وقال: «أبلغتني ليبيا عن استعدادها لإنجاز اتفاقية تقضي بعودة المواطنين السويسريين من ليبيا، في حين تسحب سويسرا القائمة السوداء» التي، حسب فراتيني، «أهانت بعمق ومست مشاعر 188 شخصية ليبية من بينها العقيد القذافي وعدد من أفراد عائلته». وأعلن فراتيني، من جهة أخرى، أن «ليبيا وسويسرا أعربتا عن استعدادهما لمحاولة حل الخلاف القائم بينهما»، وقال في تصريحات تلفزيونية نقلتها وكالة أنباء «آكي» الإيطالية أن «الليبيين تشاوروا معنا، وبالتأكيد هناك استعداد لتوقيع قريب على اتفاق مع سويسرا، يقضي بالسماح للمواطنين السويسريين بالعودة فورا إلى بلادهما، وحذف القائمة السوداء التي تقدمت بها سويسرا». وأضاف أن «سويسرا على استعداد للمضي قدما في المفاوضات، ومن الواضح أن يكون هذا عبر طلبها الإفراج الفوري لمواطنيها، حسب اعتقادي»، مشددا على أن «هذا الاتفاق يمكن القيام به إن كان هناك إرادة سياسية لدى الطرفين». وأكد فراتيني أنه «تم في الساعات ال24 الماضية السماح لجميع مواطنينا الذين وصلوا طرابلس وكذلك المالطيين بدخولها، وأعتقد أن ليبيا قد فهمت أن الأمر يتطلب مرونة، وأنه لا يمكن اللجوء إلى الانتقام». وأعرب عن أمله في أن «يسمح لجميع المواطنين الأوروبيين بالدخول إلى ليبيا»، وقال: «هذا ما سنؤكده في اجتماع مجلس وزراء الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين المقبل». واستبقت إيطاليا هذا الاجتماع باقتراح يتضمن منح المواطنين الليبيين تأشيرات لمنطقة شنغن باستثناء سويسرا، فيما قال بيان صادر عن وزارة الخارجية الإيطالية إن «إيطاليا ومالطا توجهان مرة أخرى نداء إلى سويسرا لتسريع المفاوضات للتوصل إلى اتفاق مع ليبيا، ومعالجة كافة القضايا العالقة، وإلغاء قائمة الأسماء التي أدخلتها في نظام معلومات شنغن، ونشرت في الأيام الماضية». وكانت المفوضية الأوروبية قد أعربت مساء أول من أمس عن أملها بإمكانية إيجاد حل دبلوماسي تفاوضي بين ليبيا والدول المشمولة بمنطقة شنغن، حيث قال ميكيليه تشيركونه، الناطق باسم المفوضة الأوروبية المكلفة الشؤون الداخلية، سيسيليا مالمستروم، إن المفوضية تعالج الآن «قضية واضحة» هي «قيام ليبيا بوقف منح تأشيرات دخول لمواطني الدول التابعة لمنطقة شنغن، دون النظر في إشكالية العلاقات السويسرية - الليبية»، والإجراءات التي اتخذتها سويسرا. يشار إلى أن ليبيا اتخذت إجراءات عقابية شديدة تجاه سويسرا بعد القرار الذي اتخذته مؤخرا بمنع 188 مسؤولا ليبيّا بمن فيهم القذافي وعائلته من دخول أراضيها، على خلفية الأزمة الدبلوماسية القائمة بين طرابلس وبرن منذ حادث توقيف هانيبال القذافي وأسرته في جنيف صيف العام قبل الماضي بناء على شكوى تقدم بها اثنان من خدمهما بدعوى تعرضهما لسوء معاملة. وتوترت العلاقات بين البلدين بعد ذلك واتخذت ليبيا إجراءات انتقامية بسحبها أرصدتها من المصارف السويسرية، بينما سحبت برن عددا من شركاتها، وفرضت قيودا على منح تأشيرات شنغن للمواطنين الليبيين. وتحتج ليبيا منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على فرض الاتحاد الأوروبي قيودا على منح مواطنيها تأشيرات شنغن، وتنتقد «تضامنه المنهجي المبرمج» مع برن، وقد هددت مؤخرا بتشديد سياستها في منح التأشيرات إلى الأوروبيين. إلى ذلك، أعلن متحدث باسم الحكومة السويسرية أمس أنها لن تغير من سياستها التقييدية إزاء منح تأشيرة دخول أراضيها لليبيين. وعقب الاجتماع الأسبوعي للمجلس الفيدرالي (الحكومة) في برن، نقلت وكالة الأنباء السويسرية عن أندري سيمونازي قوله إن القرار سيظل قائما. وجاء هذا الإعلان على الرغم من الدعوات المتنامية في إيطاليا ومالطا لسويسرا بتخفيف سياستها وحل الأزمة التي بدأت قبل 18 شهرا مع ليبيا بشكل ثنائي.