عاد الهدوء النسبي إلى زنازين سجناء الحق العام بالسجن المدني في دار النعيم بالعاصمة الموريتانية نواكشوط بعد ساعات احتجاج وتهديد بالعصيان واستعمال العنف بعد وفاة أربعة سجناء في ظروف غامضة. يعيش بداخل الزنازين أكثر من 1200 سجين علت صرخاتهم احتجاجا على ما وصفوه ب "محاولة سلطات السجن التكتم على انتشار وباء مميت داخل عنابر المؤسسة العقابية وعزل القوة العسكرية الموجودة بالمعتقل ل32 سجينا في غرفة واحدة دون تقديم أي رعاية صحية لهم". وبحسب تصريحات أحد السجناء تحدث إلى "صحراء ميديا " ان هؤلاء السجناء "كانوا يسعلون بقوة وتتقيح أجسادهم بشكل مقزز، وكان بعضهم مغميا عليه، وتم حشرهم من طرف الحرس في زنزانة واحدة وكان الحرسيون يضعون أقنعة وهم يسحبون السجناء الى زنزانة العزل" حسب تعبيره. ويضيف :"في ظل حالات الوفاة نحن مرعوبون مما يحدث وسجلنا حالات وفاة ل 15 سجينا منذ السادس من سبتمبر الماضي وهذا يجعلنا نعيش في خوف". ويشهد السجن في هذه الآونة حالة من الهلع في أوساط السجناء والسجانين على حد السواء، بموازاة قلق أهالي السجناء، الذين يستفسرون عن أسباب تأخر تدخل السلطات العمومية لاحتواء مضاعفات تردي الأوضاع الصحية للمساجين، وهو موضوع رد عليه وزير الصحة الموريتاني الشيخ المختار ولد حرمة؛ الذي انتقل إلى السجن لتفقد احوال المساجين، بأن الدولة ستبذل جهودا للسيطرة على الوضع وتقديم العلاج والدواء للسجناء، وسط احتجاجات أهاليهم الذين اعترضوا طريقه وطالبوا ب "ضبط الموقف"..والتدخل بسرعة لحماية المساجين وكشف حقيقة ما يجري. الوزير جاء بعد زيارة عاجلة قام بها وزير العدل عابدين ولد الخير، والمدعي العام والرائد المسؤول عن السجون ووكيل الجمهورية بنواكشوط لتفقد أوضاع المرضى، بعد انتشار حالة رعب مدوية وصلت الى الحرسيين المشرفين على أكبر سجون البلاد. "لا نعرف ماذا يحدث لهؤلاء السجناء..يبدو ان الأمر خرج عن السيطرة" يقول احد "السجانين" من الحرس الوطني الموريتاني وهو يتحدث متأثرا بالوضع. وبدا السجن العملاق غارقا في مشاكل تراكمت منذ سنين تعايش فيها عدد من السجناء بآلامهم وآمالهم قبل أن ينفجر ما اعتبرته منظمات حقوقية "كارثة وطنية" بحسب الناشطة الحقوقية آمنة بنت المختار التي اعتبرت ان "من العار على تقاليد الجمهورية الاسلامية ودستور البلاد ان تنتهك حقوق السجناء وان يعيشوا وضع مؤسفا بين جدران الزنازين". وأعرب أحد السجناء؛ في اتصال هاتفي مع صحراء ميديا، عن قلقه البالغ من وضعية السجن حيث قال إنه يعيش حالة قلق، مضيفا أن فرقة الحرس استعانت منذ يومين بمن وصفهم ب "أمراء الزنازين" لضبط الرعب الذي انتشر. وفي ساعات مبكرة من صباح الخميس أعلن بعض سجناء الحق العام استعدادهم لاستعمال العنف ضد ما اعتبروها "بيروقراطية السجن" المرفوضة والتي تقضي بوضع كبار الموظفين والمسؤولين المهمين بالفساد في جناح "اليمين" الذي يحظى بعناية كبيرة وامتيازات خاصة، وفي ذات الوقت يوضع باقي المتهمين في جناح "اليسار" الذي شهد حالات الوفاة. من داخل السجن المركزي بمقاطعة دار النعيم، وفي ظروف غامضة، أكدت المصادر أن هنالك عددا من المصابين بأمراض لم تعرف طبيعتها، "منهم سجينان في حالة مرضية حرجة"، أبلغنا بوفاتهما لاحقا. وكان سجينان آخران قد فارقا الحياة يوم الأربعاء في السجن ذاته، مصابين بذات الأعراض التي يعاني منها المصابون، والتي لم تتضح بعد أسبابها. وقال أحد عمداء سجن دار النعيم في لقاء مع صحراء ميديا "نطالب بالإسراع باكتشاف الوباء الذي يحصد أرواح المساجين، وعزل المرضى حسب أمراضهم وعدم حشرهم جميعا في عنبر واحد.. وتزويد السجن بطبيب خاص به (بعد استقالة طبيبه) وبالأدوية وسيارة اسعاف". الأنباء عن "وباء غامض" في السجن وصلت إلى سكان حي دار النعيم الذين قرروا ترك بيوتهم القريبة من السجن الكبير الذي شيده مهندسون يابانيون وبدأ تشغيله عام 2007 قبل أن يتجاوز عدد السجناء القابعين فيه أربعة أضعاف العدد المفترض وهو 300 شخصا.