اعتبر المراقبون خلو خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس في مناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، من أية إشارة إلى الأزمة الدبلوماسية الأخيرة بين بلاده وإسبانيا، مؤشرا على أن التهدئة أخذت طريقها فعلا إلى التحقق بين الرباطومدريد. وبرأي المراقبين، فإن التصريحات المغربية الأخيرة، صبت كلها في اتجاه إنجاح الزيارة التي سيقوم بها إلى الرباط يوم الاثنين المقبل، بيريث روبالكابا، وزير الداخلية الإسباني بعد نجاح التمهيد لذلك بالزيارة الخاطفة التي قام بها يوم الأربعاء الماضي المدير العام للأمن والحرس المدني الإسباني الذي بحث مع كبار المسؤولين الأمنيين المغاربة الأحداث الأخيرة التي وقعت عند المعبر الحدودي "بني أنصار" على مشارف مدينة مليلية المحتلة، أعقبتها عودة الهدوء إلى المعبر وانسحاب الناشطين المغاربة من نقطة الاحتجاج ضد الإسبان. ولوحظ في هذا الصدد أن وسائل الإعلام الرسمية المغربية انتقدت بدورها الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة الإسبانية السابق خوصي ماريا أثنار، بمثل العبارات التي استعملها لذات الغاية الحزب الاشتراكي العمالي الحاكم، هذا إضافة إلى تصريحات أخرى متفائلة لعدد من المسؤولين الاشتراكيين من الحزب والحكومة في إسبانيا، أجمعت كلها على أن الخلاف المغربي الإسباني قد تم تجاوزه. واستمر الحزب الشعبي المعارض في توجيه سهام النقد للاشتراكيين واتهامهم بالضعف والاستسلام للضغوط المغربية . وكان الشعبي الإسباني ركز هجومه على وزير الخارجية ميغيل أنخيل موراتينوس، الذي تصادف اندلاع الأزمة مع المغرب مع قضائه عطلة الصيف في فرنسا، بينما رجحت تقارير رغبته في الابتعاد عن أجواء الأزمة لأنها ذات طابع أمني. وأمام استمرار النقد الموجه إليه، اضطر موراتينوس إلى الرد على انتقادات حزب المعارضة الرئيسي، حيث رفض تسمية ما وقع بين بلاده والمغرب بالأزمة كيفما كان حجمها، بل حتى الأزمة المحتلمة، وهي في رأيه مجرد حوادث صغيرة، مشيرا إلى أنه اتصل خلال أيام التوتر بنظيره المغربي الطيب الفاسي الفهري، كما كان على اتصال دائم بوزير الداخليىة روبالكابا الذي افلح في أقناع الجانب المغربي بمجيئه إلى الرباط وتابع الموقف من خلال لوصله يوميا بتقارير من وزارة الخارجية في مدريد وفي تطور إيجابي جديد أعلنت اليوم الجمعة نائبة رئيس الحكومة الإسبانية ماريا تيريسا دي لافيغا، أن موراتينوس، سيجتمع الشهر المقبل مع نظيره المغربي الطيب الفاسي الفهري، دون أن توضح أين سيتم اللقاء ولكنه في الأغلب سيجري في المغرب. وكا ن موراتينوس قد أعلن في تصريحات أخرى لإذاعة "كادينا صير" الواسعة الذيوع أن السفير المغربي المعين في مدريد أحمد ولد سويلم، سيلتحق بمنصبه في غضون شهر، مضيفا أن تأخير التحاقه يعود إلى شهر رمضان. وأكد رئيس الدبلوماسية الإسبانية عدم وجود فراغ دبلوماسي بين عاصمتي البلدين الجارين ، بل يتم تشغيل أحسن قنوات التواصل بينهما. ومن جهتها أكدت نائبة رئيس الحكومة الإسبانية، ما صرح به وزير الإعلام المغربي، خالد الناصري، يوم أمس الخميس، بخصوص الزيارة المرتقبة للعاهل الإسباني إلى المغرب، التي ستتم قريبا حسب الوزير المغربي. وأوضحت دي لافيغا، بهذا الصدد أن التشاور بين العاهلين أم اعتيادي منذ مدة، يدل على العلاقات الطيبة القائمة بين البلدين لكن المسؤولة الإسبانية تركت بدورها موعد الزيارة مفتوحا. ويبدو أن تطور العلاقات الثنائية بين البلدين في المستقبل القريب، سيتقرر خلال زيارة وزير الداخلية الإسباني للرباط على اعتبار أنه يتمتع بثقة رئيس الحكومة خوصي لويس ثباطيرو، فضلا عن تأثيره في الحزب الاشتراكي والحكومة، حيث ينظر إليه الر أي العام الإسباني من بين أحسن وزراء الداخلية الذين نجحوا في معالجة ملف الإرهاب الذي تتعرض له إسبانيا سواء من الداخل على يد المنظمة الانفصالية "إيتا" أو من تنظيمات خارجية.