أفادت إحصاءات تونسية رسمية بأن عدد المشاريع التي أسسها المغتربون في البلاد ارتفع إلى 11 ألف مشروع بين عامي 1987 و2009 بقيمة إجمالية بلغت 415 مليون دينار تونسي (310 ملايين دولار). وأظهرت إحصاءات «ديوان التونسيين في الخارج» (هيئة حكومية) أن مشاريع المغتربين هذه أتاحت إيجاد 46 ألف فرصة عمل. وتتمثل غالبية المشاريع في مؤسسات صغيرة الحجم لا تتجاوز استثماراتها في المتوسط 38 ألف دينار تونسي (26 الف دولار) وتُشغّل أربعة عاملين فقط. وركز المغتربون على قطاع الخدمات (بنسبة 65 في المئة) والصناعة (25 في المئة) والزراعة (10 في المئة). وخلافاً للتحويلات المالية التي حققت نمطاً متصاعداً في العقود الثلاثة الأخيرة، اتسمت الاستثمارات بعدم الاستقرار، وسجلت تراجعاً كبيراً اعتباراً من أواسط تسعينات القرن العشرين، قبل أن تتخذ منحى تصاعدياً منذ عام 2005، إلا أن استثمارات المغتربين عاودت التراجع هذه السنة بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، لكن التراجع لم يشمل التحويلات المالية. ولوحظ أن المئات من العاملين في أوروبا ودول الخليج عادوا نهائياً إلى بلادهم، بعدما فقدوا مراكز عملهم نتيجة الصعوبات التي تمر بها دول الإقامة. وأوضح مسؤولون في «الوكالة التونسية للتعاون الفنّي»، المسؤولة عن متابعة أوضاع الفنيين العاملين في الخارج، أن غالبية العائدين هم ممن ليست لديهم وثائق عمل او إقامة وكانوا ينتظرون تسوية أوضاعهم. وأفادوا بأن هؤلاء يستطيعون، لو أرادوا، إدخال معدّات وتجهيزات من دون دفع ضرائب لإقامة مشاريع في بلدهم، إلا ان إمكاناتهم المادية لم تسمح لهم بتأمين التجهيزات اللازمة لإقامة مشاريع. وارتفعت تحويلات المغتربين التونسيين المالية العام الماضي إلى بليوني دولار، بعدما كانت في حدود 1.8 بليون دولار عام 2008، على رغم الأزمة الاقتصادية التي ضربت الدول الأوروبية ومَيل قسم من المهاجرين إلى الاستقرار في دول العمل. وأعلن وزير الشؤون الاجتماعية التونسي ناصر الغربي عن إنشاء صندوق خاص لحفز المغتربين على إقامة مشاريع استثمارية في بلدهم. ويبلغ رأس مال «صندوق التجديد والتطوير التكنولوجي» 50 مليون دينار (37 مليون دولار)، وهو يرمي إلى دعم مشاريع استثمارية تتراوح تكلفتها بين مئة ألف دولار وأربعة ملايين دولار، مع التركيز على المشاريع ذات القيمة المضافة العالية. وأُلغيت الإجراءات الإدارية والوثائق التي كانت تُطلب من المغتربين لإقامة مشروع استثماري في بلدهم. وتعتزم تونس توحيد بطاقتي الهوية الجبائية والجمركية واختصار الإجراءات اللازمة للتصديق على إنشاء المشاريع الموجهة بالكامل للتصدير. ولا يزال المهاجرون التونسيون العائدون إلى بلدهم لتمضية الإجازة الصيفية يشكلون حافزاً رئيساً للحركة الاقتصادية في الصيف، إلى جانب السياح الجزائريين والليبيين الذين تجاوز عددهم المليون سائح هذه السنة. ويعمل أكثر من مليون تونسي في الخارج، أي نحو 10 في المئة من العدد الإجمالي لسكان البلاد. وتقيم غالبيتهم في فرنسا، فيما يتوزع الباقون على ألمانيا وإيطاليا وبلجيكا ودول الخليج. وتستقطب قطر معظم التونسيين المقيمين في الخليج، الذين ارتفع عددهم إلى 10 آلاف شخص يعملون في قطاعات النفط والمصارف والصحّة والتعليم والإعلام والكهرباء. وأظهرت إحصاءات غير رسمية أن المهاجر العائد صيفاً إلى تونس، والذي يُمضي في المتوسط ثلاثة أسابيع بين أقربائه، يُنفق بين ألفين وثلاثة آلاف دولار في المتوسط.