"الشرق الأوسط": نعيمة المباركي قال عبد اللطيف معزوز، وزير الجاليات المغربية في الخارج إن هناك كفاءات مغربية في إسبانيا وإيطاليا، تعيش حالة بطالة غير مسبوقة، يمكن أن تجد متنفسا لها في دول الخليج العربي. وأشار معزوز، في حوار خص به «الشرق الأوسط» في الرباط، إلى أن المغرب يسعى إلى استثمار جميع الفرص المتاحة لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بينه وبين دولة الإمارات العربية المتحدة وسائر دول الخليج العربي، في سياق القرار الذي أصدره مجلس دول التعاون الخليجي بالمساهمة في تطوير الاقتصاد المغربي بميزانية تصل إلى خمسة مليارات دولار. وعبر المسؤول المغربي عن أمله في أن تعمل الشراكات القائمة أو التي ستقام عما قريب، وتشمل جميع الميادين الاقتصادية والتجارية والمالية، على إفساح المجال للاستعانة أكثر بالخبرات المغربية سواء منها المقيمة في المغرب أو خارجه. وتطرق معزوز إلى قضايا متعددة تهم الجاليات المغربية في الخارج خاصة في سوريا والعراق وأفريقيا، وفي ما يلي نصر الحوار. * تعتزم الإمارات الاستعانة بمغاربة في مختلف المجالات وكان مبعوثا إماراتيا استقبل من طرف الملك محمد السادس، وبحث الأمر، ما التفاصيل في هذا الشأن؟ - يسعى المغرب إلى استثمار جميع الفرص المتاحة لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بينه وبين دولة الإمارات العربية المتحدة وسائر دول الخليج العربي، في سياق القرار الذي أصدره مجلس دول التعاون الخليجي بالمساهمة في تطوير الاقتصاد المغربي بميزانية تصل إلى خمسة مليار دولار، والمؤكد أن وجود جالية مغربية بهذه المنطقة، نشيطة وحاضرة بكفاءتها وخبرتها وطموحها، سيعمل على توثيق روابط التعاون أكثر فيما بيننا، ونحن نأمل أن تعمل الشراكات القائمة أو التي ستقام عما قريب، وتشمل جميع الميادين الاقتصادية والتجارية والمالية، على إفساح المجال للاستعانة أكثر بالخبرات المغربية سواء منها المقيمة في المغرب أو خارجه، خاصة أن هناك كفاءات مغربية في إسبانيا وإيطاليا، تعيش حالة بطالة غير مسبوقة، ويمكن أن تجد متنفسا لها في دول الخليج العربي. * هل لا يزال هناك مغاربة عالقون في سوريا؟ - لا بد من الإشارة إلى أنه منذ اندلاع الاحتجاجات في سوريا شرعت الوزارة في تتبع الوضع وتأثيراته المحتملة على المغاربة المقيمين هناك، والبالغ عددهم نحو 1200 شخص، وهكذا تشكلت «خلية مشتركة لليقظة» مع وزارة الخارجية، وتم إنشاء خلية مركزية دائمة للاتصال طوال أيام الأسبوع بمقر وزارة الخارجية، ووضع رقم هاتفي خاص للاستفسار رهن إشارة العائلات المغربية في سوريا، وفي المغرب، وهذه الخلية ما زالت قائمة، كما أن سفارتنا في دمشق أخذت من جهتها جميع التدابير لتأمين التواصل مع أفراد الجالية؛ حيث أنشأت خلايا للتواصل تتكون من اثنين أو ثلاثة مغاربة في مختلف المدن السورية الكبرى مثل دمشق وحلب وحمص واللاذقية وحماة، ولتسهيل مهام سفارتنا وضعت الوزارة رهن إشارتها الاعتماد المالي الضروري لأداء مصاريف تذاكر سفر المغاربة، مع إعطاء الأولوية للفئات المعوزة، الذين تضررت مساكنهم، والموجودين في المناطق الساخنة مع تكفل الوزارة أيضا بمصاريف الإيواء المؤقت بالفنادق في انتظار ترحيل المنحدرين من مدن بعيدة، وقامت الوزارة حتى الآن بتحمل مصاريف ترحيل أكثر من 400 شخص معظمهم منهم الأطفال، مع الإشارة إلى أن عددا كبيرا من المغاربة عادوا من تلقاء أنفسهم إلى المغرب دون طلب مساعدة، في حين غادر آخرون سوريا نحو بلدان مجاورة من تلقاء نفسهم ودون طلب مساعدة السفارة والوزارة. وأود التأكيد أن عملية الترحيل ما زالت مستمرة بناء على طلب من يرغب في ذلك، في حين التحق فريق عمل السفارة في سوريا بسفارتنا بالأردن. * ما آخر تطورات ملف المغاربة المحكومين في العراق؟ - موضوع المغاربة الذين صدرت ضدهم أحكام من طرف القضاء العراقي يحتل مكانة مهمة ضمن أولويات السلطات المغربية؛ حيث تعكف وزارة الخارجية على متابعة هذا الملف بتشاور مع السلطات العراقية بغرض توضيح الملابسات المتصلة به بما يضمن شروط المحاكمة العادلة في إطار العناية بالحقوق القانونية للمغاربة المقيمين في الخارج. وفي هذا السياق، تقدم الوزارة المكلفة المغاربة المقيمين في الخارج المساعدة القضائية من خلال التكفل بمصاريف وأتعاب مكاتب المحاماة التي يتم توكيلها لتقديم الاستشارة القانونية والدفاع عن المغاربة المتابعين قضائيا. * هناك أنباء حول مواجهة الجالية المغربية في ليبيا الكثير من المشاكل، هل أجريتم اتصالات مع السلطات الليبية بشأن ذلك؟ - وضعنا خطة عمل خاصة بالجالية المغربية في ليبيا، خاصة في ظل التطورات التي شهدتها أخيرا الشقيقة ليبيا؛ حيث وضعت الوزارة برنامجا سنويا خاصا بالنهوض بأوضاع هذه الجالية، ومواكبة احتياجاتها في مختلف المجالات. ويتضمن هذا البرنامج ثلاثة محاور أساسية يحتوي كل منها على مجموعة من التدابير والإجراءات المتكاملة، والتي يمكن تلخيصها كالتالي: بالنسبة للمحور الأول، وهو اجتماعي، يتمثل في إنشاء صندوق مالي للدعم الاجتماعي قدره 500 ألف درهم (نحو 600 ألف دولار) في كل من قنصليتي بنغازي وطرابلس، ورصد ميزانية سنوية تبلغ 200 ألف درهم (25 ألف دولار) للقنصليتين لتعزيز الاستشارة القانونية وتعميم المساعدة القضائية على جميع المراكز القنصلية، عبر التعاقد مع محامين محليين للدفاع عن حقوق ومصالح المغاربة، وتعيين وزارة الشؤون الخارجية والتعاون مجموعة من كوادرها المتمرسة في المجال الاجتماعي للعمل بكلتا القنصليتين، وتحمل مصاريف ترحيل جثامين المغاربة المعوزين إلى أرض الوطن إضافة إلى تحمل مصاريف سفر المغاربة المعوزين إلى أرض الوطن من أجل العلاج المجاني طبقا لاتفاق مع وزارة الصحة المغربية. ويشمل المحور الثاني التعليم والتكوين، وتخصص الوزارة للطلبة المغاربة الذين ينتمون إلى أسر معوزة بتعاون مع وزارة التعليم العالي المغربية نحو 400 منحة سنويا، إضافة إلى استفادة مجموعة من الشباب في وضعية اجتماعية صعبة من برامج التكوين المهني والحرفي بالمغرب في تخصصات مختلفة بعدد من المدن المغربية مع تحمل جميع المصاريف، وخلال موسم 2012 - 2013 تم تخصيص 40 مقعدا في الجامعات المغربية لأبناء الجالية المغربية في ليبيا. المحور الأخير يشمل الجانب الثقافي والترفيهي من خلال استكمال إنشاء وتجهيز مركز ثقافي مغربي بطرابلس، وتمكين أكثر من 80 طفلا من المشاركة في المخيمات الصيفية بالمغرب، إضافة إلى إشراك مجموعة من الشباب في الجامعات الصيفية لشباب المهجر التي تنظمها الوزارة سنويا. وأود الإشارة إلى أنه في أعقاب الأحداث السياسية التي عرفتها ليبيا، بادرت الوزارة إلى ترحيل أزيد من 17 ألف مغربي إلى أرض الوطن مع وضع برنامج لتسهيل إعادة اندماجهم. وأؤكد أن اللقاءات مع الإخوة في ليبيا مستمرة عبر السفارة المغربية بطرابلس أو خلال اللقاءات الثنائية، ونعمل على إيجاد حلول تدريجية لهذه المشاكل، مثلما كان الشأن بالنسبة للتعليم الذي يستفيد منه أبناء الجالية مجانا، على غرار الليبيين ومن بينها مسألة معالجة الحالات المسجلة المتعلقة بالأضرار التي لحقت بمصالح وممتلكات المغاربة جراء الأحداث السياسية والأمنية الأخيرة، والمنتظر التداول بشأنها خلال الاجتماع المقبل للجنة القنصلية المشتركة المغربية - الليبية، إضافة إلى طرح المواضيع الأخرى المرتبطة بتسوية الوضعية القانونية لأفرد الجالية وتحديث الاتفاقيات المبرمة بين البلدين خاصة في مجال الحماية الاجتماعية واستقدام العمالة المغربية. * يسود شعور وسط الجاليات المغربية في أفريقيا، بوجود قلة اهتمام بها عكس نظرائها في أوروبا! - نحن نتعامل مع المغاربة المهاجرين دون أي تمييز، ونحرص على زيارة أهم المدن والعواصم بتنسيق مع مصالحنا في السفارات والقنصليات، من أجل الوصول إلى أفراد جالياتنا والاستماع إلى مطالبهم وانتقاداتهم، وأؤكد أن التدابير والقرارات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي اتخذناها أو سنتخذها تتوجه إلى كل المغاربة في الخارج بغض النظر عن القارة أو الجهة أو الدولة التي تستضيفهم، وبغض النظر عن كبر أو صغر حجم الجاليات التي يشكلونها. وعلى العكس مما يقال، فإن الوزارة تولي أهمية خاصة لمغاربة أفريقيا، وهذا يتجلى في الأرقام من خلال البرامج التي وضعتها الوزارة للنهوض بأوضاع المغاربة المقيمين في الدول الأفريقية، والتي لم نخص بها مغاربة أوروبا أو أميركا، ومن ذلك تقديم منح دراسية للطلبة المنحدرين من أسر معوزة؛ حيث استفاد خلال السنوات الثلاث الأخيرة 1098 طالبا من المغاربة المقيمين بكل من الجزائر، وساحل العاج، ومصر، وليبيا، وموريتانيا، والسنغال، وتونس، وللإشارة فمغاربة أفريقيا خصصنا لهم العام الماضي 80 في المائة من هذه المنح نظرا لوضعية الهشاشة التي يوجدون عليها بالنظر لإخوانهم بباقي دول المعمور. كما أدت الوزارة منذ عام 2009 مصاريف التسجيل في المدارس لفائدة التلاميذ المنحدرين من أسر مغربية معوزة مقيمة في ساحل العاج. وضاعفنا العام الماضي الدعم المخصص لهذا الأمر ثلاث مرات لتغطية طلبات جميع الأسر المحتاجة حيث خصصنا مليوني درهم. كما خصصنا مساعدات مادية لتشجيع تعليم أبناء نحو ألف أسرة مغربية من المغاربة المقيمين بالجزائر. وفي هذا الشأن، قمنا كذلك بمضاعفة الدعم المخصص خلال السنة الماضية؛ حيث وضعنا رهن إشارة المراكز القنصلية المغربية في وهرانوالجزائر العاصمة وسيدي بلعباس مليون درهم (120 ألف دولار) كما خصصنا مليون درهم أخرى في إطار المساعدة القضائية والقانونية للمغاربة في بعض الدول الأفريقية، وتم إنشاء صناديق للدعم المالي بمجموعة من المراكز الدبلوماسية والقنصلية المغربية في كل من ساحل العاج وتونس وليبيا والسنغال ومصر والجزائر وذلك بميزانية تصل إلى مليوني درهم سنويا من أجل توفير الدعم الاجتماعي للمغاربة في وضعية صعبة، ومن بين حصيلة هذا الدعم نذكر على سبيل المثال، ترحيل 50 مغربيا كانوا في وضعية صعبة من السودان ومصر والجزائر وليبيا وتونس وساحل العاج إلى المغرب بناء على طلبهم، وعلاج عشرات المغاربة المقيمين في أفريقيا مجانا إما في المغرب أو ببلد الإقامة نظرا لعدم توفرهم على التغطية الصحية ببلدان الإقامة، إضافة إلى توزيع دعم مالي مباشر للمئات من المغاربة المقيمين في الجزائر. وأود الإشارة إلى مشاركة 215 شابا وشابة مقيمين في تونسوالجزائر، والسنغال، وساحل العاج، سنويا في الجامعات الصيفية التي تنظمها الوزارة إلى جانب الشباب المقيمين بباقي دول العالم. وهناك مشاركة العشرات من المغاربة في الجزائر، وليبيا، وتونس، والغابون، وغامبيا، وساحل العاج، والسنغال، ومالي، في برنامج التكوين المهني وحرف الصناعة التقليدية الذي يتم تنظيمه سنويا بشراكة مع مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل ووزارة السياحة، كما شارك 150 طفلا ينحدرون من أسر مغربية معوزة مقيمة في عدد من البلدان الأفريقية من المشاركة سنويا في المخيمات الصيفية التي تنظمها عدة مؤسسات عمومية خاصة. كما تكفلت الوزارة بمصاريف ترحيل 38 من جثامين المغاربة المعوزين من تونس وليبيا والجزائر والسنغال وجنوب أفريقيا، ومالي وساحل العاج، وأوفدنا بعثة تقنية مكلفة دراسة قضايا الجنسية إلى المغاربة في السنغال وغامبيا لإثبات جنسيتهم المغربية، إذ تمت دراسة 143 حالة، منها 114 في السنغال و29 في غامبيا. وأود الإشارة إلى أنني منذ الشهور الأولى لتولي مسؤولية هذه الوزارة، قمت بزيارات ولقاءات مع جالية في كل من الغابون والكاميرون، كما قام مسؤولون في هذه الوزارة بعدة مهمات وزيارات تفقدية لدول السنغال، وساحل العاج، والجزائر، وتونس للتواصل مع جاليتنا في هذه الدول، وتتبع تنفيذ البرامج الاستعجالية المسطرة لفائدتها. * يتردد أن هناك مشاكل في التنسيق بين وزارتكم ووزارة الخارجية؟ - أؤكد لكم أنه ليس هناك بتاتا مشاكل في التنسيق بيننا لسبب بسيط هو أنه لا يمكن لهذه الوزارة، التي ليس لها ممثلين في الخارج، أن تعمل إلا من خلال التعاون التام مع وزارة الخارجية، من هذا المنطلق، نحن ننسق مع التمثيليات الدبلوماسية والمراكز القنصلية ونقدم ما في وسعنا من مقترحات ومبادرات من أجل الرفع من جودة العمل القنصلي وإقرار الحكامة وسياسة القرب في سبيل الارتقاء بالخدمات للمغاربة بالخارج. * أنت تمثل حزب الاستقلال في الحكومة وحضرت المؤتمر الصحافي الذي عقده حميد شباط الأمين العام للحزب، وطالب فيها بتعديل الحكومة، واستنتج الناس أنك مع التعديل، ما مدى صحة ذلك؟ - المؤتمر الصحافي حضره جميع وزراء الحزب الذين كانوا موجودين في المغرب آنذاك، باعتبارهم أعضاء في اللجنة التنفيذية. بالنسبة للنقطة التي أشرت إليها، فأنا معروف بانضباطي واحترامي لقرارات المؤسسات مهما كان رأيي الشخصي الذي أعبر عنه عند الضرورة بطريقتي وفي المكان الملائم لذلك.