وصل أول أمس، إلى الجزائر وفد تجاوز ال50 فردا من رجال الشرطة البريطانية، في مهمة تبدو مبهمة وغير واضحة المعالم، وذلك قبل ساعات قليلة عن وصول رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، الذي يزور الجزائر ليومين، يلتقي فيهما جاليته ويثبّت الاستثمارات البريطانية في أعقاب العملية الإرهابية التي عرفتها المنشأة الغازية لتيڤنتورين في عين أمناس منذ أسبوعين. وكشفت مصادر "الشروق" بمطار هواري بومدين، أنه وصل ظهر أمس الأول، وفد أمني بريطاني ضم أزيد من 50 رجل شرطة، وربطت مصادرنا وصول هذا الوفد الأمني بعاملين أولهما يتعلق بزيارة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، وثانيهما يخص عزم الشركة البريطانية بريتش بتروليوم، تقييم مخطط الأمن الداخلي للمنشأة الغازية التي تعد أحد مستغليها، وإذا كان من المرجح والمنطقي أن تسعى بريطانيا إلى التحقيق بطريقة ضمنية ودبلوماسية في ملابسات الاعتداء الإرهابي الذي كان من بين ضحاياه 6 رعايا بريطانيين ومقيم، فمن غير المنطقي ولا المقبول أن يكون وصول الوفد الأمني ذا علاقة بتأمين زيارة ديفيد كاميرون، على اعتبار أن تأمين الزيارة يدخل ضمن صلاحيات الأجهزة الأمنية الجزائرية. زيارة كاميرون إلى الجزائر التي فرضها الاعتداء الإرهابي، ولم تكن أبدا ضمن أجندة وزارتي الشؤون خارجية للبلدين، أحاطتها سفارة بريطانيا في الجزائر بمجموعة من الإجراءات الأمنية والاحترازية التي يندرج في سياقها وصول الوفد الأمني، وسبق للجزائر أن سجلت في اليوم الرابع الذي أعقب الاعتداء الإرهابي على قاعدة عين أمناس، وصول وفد من مكتب التحقيقات الفيدرالي "أف بي أي"، وهو الوفد الذي جاء حاملا لتجهيزات اتصالات حساسة، زعم أنه أدخلها قصد تأمين مقر سفارته بالعاصمة، فهل وصول الوفد الأمني البريطاني يندرج كذلك ضمن تأمين سفارتهم ورعاياهم الذين لا يتجاوز عددهم ال1000 رعية. رئيس الوزراء البريطاني سيلتقي خلال زيارته مسؤولين جزائريين، يتقدمهم الرئيس بوتفليقة، ونظيره الوزير الأول عبد المالك سلال، وفي وقت تضاربت فيه الأخبار عن إمكانية زيارة رئيس الوزراء البريطاني للقاعدة النفطية بعين أمناس، قالت مصادرنا أن كاميرون قد يزور القاعدة النفطية كرسالة تطمينية للسلطات الجزائرية بخصوص عزم بريتش بتروليوم، البقاء والاستمرار في الجزائر، خاصة وأن ثقل هذه الشركة لا يستهان به ضمن حجم الاستثمارات البريطانية في الجزائر، إذ تتجاوز ال4 مليار دولار، وقد يكون كاميرون ثاني مسؤول أجنبي يزور القاعدة النفطية بتيڤنتورين بعد الاعتداء الإرهابي، في أعقاب الزيارة التي قام بها نائب وزير الخارجية الياباني. زيارة رئيس الوزراء البريطاني، الذي يزور الجزائر لأول مرة، تأتي في سياق التصريحات السابقة التي أطلقتها بريطانيا، مبدية تفهما للضربة العسكرية التي حسمت فيها الجزائر الاعتداء الإرهابي، ومعلوم أن لورد ريتشارد ريزبى، ممثل رئيس الوزراء البريطاني لتعزيز الشراكة الاقتصادية مع الجزائر، سبق له أن أكد أن عملية احتجاز الرهائن الأجانب من بينهم بريطانيون في المنشأة الغازية بمدنية عين أمناس، لن يؤثر على العلاقات الاقتصادية بين البلدين. كما قال أيضا "لقد واجهنا بأنفسنا الأعمال الإرهابية منذ 15 أو20 عاما، وبالتالى فإن بريطانيا تعرف جيدا هذه المسألة، وما حدث في الجزائر لن يؤثر أبدا على علاقتنا الاقتصادية القوية"، وهي نفس التصريحات التي أكد من خلالها أنه ليس ثمّة مخاوف ضمن أوساط رجال الأعمال البريطانيين بشأن العمل في السوق الجزائري. وحسب الأرقام الرسمية فإن الاستثمارات البريطانية بالجزائر قدرت السنة الماضية، ب6 مليار دولار في قطاعات الطاقة والنقل والبنوك والتربية والصناعة الصيدلانية، وينتظر أن تزور الجزائر رئيسة مجلس الأعمال الجزائري البريطاني، مطلع الشهر القادم، على رأس وفد من رجال الأعمال البريطانيين في جولة تقودهم إلى عدد من الولايات تتقدمها العاصمة وأدرار.