صحف جزائرية: الأزمة تؤكد فشل السلطات في القضاء على الإرهاب مازال الغموض يلف عملية احتجاز الرهائن بالموقع الغازي تيقنتورين (40 كم من إن أمناس) بولاية إيليزي الجزائرية، في ظل استمرار صمت السلطات الجزائرية عن ملابسات العملية وكذا ظروف ونتائج الهجوم الذي شنه الجيش الجزائري على موقع احتجاز الرهائن، وهو الهجوم الذي خلف عشرات القتلى والجرحى من بينهم رهائن من جنسيات مختلفة، حسب ما تفيد المصادر. وكان نحو 600 عامل جزائري من بين الرهائن المحتجزين من قبل الجماعة المسلحة، بينما لا زال الغموض يلف العدد الحقيقي للرهائن الأجانب الذين تم تحريرهم. وتضاربت الأنباء يوم أمس حول انتهاء عملية الهجوم حيث أفادت وكالة الأنباء الجزائرية نقلا عن مصادر من ولاية إيليزي أن الهجوم الذي قامت به القوات الخاصة للجيش الوطني الشعبي لتحرير الرهائن الجزائريين والأجانب المحتجزين منذ يوم الأربعاء الماضي من قبل مجموعة إرهابية مسلحة بالموقع الغازي لتيقنتورين قد انتهى مساء الخميس على مستوى قاعدة «الحياة» التابعة للموقع حيث كان يوجد أكبر عدد من الرهائن، مضيفة أن عددا آخر من الرهائن لا يزالون محتجزين بمصنع تيقنتورين لمعالجة الغاز والذي يبقى محاصرا من قبل القوات الخاصة. ونقلت الوكالة عن مصادر أمنية جزائرية أن القوات الخاصة للجيش الوطني الشعبي قامت خلال الهجوم بالقضاء على 18 إرهابيا من المجموعة التي اقتحمت القاعدة الغازية لتقنتورين. وكان وزير الاتصال الجزائري محمد السعيد قد أعلن مساء أول أمس الخميس للتلفزيون الجزائري أن القوات البرية للجيش تمكنت من القضاء على «عدد كبير» من الإرهابيين خلال الهجوم، دون أن يحدد عددا مضبوطا. و ذكر الوزير أنه تم اتخاذ كل التدابير حرصا على الحفاظ على الأرواح و التوصل إلى نهاية سعيدة لكن «التطرف الأعمى للإرهابيين» أدى كما قال إلى هذه العملية العسكرية. كما صرح أن «الجزائر لن تدخل في أي تفاوض (مع الإرهابيين) و لن تقبل أي مساومة و ستحارب الإرهاب دون هوادة». وفي نفس السياق، أفاد موقع إلكتروني جزائري، يوم أمس الجمعة، بأن ما مجموعه 20 رهينة و11 عنصرا مسلحا قتلوا في العملية العسكرية التي شنتها قوات الجيش الجزائري، الخميس لتحرير الرهائن. وأضاف موقع (كل شيء عن الجزائر) نقلا عن «مصدر محلي جد مطلع»، أن «إرهابيين اثنين آخرين اعتقلا وهما مالي وجزائري منحدر من ولاية أدرار». وحسب المصدر ذاته، فإنه من المقرر أن تكون عملية للقوات الخاصة قد تم تنفيذها يوم أمس داخل الموقع. من جهة أخرى، قال رئيس الوزراء الفرنسي جان مارك ايرولت يوم أمس الجمعة إن الحكومة الجزائرية أبلغته أن عملية إنقاذ الرهائن كانت مستمرة حتى منتصف نهار أمس. وقال للصحفيين «تحدثت لتوي مع رئيس الوزراء الجزائري الذي أكد لي أن العملية مستمرة»، مشيرا أن «موت عدد من الرهائن مؤسف». وكان مصدر حكومي فرنسي قد أكد أمس أن الحكومة الفرنسية لم تتلق إخطارا مسبقا بالهجوم. الحكومة البريطانية بدورها عبرت على لسان رئيس الوزراء ديفيد كاميرون يوم أمس الجمعة عن خيبة الأمل التي تشعر بها لأن الجزائر لم تخبرها مسبقا بعملية الهجوم. واضاف كاميرون أن الوضع ما يزال «خطيرا» حيث « تم القضاء على جزء من التهديد الارهابي في جزء من الموقع لكن لايزال هناك تهديد في جزء اخر». من جهته، أكد مسؤول أميركي أن الولاياتالمتحدة لم يتم إعلامها مسبقا بعزم السلطات الجزائرية شن عملية لمحاولة تحرير الرهائن. وقال «لم نكن على علم مسبقا بالتدخل الجاري»، مضيفا أن المسؤولين الأميركيين «شجعوا بقوة» السلطات الجزائرية على وضع سلامة الرهائن كأولوية. ويعمل في موقع الغاز القريب من الحدود الليبية (1600 كلم جنوب شرق الجزائر) 700 عامل أغلبهم جزائريين لصالح شركتي بي بي البريطانية وستايت اويل النروجية والشركة الجزائرية سوناطراك. إجلاء الموظفين الأجانب أعلنت مجموعة «بريتيش بتروليوم» النفطية البريطانية أن ثلاث رحلات أقلعت الخميس من الجزائر حاملة 11 من موظفيها و»مئات» الموظفين في شركات أخرى من موقع احتجاز الرهائن في جنوب شرق البلاد و أن رحلة رابعة من المقرر أن تكون قد تمت يوم أمس الجمعة. وقالت متحدثة باسم مجموعة «بي بي» لوكالة فرانس برس أنه تم إجلاء الأشخاص من موقع «ان امناس» ومن مواقع أخرى في الجزائر. ووصلت الرحلة الأولى إلى لندن الخميس في حين حطت الرحلتان الأخريان ليل الخميس الجمعة في بالما في جزيرة مايوركا الإسبانية التي غادروها يوم أمس. وقالت المجموعة البريطانية التي تشارك في تشغيل الموقع مع شركة «ستايت اويل النروجية « وشركة «سوناطراك» الجزائرية في بيان «سننظم رحلات أخرى وفق الحاجة». وتابعت المجموعة «هناك عدد ضئيل من موظفي بريتيش بتروليوم في «إن أمناس» لا يزال المكان وجودهم حاليا ووضعهم غير معروفين» بدون إعطاء تفاصيل إضافية حول عدد الأشخاص المعنيين وجنسياتهم وهوياتهم، في وقت ما يزال الغموض يلف حصيلة الهجوم وظروفه. واختلفت المصادر حول عدد الرهائن الذين قتلوا في الهجوم مرجحة أن يكون بين 20 و30 شخصا، بينهم العديد من الرعايا الغربيين، مع 11 على الأقل من محتجزي الرهائن الذين قالوا إنهم هاجموا المنشأة ردا على العملية العسكرية الفرنسية في مالي. . وقالت شركة يابانية إن 14 موظفا يابانيا كانوا في عداد المفقودين حتى الساعات الأولى من صباح يوم أمس الجمعة. بينما قالت شركة «شتات أويل» النرويجية للنفط والغاز التي تدير حقل تيقنتورين مع «بي.بي» البريطانية وشركة النفط الجزائرية إن ثمانية موظفين نرويجيين لا زالوا مفقودين. وذكر مهندس ايرلندي نجا من الهجوم انه شاهد قوات جزائرية تقصف أربع سيارات جيب محملة بالرهائن. وقال قادة الجيش الجزائري ان قواته تحركت بعد نحو 30 ساعة من بدء الحصار لأن محتجزي الرهائن طلبوا السماح لهم بنقل هؤلاء للخارج. وأبلغ المصدر أن اثنين من اليابانيين واثنين من البريطانيين وفرنسيا من بين سبعة أجانب قتلوا على الأقل. ومن بين الرهائن القتلى ثمانية جزائريين. ولم يتضح بعد جنسية القتلى الآخرين فضلا عن عشرات اخرين ربما فروا. ونجا نحو 600 عامل جزائري. وتمثل الأزمة معضلة خطيرة لباريس وحلفائها اذ تشن القوات الفرنسية هجوما على حلفاء للخاطفين يرتبطون بتنظيم القاعدة في مالي. ووترت الأزمة علاقة الجزائر بالقوى الغربية وأثارت تساؤلات حول قدرة الدولة العضو في أوبك على حماية موارد الطاقة الحيوية. وكانت الولاياتالمتحدة قد ذكرت أنها تعتقد أن هناك أمريكيين بين 41 أجنبيا قال المسلحون إنهم احتجزوهم يوم الأربعاء لكنها لم تعلن المزيد من التفاصيل. كما ذكرت حكومتا النمسا ورومانيا أن لهما رعايا بين الرهائن الذين احتجزتهم كتيبة تطلق على نفسها اسم كتيبة «الموقعون بالدم». وذكر مصدر أمني أنه عثر على جثث ثلاثة مصريين واثنين تونسيين واثنين ليبيين ومواطن من مالي وأخر فرنسي ويفترض أنهم من بين محتجزي الرهائن. الصحف الجزائرية تنتقد تعامل السلطة مع الأزمة وانتقدت الصحف الجزائرية الصادرة يوم أمس الجمعة تعامل السلطة مع أزمة الرهائن التي أثبتت أن «القضاء على الإرهاب» فشل، واعتبرت أن السياسة الخارجية لم تكن واضحة بخصوص التدخل العسكري في مالي. ورأت صحيفة «الخبر» في مقال إن عملية الهجوم على قاعدة إن أمناس «تؤكد أن الخبرة التي ندعي نحن الجزائريين أننا اكتسبناها في مجال مكافحة الإرهاب يجب أن نعكسها، أي أن الجماعات الإرهابية هي التي اكتسبت الخبرة في الميدان». وأضافت إن «السلطات الأمنية والسياسية عندنا، فشلت في القضاء على الإرهاب ولا يمكن أن يتحول استمرار الإرهاب لمدة عشرين سنة في بلد ما مكسبا حققه مسؤولوه، وخبرة تؤهلها للتفاوض على أساسها مع الشركاء الأجانب من موقع قوة». وأشارت «الخبر» إلى أن عملية امناس تؤكد أيضا أن «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي قد تضرب في الجزائر كلما توفرت لها ظروف ذلك». من جهتها قالت «الشروق» إنه «يجب الاعتراف بان السلطة أخطأت فعلا في حق مواطنيها يوم أعلن وزير الخارجية الفرنسي (لوران فابيوس) إن الجزائر فتحت مجالها الجوي للطائرات الحربية الفرنسية لدك فلول المسلحين شمال مالي، بينما التزمت السلطات الخارجية الجزائرية الصمت المطبق في إهانة رسمية لشعبها». وخلصت الصحيفة في افتتاحيتها إلى أنه «مهما كانت نتائج العملية العسكرية بأن أمناس فان الجزائريين لا خيار لهم إلا الوقوف مع دولتهم (...) لكن هذا لا يمنعنا من القول إن السلطة أخطأت التصرف والتقدير وأظهرت نفسها للجزائريين وللعالم إنها بلا سياسة خارجية واضحة، ولا مؤسسات تحترم شعبها، ولا حجج تدافع بها عن خياراتها». ولا تصدر من الصحف الجزائرية الجمعة سوى ثلاث هي «الخبر» و»الشروق» وهما أكبر يوميتين (أكثر من مليون نسخة) و»الوطن» الأسبوعي الناطقة باللغة الفرنسية.