"الشروق": صلاح الدين. ع / نشيدة قوادري / عبدالسلام سكية / إيمان عيلان / ناصر في سابقة هي الأولى من نوعها نظمت الشروق ندوة فكرية تناولت ظاهرة السلفية في الجزائر بمشاركة مختصين في العلوم الإسلامية وعلوم الاجتماع ومفكرين صوفيين وممثل عن وزارة الشؤون الدينية ،ومختصين في القانون وناشطين في حقل الدعوة، وقد ساد نقاش ساخن حول الظاهرة السلفية التي برزت إلى السطح خلال السنوات الأخيرة. وسادت خلافات جوهرية خلال الندوة حول تعريف السلفية وتفرعاتها في الجزائر، حيث أشار الدكتور محمد بن بريكة وهو متخصص في الدراسات الإسلامية إلى أنه يمكن احتكار وصف السلفية من طرف حركة من الحركات وأن إطلاق السلفية على طائفة من المسلمين هو انحراف في حد ذاته، مؤكدا أن هذه الطائفة أصبحت تتصادم مع المرجعيات الدينية الأخرى وتقدم نفسها على أنها هي التي تمثل الإسلام الصحيح بينما في الواقع تتبع آراء لأحد علماء الإسلام وهو ابن تيمية ثم أضيفت لها اجتهادات محمد بن عبد الوهاب ثم ناصر الدين الألباني، وعبر بن بريكة عن استغرابه من ظهور حزب سلفي في الجزائر. هذه الآراء الصادرة عن محمد بن بريكة أثارت حفيظة الداعية السلفي الياس ينون بن زايد الذي استطرد في الحديث الإسلام الحق الذي يمثله الصحابة وتابعيهم مؤكدا أن الأمة الإسلامية ابتليت بمحنة الخلافات والشقاق. وتوسع النقاش بعدها حول عدد من المسائل المتعلقة بالسلفية، حيث تصدى الياس ينون للمتدخلين الذين تعددت مرجعياتهم الفكرية، غير أن انتقاداتهم تكاد تكون متطابقة للتيار السلفي، وتحوّل المشهد إلى مشاداة كلامية خصوصا بين الدكتور محمد همال والناشط السلفي بن زايد، هذا الأخير أصر على أن السلفية تمثل بحق التدين الصحيح، بينما أكد الدكتور همال أنها تقليد للمذهب الحنبلي المعمول به في السعودية، وهنا استفاض المتحدث حول طريقة اللّباس المستوردة وكذا إصرار السلفية على القراءة برواية حفص المعمول بها في السعودية وعدم القراءة برواية ورش المعمول بها في المغرب العربي، وتساءل المتحدث لماذا يصر السلفيون على هذا مع أن القراءتين متواترتين. وبلغة رسمية قال عدم فلاحي المستشار الإعلامي لوزير الشؤون الدينية والأوقاف إن التيار السلفي استفاد من التسامح الذي يبديه الوزير وأن العصر الذهبي لهذا التيار كان في عهد غلام الله، وحذر المتحدث من الانحرافات التي يقع فيها بعض المنتسبين للسلفية والتي تتعارض مع المرجعية الدينية للبلاد كما تتعارض مع مقومات الدولة الحديثة. أما عبد القادر باسين وهو عضو في جمعية الزوايا فقد كانت انتقاداته للسلفية أشد من سابقيه وقال بالحرف الواحد أنها تمثل خطرا على الجزائر وعلى الإسلام، وهو الأمر الذي دفع الناشط السلفي بن زايد إلى مقاطعته عدة مرات، مؤكدا أنه يمثل تيارا يعادي السلفية. وكانت مداخلات المفتش بوزارة الشؤون الدينية سليم محمدي مثيرة للاهتمام، لأنه ركز على تجربته في المساجد مع الشباب المحسوب على السلفية حيث دخل معهم في مناقشات مطولة. من جهته استفاض المختص في علم الاجتماع الديني في إعطاء المضامين الاجتماعية للسلفية مؤكدا أنها ازدهرت في الأحياء الفقيرة، أما المحامي عبد الحميد عيساني فقد فصل في فروع السلفية في الجزائر وتحدث عن المرجعيات الفكرية للإسلاميين. واعترف الحاضرون بأن السلفية على ما فيها من سلبيات فهي رافد إيجابي في المجتمع لأنها تشجع الشباب على التدين وتنقذهم من متاهات الانحراف الأخلاقي والإدمان على المخدرات كما أنها تصحّح العديد من العادات الخاطئة في المجتمع. العلامة محمد علي فركوس في فتواه على الموقع الإلكتروني: السلفية هي المنهج الرباني والإسلام المصفى والطريق القويم إلى الله يرفض الشيخ علي فركوس، أحد أقطاب السلفية العلمية في الجزائر، اعتبار السلفية دعوى تحزب وتفرّق وفساد، ويذكر أنها منهج الإسلام والمنهج الرباني المتكامل عن السلف الصالح فقال هم صفوة الأمّة وخيرها، وأشدّ الناس فرحًا بسنّة نبيّهم. ويفصل الشيخ فركوس في مسألة السلفية، من خلال نص رد نشر بموقعه على شبكة الأنترنت بتاريخ 28 ماي 2007 تحت عنوان "السلفية منهج الإسلام وليست دعوة تحزب وتفرق وفساد"، وقال فركوس عن السلفية في نص الجواب "فقد وردَ على هذا الموقعِ الدعويِّ انتقادٌ آخر يحمل في طيَّاته شبهاتٍ مكذوبةً على الدعوةِ السلفيةِ بأنها دعوةٌ حزبيةٌ مفرِّقةٌ مبتدعة، تجرُّ الفتنَ، وأنّ التغيير لا يحصل بالفتنة، وقد رأيت من المفيد أن أردّ على شبهاته المزعومةِ ومفاهيمِه الباطلة بتوضيحها بالحقّ والبرهان". وبحسب الشيخ فركوس، فالسلفية تطلق ويراد بها معنيان الأول مرحلةٌ تاريخيةٌ معيّنةٌ تختصُّ بأهل القرون الثلاثة المفضّلة، والثاني الطريقةُ التي كان عليها الصحابةُ والتابعون ومَن تبعهم بإحسان من التمسّك بالكتاب والسُّنَّة وتقديمهما على ما سواهما. ويطلق الشيخ فركوس اسم السلفية على "السائرين على نهجهم - يقصد صحبة رسول الله- المُقْتَفُونَ أثرَهم إلى أن يرث اللهُ الأرضَ ومَن عليها، سواء كانوا فقهاءَ أو محدّثين أو مفسّرين أو غيرَهم، ما دام أنهم قد التزموا بما كان عليه سلفُهم من الاعتقاد الصحيح بالنصّ من الكتاب والسنّة وإجماع الأمّة والتمسّك بموجبها من الأقوال والأعمال"، ويتابع "ومن هذا يتبيّن أنّ السلفيةَ ليست دعوةً طائفيةً أو حزبيةً أو عِرقيةً أو مذهبيةً يُنَزَّل فيها المتبوعُ مَنْزِلةَ المعصوم، ويتخذ سبيلاً لجعله دعوة يدعى إليها، ويوالى ويعادى عليها، وإنما تدعو السلفيةُ إلى التمسُّك بوصية رسولِ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم المتمثِّلة في الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة، وما اتفقت عليه الأمّة، فهذه أصولٌ معصومة دون ما سواها". وعن دور السلفية حاليا، فيجملها الشيخ فركوس "والسلفية إذ تحارب البدعَ والتعصّبَ المذهبيَّ والتفرّقَ إنما تتشدّد في الحقّ والأخذ بعزائم الأمور والاستنان بالسنن وإحياء المهجورة منها، فهي تؤمن بأنّ الإسلامَ كُلَّه حقٌّ لا باطل فيه، وصِدق لا كذب فيه، وَجِدٌّ لا هزل فيه، ولُبٌّ لا قشورَ فيه، بل أحكامُ الشرع وهديُه وأخلاقُه وآدابُه كلُّها من الإسلام سواء مبانيه وأركانه أو مظاهره". ويبدي الشيخ فركوس بحسب نفس الرد، رفضا للتحزب، حيث يذكر "وهذا المنهج الربانيُّ المتكاملُ ليس من الحزبية الضيّقةِ التي فرّقت الأمّةَ وشتّتت شملَها، وإنما هو الإسلام المصفَّى، والطريقُ القويمُ القاصدُ الموصلُ إلى الله.. وعليه يُدرك العاقلُ أنه ليس من الإسلام تكوين أحزابٍ متصارعةٍ ومتناحرةٍ.. فقد ذّمّ الله التحزّب والتفرّق". بعد سنوات من كفر السلفيين بالتحزب والسياسة تأسيس حزب سلفي بمثابة انتحار تباينت آراء ضيوف ندوة "الشروق"، من خطوة التيار السلفي في الجزائر بتأسيس حزب سياسي تحت مسمى "جبهة الصحوة الحرة" بقيادة عبد الفتاح حمداش زيراوي رئيس ما يعرف ب"صحوة أبناء المساجد"، وبالتالي تخلي التيار السلفي عن أهم ركائزه وهي عدم الاشتغال بالسياسية والعمل الحزبي ونبذهما. يعتقد القيادي في الجمعية الوطني للزوايا عبد القادر باسين، أن توجه السلفيين إلى تأسيس حزب سلفي في الجزائر، هو بمثابة "شهادة وفاة هذا التيار"، وقال باسين خلال النقاش "خروج حزب سلفي هي النهاية للسلفية من منطق عدم إيمانها بالسياسة والحزبية"، وأضاف باسين على ما سبق "الآن أنا فرحان ومرتاح لأن السلفية قد استصدرت شهادة وفاتها بإعلانها التحزب"، وعاد عبد القادر باسين، إلى طريقة تعامل الفيس المحل مع الزوايا، حيث كانتا تكن لها العداء والضغينة. أما المنسق الأعلى للطريقة القادرية بالجزائر وشمال افريقيا محمد بن بريكة الذي استغرب لظهور حزب سلفي في الجزائر رغم "كفر" السلفيين بالعملية السياسية، فربطه بما جرى في دول عربية شهدت ما اصطلح عليه بالربيع العربي، حيث تم تأسيس أحزاب سلفية في تونس ونمصر، وقال إن خطوة زيراوي - دون أن يذكر اسمه - هي تكملة لما حدث في تونس ومصر. ممثل وزارة الشؤون الدينية في شخص المستشار الإعلامي عدة فلاحي، توقع أن يضفي المزيد من التعقيد والصدام، ومن أمثلة ذلك يقول فلاحي "التصادم مع الدولة وعدم الوضوح والدقة ومفهومهم للدستور والقوانين وتقلد المرأة للشأن العام والولاية الكبرى.. هذا الحزب سيدخلنا في حقل الألغام"، وجزم فلاحي، كذلك أن هذا الحزب أسوة بخطاب السلفيين السطحي فهو غير قادر على تقديم الحلول، من منطلق أن لا كفاءات سيضمها الحزب. وعلى صف المعارضين وقف ممثل السلفية في الندوة الداعية إلياس ينون بن زايد، من خطوة زيراوي بتأسيس جبهة الصحوة الحرة ذات التوجه السلفي، حيث قال إن العمل الحزبي من شأنه إحداث الفرقة والشقاق. عدة فلاحي مستشار وزير الشؤون الدينية: السلفية تعيش عصرا ذهبيا بسبب تسامح غلام الله اتهم المستشار الإعلامي بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، عدة فلاحي، السعودية وسفارتها بالجزائر، بالوقوف وراء توسع ظاهرة السلفية في الجزائر، مستندا على شواهد منها التسهيلات التي تمنحها السفارة السعودية لبعض الناشطين السلفيين في الحصول على تأشيرة الحج، والمنح الدراسية، إذ كان على وزارة الشؤون الدينية التحرك للحد من هذه الممارسات من خلال بتوسيع صلاحيات المفتشين للعمل خارج مؤسسات الوزارة بدل حصرها في المساجد. وأقر عدة فلاحي لدى نزوله أمس في منتدى جريدة الشروق ب"مسؤولية" الوزارة في فترة توليها أبو عبد الله غلام الله، باتساع رقعة انتشار التيار السلفي، واصفا تلك الفترة بالعصر الذهبي للسلفية في الجزائر، من خلال طريقة تعامل الوزير ومنحه تسهيلات للداعين للتيار السلفي، والذين استغلوا الفرصة للخوض في تطوير التيار واستغلال تسامح الوزير في الترويج لأمور أخرى. وقال فلاحي أن عودة السّلفية، تعد بمثابة مغازلة الإنسان لأسباب اعتبرها ذات المتحدث، سياسية أكثر من أخلاقية، من خلال اصطدام السلفية في آخر محطاتها مع الدولة الحديثة بالمفهوم المعاصر، وأشار إلى أن التيار السلفي لا يمكن أن يقدم الحلول الدنيوية بقدر ما يسعى إلى تقديم حلول أخروية. وانتقد عدة فلاحي ما تم تداوله بخصوص التضييق الممارس على السلفيين في الجزائر، واصفا إياه بالتجني على الوزارة الوصية، رغم أن الوزير غلام الله كان جد متسامح مع التيار السلفي، من خلال هامش الحرية المتاحة لهم في المساجد، وصدور المرسوم التنفيذي سنة 2008، الذي ينص في المادة 34 على الحفاظ على الوحدة الدينية. السلفيون يمكنهم النشاط في إطار الدستور والقانون وأكد المستشار الإعلامي لوزارة الشؤون الدينية، أن الحزب السلفي يمكن أن ينشط لكن في إطار قوانين ونظم الدولة الجزائرية، وان الخطر القادم هو اصطدامه مع الدولة الحديثة، خاصة أن بعض السلفيين لا يؤمنون بالدستور بل يؤمنون: ب"قال الله قال الرسول" - على حد تعبيره - ، وأن المرجع الديني عند السلفية لا يمكن الطعن فيه كونهم لا يثقون بأي عالم من العلماء. محمد بن بريكة العضو بالأكاديمية العالمية للتصوف: "السلفيون" يكتسحون المساجد رغم مستواهم التعليمي المتواضع أكد، الدكتور محمد بن بريكة، عضو في الأكاديمية العالمية للتصوف، أن نسبة الأمية مرتفعة في التيار السلفي بالجزائر، وبالتالي فالمستوى التعليمي للسلفيين متواضع جدا، مضيفا في ذات السياق بأن هذه الفئة قد انخرطت بشكل كبير في دائرة التجارة، في الوقت الذي شدد بأنهم يكتسحون المساجد يوما بعد يوم. وأضاف، بن بريكة، وعليه لا بد من الحديث عنها كظاهرة اجتماعية، وبالتالي فقد صارت جزءا من المجتمع، مشيرا إلى أن السلفية قد انتقلت من "النعت" إلى "الاسم"، أي كان يقال أن الشخص الفلاني سلفي، حيث كانت موجودة في كل أطياف المسلمين، وكانت بداياتها مع حركة أنصار الدين في مصر في العشرينيات، حيث صار التيار السلفي اسما لطائفة معينة في اللباس، لكن الانحراف حصل بعد ذلك عندما ركزت على 3 أساسيات في المرجعيات، التوجيه والشرك، البدعة والسنة، الجواز وعدم الجواز، وعليه فالانحراف أدى إلى التصادم بين المرجعيات - يضيف الدكتور بن بريكة. وفي نفس السّياق، صرح العضو في الأكاديمية العالمية للتصوف، قائلا "أن الجميع ينتسب للكتاب والسنة، ولكن عند التحقيق في المرجعية الدينية التي ينتمي إليها السلفيون بالجزائر، من خلال تأملنا في الخطب التي يلقونها بالمساجد والكتب التي يطالعونها، وحتى الفتاوى التي يصدرونها، فهي مرجعية 'قيْمية" و"وهابية"، كما عجبت أيضا لظهور حزب سلفي ببلادنا، تكملة للحزب السلفي في مصر". وركز محمد بن بريكة، في تدخله أيضا على المستوى التعليمي للسلفيين بالجزائر الذي وصفه بالبسيط جدا، حيث أكد بأن نسبة الأمية مرتفعة في أوساطهم، عكس التيار الشيعي الذي يعد تيارا نخباويا، مشيرا في ذات السياق بأن الجزائر أمام خطرين أوله قادم من الجنوب تمثله جماعة أنصار الدين، الذين يقومون بهدم الأضرحة، وتنقل عناصرها بسيارات كتبت عليها "الشرطة الإسلامية". وأما الخطر الثاني فقادم من السلفيين ببلادنا، هذه الفئة التي انخرطت في دائرة التجارة، فمسألة الغنى ظاهرة عليهم، وهو يتجولون بسيارات فخمة وغالية، كما تجدهم يكتسحون المساجد ويتحدثون بالبدعة، السنة والتكفير. في الوقت الذي أعلن أن هناك حوالي 300 جماعة سلفية على المستوى العالمي كلهم "وجوه" لعملة واحدة. وفي نفس السياق، أكد محدثنا، بأن هؤلاء السلفيين، يتميزون "بالانعزال" مع 'الاستعلاء"، والأمية طاغية عليهم، بحيث أضاف قائلا "اشتغلت بكلية العلوم الإسلامية بخروبة، وكانت تأتيني الغرائب والعجائب من هذه الفئة، فتجدهم لا يحضرون إلا محاضرات وحصص معينة، حيث تجد عملية كبيرة لغسل المخ لهذه التيارات التي تسهر على توجيهها دول أخرى، وعليه فالكثير من المغرر بهم يأتون إلى ما يسمى "بعالم التسلف" وينسلخون عن جلدتهم. و دعا، محمد بن بريكة، الأئمة، رجال الأمن بمن فيهم العسكريون، الدكاترة للقيام بمهامهم، كل حسب مجال تخصصه والمسؤولية الموكلة له، لوقف زحف هذا التيار على البلاد العربية. وفي آخر تدخله، أكد الدكتور بن بريكة، أنه نقلا عن شمس الدين بوروبي لدى تدخله في ندوة نظمت بولية ورڤلة، أن الجزائر قد فقدت خلال العشرية السوداء 700 إمام راحوا ضحية أيادي الغدر. عبد الحميد عيساني محام معتمد لدى المحكمة العليا السلفية بالجزائر عرفت 3 حركات أوضح، عبد الحميد عيساني، محام معتمد لدى المحكمة العليا، لدى تدخله في ندوة "الشروق"، أن التيار السلفي يقوم في أركانه على ظاهر النص ويأخذ به، وبالنسبة للجزائر، فالسلفية قد عرفت 3 حركات، ويتعلق الأمر بالإخوان المسلمين السلفيين، الجزأرة أي تيار البناء الحضاري وحركة السلفية، ومصدرها الحركة الوهابية والتي وصلت إلى الجزائر. سعدي الهادي، أستاذ في علم الاجتماع الديني التيار السلفي ظهر بالمناطق الشعبية الفقيرة أوضح سعدي الهادي، أستاذ في علم الاجتماع الديني، لدى تدخله في الندوة التي نظمتها "الشروق" حول التيار السلفي بالجزائر في ضوء التطورات الحاصلة حاليا، خاصة بعد تأسيس السلفية لحزب سياسي مؤخرا، أوضح أن السلفية لم تكن موجودة ببلادنا في الثمانينات، فكان آنذاك مجموعة من الأفراد وليس تيار قائم بذاته، وعليه فكان آنذاك تيار الإخوان المسلمين السلفيين والجزأرة أي تيار البناء الحضاري. وأكد، بأنه في سنوات التسعينيات، لما كانت هناك حملة لتحرير المساجد بقيادة القيادي بالجبهة الإسلامية للإنقاذ آنذاك، برزت أطراف تقول بأن هناك إسلام للفقراء وآخر للأغنياء، في الوقت الذي شدّد أن التيار السلفي قد ظهر بالأحياء الشعبية أين يتواجد الفقر بشدة، وكذا الحرمان، وبالتالي فتجد ذلك السلفي يسحب حالته النفسية "المتدهورة" إن صح التعبير، والقول على النصوص التي تحمل في سياقها نوع من الشدة على المخالفين، وبالتالي فالتعصب -حسب محدثنا- يظهر بالمناطق والأحياء الفقيرة. المفتش سليم محمدي يقف على غرائب وعجائب السلفية: يتميزون بالخشونة في العبادة والجفاف الروحي لكن لديهم إيجابيات نبه المفتش بوزارة الشؤون الدينية الأستاذ سليم محمدي، إلى خطر التيار السلفي، الذي يصل حد مخالفيه إلى "التصفية"، انطلاقا من فكرة "من التعديل والتجريح إلى التنكيل والتقتيل"، ولم يغفل بعض إيجابيات التيار المذكور. ساق الأستاذ سليم محمدي بحكم تعامله و"تصادمه" في إطار عمله اليومي كمفتش، العديد من الحالات الغريبة والشاذة، المتأتية من منتسي التيار السلفي، ويجمل ضيف ندوة الشروق، بعض خصائص السلفيين، وهي الجدلية والشكلية وتشبثهم بالجزئيات، زيادة على الجفاف في الجانب الروحي، والخشونة في العبادة، وختم يقول ضيف المنتدى"لو شخصنا ما يقوم به وما ينتهجه التيار السلفي لغرقنا". ولم يبد الأستاذ سليم محمدي غرابة في أن يتعرض أئمة المساجد للضرب والتعنيف من قبل التيار السلفي، وقال ردا على ما حدث قبل أسبوع بمدينة تيارت التي عرفت حادثة "نطح" شخص سلفي لإمام مسجد انتقد التيار السلفي"هذا أمر عادي، فتفكيرهم ومنهجهم وتعصبهم ينتج الاعتداء والضرب و التعنيف على من خالفهم أو اعترضهم". ولا يستبعد الأستاذ سليم محمدي، أن يرتفع سقف المعارضة إلى حد"التصفية"، انطلاقا من منهج"من التعديل والتجريح إلى التنكيل والتقتيل"، وبنى المتحدث موقفه، من تشعب مشارب التيار السلفي، حيث أحصى 280 جماعة كالسلفية العلمية إلى الجهادية، والحركية، والسياسية، ويؤكد أنه على الرغم من الاختلاف الذي يميز تلك الجماعات فإنها وجوه لعملة واحدة، وكلهم لا يعرفون عن السلفية الحق شيئا. ورد سليم محمدي بالنفي على السؤال التالي"هل كانت السلفية خيرا على الجزائر؟"، ويشرح ذلك بالقول إن الجزائريين كانوا على رأي واحد في الفقه والعبادة والفتوى، لكن "تسلل" السلفية قطع ذلك التوافق بين الجزائريين. ورغم جدية التشخيص الذي قدمه الأستاذ سليم محمدي في حق التيار السلفي، لكنه وقف عند بعض إيجابياته، كما الحال مع تشجيع الشباب على التدين، وإنقاذهم من الانحراف والمخدرات، وربطهم بالمساجد، وتصحيح بعض العادات الخاطئة في المجتمع. الناشط الدعوي الياس ينون بن زايد: "السلفية هي الإسلام الصحيح" قال الناشط الدعوي الياس ينون بن زايد، إن هدف السلفية هو التشبث بتعاليم الشريعة الإسلامية، بعد انحراف المجتمع عنها، ولخص مفهوم السلفية بأنه "الإسلام الصحيح". وذكر الياس بن زايد في ندوة "الشروق" كمنتسب للتيار السلفي، أن الأحكام السلبية الصادرة في حق التيار السلفي خاطئة وقاصرة، ومغرضة هدفها ضرب نشاط هذا التيار الذي يعمل من أجل العودة للإسلام الصحيح وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وتوسيع التدّين ومحاربة الخرافات والبدع المنتشرة، بالكلمة الطيبة والنهج الدعوي الصحيح، وبحسب الياس بن زايد كذلك، فإن هنالك "هجمة" مقصودة ضد التيار السلفي سواء من الأكادميين المخالفين لمنهج السلفية أو من جهات خارجية. ويرفض ضيف الندوة، الرأي القائل أن بداية التيار السلفي حركة أنصار الدين في مصر ثم الإخوان، فالثورة الإسلامية الإيرانية، ويشدد على أن السلفية نشأت مع بزوغ الدعوة النبوية، وعادت للظهور مع تشتت العالم الإسلامي بعد ترك تعاليم الشريعة السمحاء. أما عن رجوعهم إلى بعض العلماء المعاصرين على غرار محمد بن عبد الوهاب والشيخ الألباني أو العثيمين أو ابن باز، فيقول في الموضوع"لكل عصر مجدد في الدين، يتم الرجوع إلى أرائه وفتاواه وكتاباته، دون إغفال أقوال علماء الجزائر" وساق أمثلة العلماء عبد الحميد بن باديس والإبراهيمي وحماني. وبخصوص تصنيف التيار السلفي في سلة واحدة، يعترض الياس بن زايد على ذلك ويؤكد أن ليس كل من يدعي أنه سلفي فإنه سلفي بحق. محمد همال دكتور في أصول الفقه يؤكد: السلفيون يعتبرون ظواهر النصوص التشريعية أحكاما نهائية تخوف همال محمد دكتور في أصول الفقه جامعة الجزائر "1" من احتواء السلفية للجمهور الجزائري والتأثير على عقله، مؤكدا أن السلفيين يعتبرون ظواهر النصوص التشريعية أحكاما نهائية، قائلا: "الإشكال الحاصل يكمن في الفهم بين النص والظاهر". وشدد الدكتور همال محمد لدى نزوله في منتدى جريدة "الشروق" أول أمس، على ضرورة التفريق بين السلفية والسلف كمرحلة، معتبرا أن "نسيب الرفاعي" من مؤسسي الحركة السلفية المعاصرة، والتي أصبحت حركة لها قراءة للنص وليست قراءة منفردة، بل تعتمد على التراثية الماضية السالفة. وقال الدكتور همال أن السلفية، بمثابة إعادة إنتاج للتراث الظاهري للنص، في مجاله الفروعي الفقهي، مع تخفيف حدة هذه الظاهرة من طرف العلماء، وأشار إلى أنه في كل مرة أهل الظاهر كانوا يغيرون المنهج بسبب احتكاكهم بالمذاهب، حيث ذكر على سبيل المثال لا الحصر المذهب الشافعي والظاهري. وأكد ذات المتحدث أن المذاهب لا تخلو من المناظرات والسلفية باعتمادها على القرآن والسنة والأصول القطعية للسنة، وان التيار الذي يمثلها قديم، بأخذه كل النصوص جملة واحدة، بمعنى أن نصيغ النصوص التشريعية والقاعدة الأولى دون النظر إلى هذه النصوص، وقال أن القطعية والظنية من المآخذ العالقة باعتبارها من الظواهر الشرعية، ومعالم نهائية ويغلب هذه الظواهر على محكمات النصوص وكذا النصوص المتواترة والمدارك القطعية للنص. السلفية تأسست في مرحلة النبي الكريم وأصحابه ومرجعيتها من الكتاب والسنة وقال الأستاذ الجامعي همال في مداخلته أن "نسيب الرفاعي" أخذ عن الشيخ "محمد ناصر الدين الألباني"، وأن تأسيس السلفية كان في المرحلة الأولى أي زمن النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه، ثم زمن التابعين ثم زمن أتباع التابعين، وأما عن تأسس المرجعية فهو من الكتاب والسنة، وأضاف المتحدث أن اللباس الجزائري كان منذ القديم يعرف ب"القندورة" البوسعادية أو الجلفاوية وأن استبداله بلباس "السلفية" وإطلاق التسمية الحالية يعود إلى ذهنيات كل بلد. وحمل الدكتور همال محمد وزارة الشؤون الدينية مسؤولية الترويج للمذهب المالكي والدعاية له والمبالغة في إظهاره، مؤكدا أن القراءة المنتشرة هي قراءة "نافع" و"ورش" غير أنه في الجزائر يروج كثيرا لتعددية المذاهب التي نالت منا وخلقت عدة توترات، خاصة وأننا متسامحون في مذاهبنا، قائلا: "نحن نعيش السلفية المذهبية، في حين أن السلفية ليست مذهبا واحدا بل عبارة عن مجموع المذاهب". وأعاب همال على الجزائريين في التعاطي مع المخالف لهم، مؤكدا أن الأعضاء السلفيين دون أن يشعروا بالانتشار السياسي له، وبالولاء للسعودية، مشيرا إلى وجود تحالف بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب سياسيا ودينيا، مع الأمير محمد بن سعود لنصرة المنهج السياسي، وفي المقابل السعودية تمكن لمنهج بن عبد الوهاب، معتبرا أن هذا التحالف أمر دائم وابدي في السعودية. ممثل الزوايا عبد القادر باسين" السلفيون فرقوا الجزائريين وهم خطر على الجزائر اعتبر ممثل اتحاد الزوايا "عبد القادر باسين" أن السلفية تعد بمثابة خطر على الأمة وليس على الجزائر فقط، وأن أول تيار شكل التفرقة بين الجزائريين هو التيار السلفي، وأن الله عز وجل في كتابه الحكيم خاطبنا بصفة الجماعة، مؤكدا أن خروج حزب سياسي جديد يسمى"بتيار الصحوة" دليل على نهاية السلفيين. وانتقد "باسين" أول أمس، دعوة التي تتبناها السلفية من خلال تركيزها على الجهاد خارج الدولة والدين، بالرغم من أنه بيننا وبين الدول حسن الجوار والتعاون، مؤكدا أن التيار السلفي الموجود في السودان وتونس هو الموجود حاليا بالجزائر، قائلا: "أن حركة أنصار الدين مررنا بها في الجزائر في الثمانينات وأول ما تم استهدافه هو الزوايا" مشيرا إلى انتشار قصاصات مجهولة المصدر والمرجع عبر المساجد تتضمن فتاوى دون أن تحتوي على كاتبها. وأبدى ممثل الزوايا في ذات السياق استياءه من الفتاوى الصادرة، بخصوص إبعاد الأمة عن مقوماتها الأساسية، وتحريم الذكر والاحتفال بالأعياد الدينية كالمولد النبوي الشريف. وختم محدثنا، تدخله، بأن ما حدث في التسعينيات وخلال عشرية كاملة، دليل قاطع على فشل "السلفية"، اجتماعيا، سياسيا، سلوكا وثقافيا. الشيخ الدكتور شوقي أبو حرم يستهجن الهجوم على السلفية السلفية منهج يجمع الناس وليست مذهبا يفرقهم "كلنا سلفيون و80 بالمئة من مسلمي العالم يقرؤون القرآن بقراءة حفص" اعتبر الشيخ شوقي أبو حرم، وهو الإمام الحالي لجامع الأمير عبد القادر، سبق له أن درس في الشام ويحمل دكتوراه في جراحة الأسنان، وصف السلفيين بالأميين بالباطل، وضرب ظالم لروح السلفية، التي تدعو إلى الاعتماد على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والرجوع إلى السلف الصالح من الصحابة الأطهار، وردّ بقوة: "كلنا سلفيون" ومفروض علينا أن نقرّ بالمبدأ وما كان عليه سلف الأمة، والسلفية مدرسة قائمة بذاتها فيها الكثير من التيارات النيّرة، وأهمها بالتأكيد سلفية بن باز وصالح العثيمين المتشربين بقيم الحنبلية وبن تيمية وبن القيم الجوزية، وهي مدرسة لا يمكن الطعن فيها، إضافة إلى تيار الشيخ ناصر الدين الألباني الذي ذهب إلى فكرة اللامذهبية، وقد أثار الألباني الكثير من اللغط والانتقادات من شيوخ زمانه ومنهم الشيخ سعيد البوطي، كما اتهم سلفيون أيضا الشيخ الألباني ببعثه لمذهب آخر واعترف الشيخ أبو حرم، بأن بعض سلفيي الجزائر اخطأوا باتباعهم لمحمد امان الجامي وربيع بن هادي المدخلي، اللذين يشككان في نوايا كل العلماء من دون استثناء، ولكن ذلك لا ينقص من قيمة السلفية التي تمكنت أيضا من انتقاد الذات عكس بقية المدارس، كما كتب الشيخ محمد عباد البدر كتابه الشهير الذي عنونه بجملة "رفقا أهل السنة بأهل السنة"، وهو رد على الذين يصفون السلفيين بالخائفين من المواجهات والمناظرات، والرافضين لأي نقاش أو محاورة، ويرى الشيخ شوقي أن كل رجالات جمعية العلماء المسلمين سلفيون، وحتى حسن البنا اعترف أنه سلفي بمقولته الشهيرة: "نحن مدرسة سلفية وحقيقة صوفية". وعندما سألنا الشيخ أبو حرم، إن كان الذي يقول إنه سلفي، إنما خرج عن الجماعة، خاصة أن الله سمانا بالمسلمين وليس بالسلفيين، وعن جدوى اتباع كلام السلف الذي فيه اختلاف وليس القرآن الكريم الخالد، دافع عن السلفيين، وقال إن التسمية جاءت لأن الشيعة والخوارج وحتى الدروز والعلويين يقولون إنهم مسلمين، ومن أتباع القرآن الكريم والرسول محمد صلى الله عليه وسلم، لأجل ذلك تمت تسمية السلفية، وهي تعبر عن منهج وليس مذهب يفرق الناس، أما عن الذين يقولون بأن السلفيين يقرؤون القرآن الكريم بطريقة حفص، فهذا ليس عيبا، وهو دليل على اهتمامهم بالقراءات العشر المبنية على التواتر، ثم إن 80 بالمئة من المسلمين في العالم يقرؤون بطريقة حفص، واتباع قرابة مليار نسمة هو ميزة وليس عيب. ولا يفهم الشيخ أبو حرم لماذا يقذف البعض السلفيين دون معرفة السلفية، وحتى إن أخطأ سلفي أو جماعة سلفية معينة، وذاك من طبيعة البشر، لا يجب قذف السلفية، لأن أخطاء المسلمين لا تمس بالإسلام، ويبقى غالبية السلفيين من دعاة الوسطية التي يمكن اختصارها في المقولة الشهيرة لمحقق الحديث الشريف الشيخ عبد القادر الأرناؤوط الذي قال: "لا نريد سلفية تنطح، ولا طرقية تشطح، بل نريد وسطية تنصح". أصداء وكواليس: قال ممثل الزوايا للناشط السّلفي " أنا تركتك تتكلم براحتك ولم أقاطعك فاتركني أكمل الحديث حتى ولو كنت تعتقد أنني "أخرط". أضفى الناشط السلفي حيوية كبيرة بإصراره على التعقيب على كل جملة يقولها باقي المشاركين في الندوة لدرجة دفع يبعضهم إلى القول بأن " السلفية " هذه طريقتها في جدال المخالفين. رفع الدكتور محمد همّال مستوى النقاش وتكلّم بمصطلحات لا يمكن لغير المتخصصين في الدراسات الإسلامية فهمها وكان صحفيو الشروق في حالة تركيز مع كلامه، ولسان حالهم يقول: رفقا بالقراء يا دكتور. تميزت مداخلات الدكتور محمد بن بريكة بالقوة والوضوح وأظهر إمكانيات مبهرة في النقاش حتى مع أولئك الذين دون مستواه العلمي للعلم فإن عدد من الحاضرين في الندوة درسهم الدكتور بن بريكة في الجامعة.