لم تكن مفاجأة أن تخلو لائحة المرشحين لمنصب الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية٬ التي تم الكشف عنها الأسبوع الماضي٬ من أي اسم نسائي ضمن المتنافسين لنيل هذا المنصب الذي لا يزال حكرا على رجال الحزب. وسواء نتج ذلك عن اعتقاد غير معلن بالأفضلية سياسيا أو عن محض الصدفة٬ فإن الغياب المتكرر للعنصر النسائي في السباق نحو الكتابة الأولى للحزب يدل على أن هدف تحقيق المناصفة بين النساء والرجال في الأوساط السياسية لا يزال هدفا بعيد المنال ويمثل بجلاء نقطة سلبية تحسب على المؤتمر الوطني التاسع للحزب المرتقب ما بين 14 و16 دجنبر المقبل،وفق تقرير لوكالة الأنباء المغربية. وطبقا لنفس المصدر، فإن هذه الثغرة٬ المشتركة فعليا بين جل التشكيلات السياسية الوطنية٬ لم تعد مقبولة لأنها تتنافى مع روح الدستور الجديد الذي ينص على أن "الدولة المغربية تعمل على تحقيق المناصفة بين الرجال والنساء" وعلى إحداث هيئة للمناصفة ومكافحة جميع أشكال التمييز. وتعتبر عضو المجلس الوطني ورئيسة لجنة المساواة والمناصفة بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية٬ السيدة رحاب حنان٬ أن غياب مرشحة امرأة بين المتنافسين لنيل منصب الكاتب الأول للحزب "لا يشكل استثناء للقاعدة التي تظل طاغية تقريبا لدى جميع الأحزاب الموجودة في الساحة السياسية الوطنية". وأبرزت رحاب٬ في تصريح لوكالة الأنباء المغربية ٬ أن ولوج المرأة حديثا للسياسة جعل هذه الأحزاب "غير قادرة بعد على استيعاب مسألة تمثيلية النساء التي لا يزال ينظر لها كقضية نسائية محضة وليس كقضية حزبية كما ينبغي لها أن تكون". وتأسفت المناضلة الاشتراكية لأنه رغم كون النساء الاتحاديات يتموقعن بشكل أفضل مقارنة مع نظيراتهن في أحزاب أخرى٬ لأنهن يتوفرن على قطاع نسائي مستقل٬ فإن تمثيليتهن داخل مختلف هيئات الحزب ومراكز القرار بالخصوص لا تزال دون المستوى ولا تعكس تماما الوزن الفعلي للنساء في الحزب. ولا تعزو عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية٬ فاطمة بلمودن٬ هذا الوضع لسياسة إقصاء متعمدة٬ كما يقول البعض٬ وإنما لتشتت الجهود وغياب التنظيم لدى المناضلات الاتحاديات٬ مما أخر بروز نخبة نسائية ذات مصداقية ونضالية٬ قادرة على فرض نفسها والتأثير في اتخاذ القرار. وفي انتظار تحسن الأمور٬ ستناضل النساء الاتحاديات خلال المؤتمر التاسع للحزب لصالح إرساء نظام مؤقت لكوطا تضمن تمثيلية دنيا بنسبة 33 في المئة٬ في أفق تكريس مناصفة حقيقية (50 في المئة من الرجال مقابل 50 في المئة من النساء) على مستوى جميع الهيئات التداولية والتنفيذية للحزب٬ حسب رحاب. وشددت على أن هذه المناصفة لا ينبغي أبدا أن تمثل غاية في حد ذاتها٬ لأن الأمر لا يتعلق البتة ب"سد فراغ في المشهد السياسي الوطني أو الترويج لصورة حزب منفتح وحداثي وديمقراطي"٬ وإنما بالأحرى بتمكين النساء الاتحاديات من المكانة والدور اللائقين بهن. وتتقاسم فاطمة بلمودن هذا الرأي٬ قائلة "أكثر من مجرد رقم لذر الرماد في العيون٬ ينبغي أن توظف الكوطا٬ كمرحلة مسبقة لتحقيق المناصفة التي نتطلع إليها٬ للنهوض بمشاركة مستدامة للمرأة في الحياة السياسية"٬ مقرة بأن هذا الهدف غير قابل للتحقق في المستقبل القريب في ظل الظروف الراهنة. وبكل واقعية٬ ستكتفي لجنة المساواة والمناصفة بعرض العديد من المقترحات لتحسين تمثيلية النساء كي يصادق عليها المؤتمر٬ تبرز رحاب التي أضافت أن المؤتمر التاسع سيشهد لأول مرة في تاريخ الحزب تحرير مذكرة نسائية قائمة بذاتها من قبل النساء الاتحاديات. *تعليق الصورة: فاطمة بلمودن، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي.