سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رئيس مجلس بنغازي المحلي: تباطؤ السلطة المركزية يمنح دعاة الفيدرالية أرضا جديدة جمعة الساحلي ل «الشرق الأوسط»: يمكن تجاوز أزمة القنصلية الأميركية بتفعيل الأمن والاقتصاد
قال جمعة الساحلي، رئيس المجلس المحلي لمدينة بنغازي، مهد الثورة الليبية، إن تباطؤ السلطة المركزية بالبلاد في الأشهر الأخيرة منح دعاة الفيدرالية بشرق البلاد أرضا جديدة. وأشار إلى أن أحداث العنف في البلاد تعتبر محدودة مقارنة مع الانتشار الكبير للسلاح في البلاد، بعد سقوط النظام السابق. وأضاف الساحلي في تصريحات ل«الشرق الأوسط» من بنغازي، أن المدينة تسعى لتجاوز أزمة حادث القنصلية الأميركية الذي أسفر عن مقتل السفير الأميركي كريس ستيفنز وثلاثة من مرافقيه، في سبتمبر (أيلول) الماضي، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن التحقيق في مقتل مدير أمن المدينة، العقيد فرج الدرسي، الذي وقع الأسبوع الماضي، يوجد في يد الجهات المختصة. وقال إنه يمكن تجاوز أزمة القنصلية الأميركية وغيرها، من خلال تفعيل الأمن والاقتصاد. ومنذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي، تنتشر في ليبيا آلاف الكتائب المسلحة رغم محاولات الحكام الجدد ضمها إلى وزارتي الدفاع والداخلية، من بينها كتائب حلت نفسها تحت الضغط الجماهيري في المنطقة الشرقية من البلاد، كان آخرها مظاهرات ما عرف باسم «جمعة إنقاذ بنغازي» عقب حادث قنصلية أميركا. وقال الساحلي، الذي انتخب في سبتمبر الماضي، إن «أغلب الكتائب بعد (جمعة إنقاذ بنغازي) انضمت إلى الشرعية، ومن لم ينضم فقد حلت (كتائبه)، وهذا بناء على قرار (المؤتمر الوطني «البرلمان»)»، مستنكرا في الوقت نفسه تركيز وسائل الإعلام على الحوادث التي تقع في بنغازي دون الإشارة إلى باقي الخروقات الأمنية، التي قال إنها تقع في مناطق أخرى من البلاد. ووقعت بالفعل عشرات الحوادث الأمنية اللافتة في مدن الغرب والجنوب، منها طرابلس والزنتان وبراك الشاطئ ومسلاتة وغيرها، بسبب نزاعات مختلفة كملاحقة الثوار لما يسمونه أزلام النظام السابق، وعمليات ثأر وتصفية حسابات وغيرها. وتعرضت مبان رسمية، منها مقر الحكومة ومبنى «المؤتمر الوطني»، لهجوم من مسلحين خلال صيف وخريف هذا العام. وقال الساحلي: «أنا نفسي مرت بي حادثة في مجلس الوزراء بطرابلس يوم الثاني من يوليو (تموز) الماضي تحديدا. كتيبة كاملة هاجمت مجلس الوزراء وأمضت فيه نحو أربع ساعات (للمطالبة بمنح مالية)، وكنت حاضرا المشهد أنا وزملائي من أعضاء المجلس المحلي لبنغازي حين كنا في زيارة لمجلس الوزراء». وتابع قائلا: «لم نسمع عن هذه الحادثة في وسائل الإعلام، لكن حين تطلق رصاصة في بنغازي يسمعها العالم كله». وعن المبررات وراء وقوع حوادث الاغتيال في بنغازي خاصة في الأشهر الأخيرة، قال الساحلي إن «الاغتيالات تحدث في العالم كله. والاغتيالات في بنغازي لا تجد لها مبررا، لأن المشهد السياسي في ليبيا ما زال غير واضح. يوجد إسلاميون، وليبراليون، وعلمانيون، ويوجد قبائليون وجهويون، وهناك مشاكل اجتماعية، وخلافات شخصية، وهناك مجرمون خارجون من السجون، وبالتالي لا تستطيع أن تفسر أي حادث اغتيال، بينما وسائل الإعلام تفسر الأمر دائما على أسس سياسية، وهذا أمر غير مبرر». وعن تقديره لمدى قدرة الحكومة على احتواء الكتائب واحتواء الثوار ودمجهم في الحياة الليبية العامة، قال الساحلي: «يوجد برنامج، ليس صعب التطبيق، لاحتواء الكتائب لو وضعت له خطط سليمة وواضحة من البداية، ولو استعنا بتجارب الآخرين». وأضاف أن «عيب الليبيين هو أنهم يتعاملون مع الوضع كأنه أول مرة يحدث في العالم»، مشيرا إلى أنه توجد تجارب تم تطبيقها في الدول الأخرى ويمكن الاستعانة بها في الحالة الليبية، وأضاف أن «الثوار جزء من الحل وليسوا جزءا من المشكلة، وأغلبهم أسهموا في إنجاح انتخابات (المؤتمر الوطني) الأخيرة (منذ نحو أربعة أشهر)». ومن المعروف أن السلاح، من مختلف الأنواع، أصبح منتشرا في ليبيا بصورة كبيرة، منذ سقوط النظام السابق. وقال الساحلي: «لو كان الإنسان ينظر بنظرة متفائلة وقارن بين كمية السلاح المهولة الموجودة في ليبيا وكم الجرائم التي يتحدثون عنها، فإنها لا تذكر». وتابع قائلا: «تخيل لو كان انتشار السلاح بهذا الحجم في أي مكان آخر في العالم، ماذا كان سيحدث؟». وقال الساحلي، في رده على سؤال حول مآل التحقيقات في قضية الهجوم على القنصلية الأميركية: «لا علم لنا بالتحقيقات، لأن السلطات القضائية المختصة هي التي تتولاها، و(ليس لنا دخل فيها)»، مشيرا إلى أن بنغازي يمكنها أن تتجاوز حادثة القنصلية الأميركية «إذا تم تفعيل الأجهزة الأمنية في كل ليبيا وبالذات في بنغازي، و(إذا) بدأ العمل بطريقة ممنهجة وواضحة وعلمية وعملية». وأضاف: «سنرى أيضا نتائج طيبة مع بداية العمل الاقتصادي.. وقتها، الأمن سيستتب، وبالتالي ستنمحي الصورة التي تكونت عن بنغازي بعد مقتل السفير الأميركي»، مشيرا إلى أن المدينة تشهد الكثير من الفعاليات الاقتصادية وفتح مجالات العمل. وكان حادث مقتل سفير الولاياتالمتحدة في بنغازي اقترن بالحديث عن احتمال ضلوع تنظيم القاعدة في الهجوم. وقال الساحلي عما يتردد بشأن ذلك إن «تنظيم القاعدة فكر، وليس مؤسسة. وهذا الفكر منتشر في العالم كله. ليس من المعقول أن يحاول البعض تصوير ليبيا باعتبارها مصدرا لتنظيم القاعدة. أتمنى ألا توضع بنغازي أو ليبيا كشماعة لمثل هذه الأشياء»، مشيرا إلى أن ليبيا لن تكون أرضا خصبة ل«القاعدة»، «لأن الشعب الليبي بطبعه متدين ولا يوجد داع للتطرف لديه. التوليفة الاجتماعية لا تسمح بالعداء والخلاف على أسس فكرية دينية». وعن تطورات الفيدرالية التي يطالب بها البعض في بنغازي، ورؤيته لها، قال إنه يرى القضية «في إطار أنها طرح سياسي فكري يحترم». وأضاف: «إذا كنا نحن قد ارتضينا الديمقراطية واللعبة السياسية في ليبيا على أسس ديمقراطية، فينبغي أن نحترم كل الآراء. وأنا أرى أن رأيهم معتبر، ولديه أنصاره، وإذا اقتنع به الشعب الليبي فلم لا؟». وعما إذا كان يرى أن طرح الفيدرالية الذي يطالب به البعض يأتي في إطار الدولة الليبية أم أنه دعوة لفيدرالية تؤدي لاستقلال المنطقة الشرقية باقتصاداتها ونفطها وأوضاعها الكاملة، قال الساحلي: «من خلال لقاءاتي مع الإخوة الفيدراليين أو أنصار الفيدرالية، فإنهم بالعكس يرونها في إطار ليبيا الواحدة. مجرد تنظيم إداري فقط. حتى إنهم ينادون بأن يستمر النفط موجودا تحت سيادة الدولة الليبية وتوزع حصيلته على جميع المناطق بالتساوي، بحيث إن كل منطقة تأخذ حصتها من الثورة الليبية». ويطالب أنصار الفيدرالية بنظام فيدرالي لعموم البلاد وليس لإقليم برقة فقط، وهم يرون أن ليبيا يمكن أن تقسم إلى ثلاثة أو أربعة أو خمسة أقاليم، تحت نظام حكم واحد. وقال الساحلي: «هم لا يتحدثون عن برقة فقط، بل يتحدثون عن عودة الفيدرالية لليبيا كلها مثلما كان الأمر في دستور عام 1951». وأضاف الساحلي أن كثيرين كانوا ضد الفيدرالية، لكن الآن لا يمانعون تجاهها، لكنه أضاف موضحا: «لا أعلم هل هذا معتقد راسخ لديهم أم أنه مجرد نوع من التنفيس بسبب الشعور بالإحباط»، نافيا في الوقت نفسه وبشدة أن تكون قوة ضغط الفيدراليين تستند إلى السلاح، وأوضح: «لا أعتقد أن لديهم النية أصلا في استخدام السلاح، لأنهم أولا مواطنون ليبيون وكانوا ثوارا بالأمس، وبعض منهم من أوائل الثوار، ويشهد لهم بحب الوطن وبحب ليبيا». وتابع الساحلي قائلا إنه لا يعتقد أن الفيدراليين من دعاة استعمال القوة، لكنه أردف موضحا: «قد يكون هناك بعض المتطرفين في هذا النهج، ولكن جل الفيدراليين يطرحون طرحهم في إطار سياسي»، وقال: «أؤكد جازما، ولي أصدقاء منهم، أن كثيرين منهم وطنيون أكثر ممن يحاربون الفيدرالية».