في الشارع الجانبي القريب من معسكر كتيبة أنصار الشريعة في بنغازي بشرق ليبيا كانت السيارات العسكرية تمرق مسرعة والتراب يتطاير ومن تحت الغبار يبدو رجال ملتحون بعضهم في جلابيب بيضاء، بينما أسلحة رشاشة من نوع «كيه 47» تتأرجح في أيديهم. ومن الجانب الآخر كانت أفواج من آلاف المتظاهرين تتقدم بإصرار وهي تهتف مطالبة بطرد الكتائب المسلحة، التي يميل أغلبها إلى الصبغة الإسلامية المتشددة، في المدنية التي كانت مهد الثورة ضد النظام الديكتاتوري السابق. وقال شاب يحمل لافتة مستشعرا لذة الانتصار: «حتى السلاح.. وحتى الإرهاب والكتائب يخافون من الشعب.. الشعب لا يقهر». وفي الحقيقة يعد المشهد غريبا في حد ذاته. فمنذ ظهور الحركات الأصولية والجهادية المتشددة في سبعينات القرن الماضي في منطقة الشرق الأوسط، كانت هذه هي المرة الأولى التي يمكن أن تشاهد فيها جماعات من المدنيين يطردون آلاف المسلحين الذين ينتمي أغلبهم إلى الإسلاميين المتشددين. وسبق خروج الآلاف من أهالي مدينة بنغازي ضد وجود الكتائب التي لا سلطان عليها، يوم الجمعة الماضي، عدة حوادث مفزعة ورهيبة ولا يتحملها بشر، سواء في المدينة نفسها أو في ضواحيها البعيدة، أو في مدن الشرق الليبي مثل درنة، وعدد من مناطق الغرب أيضا. كانت آخر الحوادث الهجوم على مقر القنصلية الأميركية ببنغازي يوم الحادي عشر من الشهر الحالي، سبقته سلسلة من التفجيرات لمقرات تابعة لمنظمات دولية، إضافة إلى اغتيالات طالت نحو 15 ضابطا ممن كانوا يعملون مع النظام السابق، وتخلل هذه الأعمال المفزعة تفجيرات لمقابر رجال دين مدفونين منذ مئات السنين، وحرق مكتبات تاريخية. ليس هذا فقط.. بل في الليل تجد العشرات من الحواجز المنصوبة التي يقف عليها صبية مسلحون وتحت أيديهم ال«آر بي جي» والكلاشنيكوف والصواريخ أيضا. إنها أسلحة بلا ثمن تم الحصول عليها من مخازن العقيد الراحل معمر القذافي الذي حكم ليبيا مدة 42 سنة، أهمل خلالها كل شيء في بنغازي التي تعد بمثابة العاصمة الثانية للبلاد. ويبدو أن القاعدة البسيطة التي فكر فيها أبناء بنغازي انبثقت من تجارب أخرى تمكن فيها الإسلاميون المتشددون أو المسلحون بشكل عام من النمو والازدهار والتضخم، من خلال الاحتماء بالقبائل، كما حدث في أفغانستان والصومال واليمن. إلا أن الحركات المدنية التي نشطت بقوة بعد سقوط نظام القذافي، هي التي تحالفت هذه المرة مع القبائل والأعيان ومجالس الحكماء ورموز المجتمع المدني، ضد المسلحين، وهو ما يشبه «الصحوات» في العراق. وأدى هذا التحالف إلى طرد الكتائب من المدينة، وإلى تشجيع السلطة الليبية الوليدة على تشديد إجراءاتها ضد كل مظاهر التسلح. يقول عبد الحميد إبراهيم بو الشنيبات العاقوري، عضو لجنة الحكماء والشورى في ليبيا ومن القيادات الشعبية في بنغازي: «في الأسبوع الذي سبق أحداث بنغازي اجتمعت القيادات الشعبية والأمنية في المنطقة الشرقية من البلاد، من مدينة أمساعد شرقا إلى أجدابيا غربا. كانوا أعيان القبائل ومجالس الحكماء في المنطقة الشرقية بالكامل والقادة الميدانيين للثوار أيام التحرير، وليس قادة الكتائب». ويضيف أن «الاجتماع حضره أيضا ممثلون من رئاسة الأركان ووزارة الداخلية، كما حضر من المؤتمر الوطني (البرلمان) عدد من الأعضاء. وشاركت معنا أيضا جميع مؤسسات المجتمع المدني.. ووافق الجميع على إصدار البيان ضد وجود الكتائب ووزع منه ثلاثة آلاف نسخة، ونفذته مدينة بنغازي بخروجها وطرد الكتائب يوم الجمعة الماضي». كانت جميع قبائل المنطقة الشرقية قد أعطت الضوء الأخضر للتخلص من الكتائب المسلحة، خاصة أن كثيرا من رجالات القبائل يثمنون دور السفير الأميركي الذي قتل بعد أن دعم الثورة منذ بدايتها. كما كان البيان بمثابة صرخة من الشارع موجهة للحكومة يفيد بأن بنغازي وباقي المناطق الأخرى لن تتعامل إلا مع قوى رسمية، سواء من الجيش أو الشرطة لحفظ الأمن. يضيف عبد السلام المسماري، رئيس ائتلاف 17 فبراير في بنغازي: «الحراك ضد حمل السلاح والمسلحين بدأ بعد شهر رمضان الماضي لأن الناس كانوا يخافون من الاستمرار في هذا الوضع الخطير الذي يهدد بنغازي وعموم ليبيا». وكان من بين هتافات المتظاهرين المناوئة لوجود الكتائب «يا إرهابي يا مدمر.. نبو (نريد) بنغازي تتعمر»، و«بنغازي تمت (أصبحت) في ورطة.. لا هي جيش ولا هي شرطة»، و«لم نقم بالثورة من أجل الفوضى». «أنا من ضمن من نادوا بخروج أهل بنغازي ضد الكتائب»، هكذا يقول سليمان السعيطي، مستشار مجلس حكماء مدينة بنغازي وضواحيها. ويوضح، أن «الكتائب كانت تمارس ممارسات كثيرة حتى ضج منها الناس، ومن بين هذه الممارسات كثرة نصب البوابات على الطرقات داخل المدينة وعمليات التفتيش المرهقة. عدد البوابات لم يكن في الاستطاعة حصره، فمثلا في النهار تجد عددا منها منصوبا على شوارع معنية وفي الليل تجدد عددا آخر في أماكن أخرى، وأحيانا تذهب إلى مكان ولا تجد أمامك بوابة وحين تعود تجد بوابة. تفتيش وتوقيف». يعرف السعيطي السفير الأميركي ستيفنز كريستوفر، الذي قتل في حادث القنصلية، معرفة شخصية منذ بداية الثورة ضد القذافي. وتابع قائلا، إن الكثير من الجرائم مثل الخطف والحبس والتوقيف من دون مسوغ من القانون قد تكون منسوبة لهذه الكتائب.. اختراقات كثيرة جدا وكان يعاني منها الناس في بنغازي. وارتبط الكثير من كتائب المدينة بقوى داخل السلطة المركزية. وفي يوم «جمعة إنقاذ بنغازي» التي خرجت فيها المظاهرات ضد الكتائب، خرجت قيادات حكومية لتقول، إن بعض الكتائب وهي «17 فبراير» و«راف الله السحاتي» و«درع ليبيا» تتبع لها وتحذر من المساس بها. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يسمع فيها غالبية أبناء بنغازي أن هناك كتائب تابعة لجهات رسمية. وأثار هذا الأمر استغراب الكثيرين. وبدأ البعض يتساءل: إذا كانت هناك كتائب تابعة للدولة فلماذا لم يتم تكليفها بحماية القنصلية الأميركية التي تمت مهاجمتها بأسلحة «آر بي جي» وقتل الدبلوماسي الأميركي. وإلا ما هو العمل الذي تقوم به هذه الكتائب إذا كانت الدولة تقوم بسداد رواتب الملتحقين بها من عناصر غير نظامية. لكن من أين تأتي الأموال لآلاف من عناصر هذه الكتائب حقا؟ يجيب المستشار السعيطي بوضوح قائلا «لا نعرف مصدر تمويلها. هناك مثلا (كتيبة) أنصار الشريعة، لهم طرق خاصة للحصول على الأموال، سواء بالصدقات أو التبرعات أو التمويل من جهات أخرى يتفقون معها في التوجه أو في الأجندة، بالإضافة إلى أنهم ربما لم يكونوا في حاجة إلى الأموال باعتبار أن لديهم أسلحة ومقرات كثيرة استولوا عليها من الأملاك العامة التابعة للدولة». ويضيف مستغربا المعلومات التي خرجت بها الحكومة بشأن تلك الكتائب ويقول: «أما بالنسبة للرواتب التي تصرف من الدولة لكتائب أخرى مثل (17 فبراير) و(راف الله السحاتي) و(درع ليبيا) فإن هذه الكتائب تدعي أنها تتبع الجيش الوطني زورا وبهتانا، وبالتالي يتقاضون مرتبات ضخمة، بينما الحقيقة لم يؤدوا أي دور لمدينة بنغازي ولم يحافظوا على المؤسسات والأملاك العامة وأيضا لم يحافظوا على أمن المواطن، والدليل على ذلك ما حدث للقنصلية الأميركية في بنغازي». ويصمت السعيطي وهو يتذكر السفير كريستوفر، ثم يقول: «حدث ما حدث أمام أعين كل هذه الكتائب، سواء التي تدعي انضواءها تحت لواء الجيش الوطني أو غيرها.. الحادث كان كارثة كبيرة وعملا إرهابيا كبيرا». كانت لافتات المتظاهرين الذين خرجوا في «جمعية إنقاذ بنغازي» تحمل الكثير من الشعارات الموحية. منها على سبيل المثال المطالبة بالكشف عن قتلة عبد الفتاح يونس، رئيس أركان الجيش الوطني الذي كان يقود العمليات ضد قوات القذافي على الجبهة الشرقية في أجدابيا والبريقة، حيث تم توقيفه واغتياله وحرق أجزاء من جسمه. وتعد قبيلة العبيدي من القبائل الكبرى والمعتبرة في ليبيا، خاصة في منطقة الشرق وفي القلب منها بنغازي. ويتذكر السعيطي مجددا مناقشاته مع كريستوفر الذي قال إنه كان يقنع الإدارة الأميركية أثناء بداية الثورة الليبية بأن ليبيا لا يوجد فيها تنظيم ل«القاعدة»، وأنه حين تم اغتيال عبد الفتاح يونس صيف العام الماضي «كان الحديث بيننا يدور عما إذا كان الإسلاميون يقفون وراء مقتل عبد الفتاح يونس». ويقول السعيطي، إن «الشعب الليبي لم يصمت حتى الآن عن المطالبة بإظهار الحقيقة في قضية مقتل اللواء يونس. الشعب الليبي شعر بأن هناك تهاونا في محاكمة المتهمين في القضية أو حتى القبض عليهم. أعرف أن النيابة العامة وجهت الاتهام إلى 17 متهما، ومن المستغرب أنه لم يتم القبض على أي متهم رغم أن منهم من يسرح ويمرح في مدينة بنغازي ومنهم من يسافر للخارج ويعود دون توقيفه. هذا أمر يستفز الشعب الليبي كله وليس أبناء بنغازي فقط». وتقترن المطالبات الشعبية بتفكيك الكتائب المسلحة في بنغازي وفي مدن أخرى بالشرق الليبي، بالثناء على الدور القتالي الكبير الذي قام به عدد منها في الحرب على قوات القذافي، وسقوط قتلى كثر من بين عناصر هذه الكتائب، لكن المشكلة تكمن في الجماعات المسلحة التي شكلت نفسها بعد انتهاء الحرب. ويقول مستشار مجلس حكماء بنغازي، إن عدد الكتائب أصبح يصل إلى نحو 80 كتيبة في مدينة بنغازي، مشيرا إلى أن عدد المنتسبين لكل كتيبة يتراوح ما بين 200 و 250 وحتى 300 فرد. أي أن عدد عناصر الكتائب يمكن أن يصل في بنغازي وما حولها إلى نحو 16 ألف عنصر في المتوسط. وتكمن الخطورة من وجود كتائب لا تخضع للسلطات المركزية في عدة نقاط، أولا: أن معظم المنتسبين إليها من صغار السن الذين تتراوح أعمارهم ما بين 16 و22 سنة. ثانيا: توجد بالقرب من هذه الكتائب مخازن سلاح كثيرة من مختلف الأنواع، وبعضها عبارة عن صواريخ يمكن أن تمثل مصدر تهديد للطائرات، تم نهبها والاستيلاء عليها من مخازن الجيش أثناء الثورة وهي الآن في حوزة هذه الكتائب، إضافة إلى أسلحة متطورة، خفيفة ومتوسطة، لا يعلم إلا الله كيف وصلت إلى أيدي الثوار، سواء أثناء الثورة ضد القذافي أو بعدها. «أغلب عناصر هذه الكتائب من الشباب صغار السن المندفعين. ربما كانوا مدفوعين باعتبار أنهم محسوبون على الثوار، وربما بعض الكتائب تستقطب الشباب بالنفع المادي، أو تستقطبهم بأجندة إسلامية أو غيرها.. بعضها أثر على الشباب الصغير من ناحية الدين باعتبارهم شبابا صغارا ليس لهم باع طويل في الفكر والتفكير وحتى في الدين الإسلامي الحنيف». هكذا يواصل السعيطي قائلا، إن «غالبية الكتائب تسير على نهج التيار الإسلامي». ويتحدث مستشار مجلس حكماء بنغازي عن الكثير من الممارسات التي أسهمت في غضب بنغازي وانتفاضتها ضد المسلحين. ويقول، على سبيل المثال، إن «كتيبة أنصار الشريعة قامت بهدم الكثير من الأضرحة التي يرجع تاريخا لمئات السنين، خاصة الواقعة الأخيرة التي حدثت في منطقة الرجمة القريبة من بنغازي، حيث قاومهم المواطنون بالأعيرة النارية، وسقط قتلى من الجانبين. حدث هذا رغم أن الليبيين لا يعبدون الأوثان ولا يعبدون الأضرحة ولا المقابر ولا حتى الأولياء الصالحين». وسبق حادث الهجوم على القنصلية الأميركية وقوع تفجيرات لمواقع تابعة للصليب الأحمر والأمم المتحدة واغتيالات لضباط كانوا يعملون في السابق في الأمن الداخلي والخارجي واللجان الثورية. لكن السعيطي يقول، إن اغتيالات الضباط من رتب المقدم والعقيد والعميد لم تتضح أسبابها بعد و«لكن أعتقد أن وراءها ثأرات شخصية باعتبار أن أغلبية من تم اغتيالهم كانوا تابعين لعصر الطاغية القذافي، فأغلبهم كانوا في الأمن الداخلي وجهاز الأمن الخارجي واللجان الثورية، وهذه الأجهزة كانت تقمع الناس في العهد السابق». ويضيف الشيخ القبلي حمودة بو عطية جميعي، رئيس لجنة المصالحة في مجلس حكماء بنغازي، أن مجلس حكماء المدينة استشعر منذ وقت مبكر الخطر من وجود الكتائب المسلحة في بنغازي، مثلما هو الحال في عدة مناطق أخرى بليبيا، بعد أن انتهى دورها بانتهاء الثورة وسقوط نظام القذافي. ويقول قادة في الكتائب، إن الجيش يوجد به ضباط كانوا يقاتلون مع النظام السابق، فكيف ندخل تحت ولاية عسكري كان يعمل ضمن قوات القذافي «مؤسسة الجيش تحتاج لتغيير كامل». ويبعد جمعة عبد الكافي، من قيادات الكتائب المسلحة في بنغازي، شبهة الإرهاب عن الكتائب ويقول، إن «الليبيين كلهم مسلمون، وليس معنى أن تطيل لحيتك وتلبس جلبابا وتحمل سلاحا أنك أصبحت إرهابيا كما يريد البعض أن يصورنا». لكن عبد الكافي لا ينكر أن كثيرا من قادة الكتائب كانوا في السابق أعضاء في الجماعات الدينية المتشددة وبعضهم قاتل في أفغانستان، من بينهم شخصية معروفة في مدينة درنة كان مسجونا في معتقل غوانتنامو. ويلقي عبد الكافي باللائمة على المجلس الذي ترأسه منذ بداية الثورة المستشار مصطفى عبد الجليل، وأدار من خلاله المرحلة الانتقالية في ليبيا. ويقول إن «المجلس الانتقالي تأخر منذ البداية في إنشاء رئاسة للأركان وتأخر في إنشاء وزارة للدفاع، مما أدى إلى اختلاط الاختصاصات بينهما فيما بعد في التعامل مع الثوار (الكتائب)، كما أننا نشعر بأن صلاحيات وزارة الدفاع تم تقليصها، وهي غير قادرة على طرد الضباط الذين كانوا يعملون مع النظام السابق وما زالوا في أعمالهم داخل الجيش الجديد. كيف أكون مرؤوسا تحت إمرة ضابط كنت أقاتله منذ أشهر قليلة (أيام الثورة)». ويقول عبد الكافي، إن «البوابات الأمنية التي تقوم الكتائب بنصبها لم تكن تستهدف التضييق على المواطنين بقدر ما تهتم بالبحث عن المطلوبين، خاصة مع ضعف إمكانات الشرطة المحلية»، مشيرا إلى أن حادث القنصلية الأميركية «لم يكن مدبرا. وأعتقد أنه جاء بشكل عفوي ردا على إطلاق نار من جانب حراس القنصلية. ولا علاقة لنا به». وتعاني بنغازي مثل غالبية المدن الليبية من تواضع إمكانات الشرطة ويقول المقدم حسن الشلماني، رئيس قسم الدوريات الأمنية في المدينة، إن الإمكانيات غير متوفرة بحيث تجعل فرد الأمن يعمل على أكمل وجه، رغم أن الأمر تحسن في الفترة الأخيرة. وقامت السلطات بتشكيل اللجنة الأمنية العليا التابعة لوزارة الداخلية من أجل تجميع الثوار في هيكل رسمي موحد، لكن لم يزد عدد المنضوين تحت لواء هذه اللجنة عن 110 آلاف عنصر في عموم البلاد، بينهم نحو 5 آلاف في العاصمة طرابلس. ولا يشكك قادة الجيش عموما في ولاء الكتائب باعتبارهم ثوارا يخافون على تراب الوطن. ويقول العقيد عادل البرعصي، الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الليبية: «هناك بعض الكتائب تحصلت على الشرعية من قبل رئاسة الأركان العامة، بالإضافة إلى أنه تم تشكيل بعض الكتائب التي لم تتحصل على هذه الشرعية، وما حدث في بنغازي (يوم الجمعة الماضي) هو خروج أفراد الشعب بصفة عامة لغرض إقصاء هذه الكتائب التي ليس لها شرعية والمطالبة بتكوين جيش وطني صحيح». ويتابع العقيد البرعصي قائلا، إن «هذه المسيرة التي كانت في بدايتها سلمية، تغير مسارها إلى مجابهة أو مقاتلة أثناء اتجاه هذه الجماهير لبعض كتائب الثوار التي رأوا أنهار كتائب غير شرعية»، مشيرا إلى أن المتظاهرين لم يتجهوا لمعسكرات الدفاع الجوي ومعسكر الصاعقة، وإنما اتجهوا إلى المعسكرات التي لا يرتدي أفرادها الزي الرسمي. وبشأن الدعوة التي تم توجيهها للكتائب بالانضمام للجيش، يضيف البرعصي بقوله، إن «هذا النداء كان منذ البداية، وما زال مستمرا، إلى أن تدخل هذه الكتائب الجيش أو تلتحق برئاسة الأركان. كانت هناك استجابة حيث اتجه البعض للالتحاق بالجيش والبعض اتجه لوزارة الداخلية والبعض ظل محتفظا بالسلاح والمواقع. وأرى أن هذه المشكلة سوف تنتهي قريبا». وحول المخاوف من أن بعض العناصر من الكتائب المسلحة تنتمي إلى تيارات دينية متشددة يمكن أن تنضم إلى المؤسسة العسكرية قال: «نحن ليس لنا علاقة بتفكير هؤلاء الناس ولكن لنا علاقة بالصيغة الانضباطية والالتزام بالعسكرية بشكل قح، ومن يرفض الالتزام فليس لنا حاجة به. ولن نسمع بوجود أي كيان خارج الشرعية في أي مكان في ليبيا». وردت وزارة الدفاع فيما يتعلق برفض الكتائب الانضمام للجيش بزعم وجود ضباط فيها كانوا يعملون مع النظام السابق، بقولها إن «من لديه أسماء عن مخطئين يأتي بها».