المغرب حصن عزة وتلاحم أبدي بين العرش والشعب أسقط كل المؤامرات    أيلون ماسك يستثمر في الصحراء المغربية    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    التأكد من هوية الشاب المغربي الذي عُثر عليه في البحر قبالة سبتة المحتلة    دي ميستورا يبحث تطورات قضية الصحراء المغربية مع خارجية سلوفينيا    المغرب والسعودية يعززان التعاون الثنائي في اجتماع اللجنة المشتركة الرابعة عشر    المملكة العربية السعودية تدعم مغربية الصحراء وتعتبر مبادرة الحكم الذاتي حلا وحيدا لهذا النزاع الإقليمي    الوقاية المدنية تتدخل لإنقاذ أشخاص علقوا داخل مصعد بمصحة خاصة بطنجة    إجهاض محاولة تهريب دولي للمخدرات بميناء طنجة المتوسط وحجز 107 كيلوغرامات من الشيرا    أوزين: عدم التصويت على قانون الإضراب مزايدة سياسية والقانون تضمن ملاحظات الأغلبية والمعارضة    لهذه الاسباب سيميوني مدرب الأتليتيكو غاضب من المغربي إبراهيم دياز … !    صرخة خيانة تهز أركان البوليساريو: شهادة صادمة تكشف المستور    الأمم المتحدة تحذر من قمع منهجي لنشطاء حقوق الإنسان في الجزائر    وزيرة التنمية الاجتماعية الفلسطينية تُشيد بمبادرات جلالة الملك محمد السادس لدعم صمود الفلسطينيين    تعرف على برنامج معسكر المنتخب المغربي قبل مواجهتي النيجر وتنزانيا في تصفيات كأس العالم 2026    الكاف يشيد بتألق إبراهيم دياز ويصفه بالسلاح الفتاك    فيفا يكشف جوائز مونديال الأندية    المغرب يستقبل أولى دفعات مروحيات أباتشي الأميركية    "حماس" تؤكد مباحثات مع أمريكا    الاستثمار السياحي يقوي جاذبية أكادير    سلا: حفل استلام ست مروحيات قتالية من طراز 'أباتشي AH-64E'    نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية وزخات مطرية رعدية قوية الأربعاء والخميس    فاس تُضيء مستقبل التعليم بانضمامها لشبكة مدن التعلم العالمية    3 قمم متتالية تكرس عزلة النظام الجزائري وسط المجموعة العربية وتفقده صوابه ومن عناوين تخبطه الدعوة إلى قمة عربية يوم انتهاء قمة القاهرة!    المغرب..البنك الأوروبي للاستثمار يسرّع دعمه بتمويلات بقيمة 500 مليون أورو في 2024    دنيا بطمة تعود لنشاطها الفني بعد عيد الفطر    وزارة الصحة : تسجيل انخفاض متواصل في حالات الإصابة ببوحمرون    تداولات بورصة البيضاء بأداء سلبي    عمرو خالد: 3 أمراض قلبية تمنع الهداية.. و3 صفات لرفقة النبي بالجنة    "أونسا" يطمئن بشأن صحة القطيع    مونديال الأندية.. "فيفا" يخصص جوائز مالية بقيمة مليار دولار    مطار محمد الخامس يلغي التفتيش عند المداخل لتسريع وصول المسافرين    قصص رمضانية.. قصة بائعة اللبن مع عمر بن الخطاب (فيديو)    وكيل أعمال لامين يامال يحسم الجدل: اللاعب سيمدّد عقده مع برشلونة    هذه مقاييس التساقطات المطرية المسلجة خلال يوم واحد.. وهذه توقعات الخميس    مسؤول يفسر أسباب انخفاض حالات الإصابة بفيروس الحصبة    دراسة: النساء أكثر عرضة للإصابة بمرض ألزهايمر من الرجال    العثور على أربعيني ميتًا نواحي اقليم الحسيمة يستنفر الدرك الملكي    حدود القمة العربية وحظوظها…زاوية مغربية للنظر    «دلالات السينما المغربية»:إصدار جديد للدكتور حميد اتباتويرسم ملامح الهوية السينمائية وعلاقتهابالثقافة والخصائص الجمالية    «محنة التاريخ» في الإعلام العمومي    القناة الثانية تتصدر المشهد الرمضاني بحصّة مشاهدة 36%    تحذير من حساب مزيف باسم رئيس الحكومة على منصة "إكس"    طنجة تتصدر مدن الجهة في إحداث المقاولات خلال 2024    النيابة العامة تتابع حسناوي بانتحال صفة والتشهير ونشر ادعاءات كاذبة    أمن طنجة يحقق في واقعة تكسير زجاج سيارة نقل العمال    كسر الصيام" بالتمر والحليب… هل هي عادة صحية؟    اليماني: شركات المحروقات تواصل جمع الأرباح الفاحشة والأسعار لم تتأثر بالانخفاض في السوق الدولية    أبطال أوروبا.. قمة ألمانيا بين البايرن و ليفركوزن واختبار ل"PSG" أمام ليفربول    مكملات غذائية تسبب أضرارًا صحية خطيرة: تحذير من الغرسنية الصمغية    الصين تعلن عن زيادة ميزانيتها العسكرية بنسبة 7,2 بالمائة للعام الثالث على التوالي    المنتخب المغربي يدخل معسكرا إعداديا بدءا من 17 مارس تحضيرا لمواجهة النيجر وتنزانيا    اجتماع بالحسيمة لمراقبة الأسعار ومعالجة شكايات المستهلكين    عمرو خالد يكشف "ثلاثية الحماية" من خداع النفس لبلوغ الطمأنينة الروحية    وزارة الثقافة تطلق برنامج دعم المشاريع الثقافية والفنية لسنة 2025    في حضرة سيدنا رمضان.. هل يجوز صيام المسلم بنية التوبة عن ذنب اقترفه؟ (فيديو)    عمرو خالد: هذه أضلاع "المثلث الذهبي" لسعة الأرزاق ورحابة الآفاق    بريسول ينبه لشروط الصيام الصحيح ويستعرض أنشطة المجلس في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحيل عبد الرحمان باكو .. العضو الأسطوري في فرقة ناس الغيوان
نشر في مغارب كم يوم 15 - 10 - 2012

يشيع رحيل الفنان عبد الرحمان باكو٬ العضو الأسطوري في فرقة ناس الغيوان٬ قصة عطاء موسيقي استثنائي٬ فتح التجربة الغيوانية على مدارات التراث الكناوي وبصم ذاكرتها بلمسة فرجوية واستعراضية فريدة.
هكذا ينضم عازف "الهجهوج" الذي طالما حول أوتار آلة روحانية عتيقة إلى كهرباء إيقاعية عالية التوتر٬ إلى الإسمين الفارقين ضمن الثلاثية الذهبية المفقودة: محمد بوجميع والعربي باطما.. كما لو أن الأمر يتعلق بدراما دورية تغذي استمرارية أسطورة ناس الغيوان،وفق تقرير لوكالة الأنباء المغربية.
ورغم أن الراحل كان قد فضل الاحتجاب عن الأضواء والعودة إلى ملاذه الروحي الأول الصويرة٬ بعد وفاة العربي باطما٬ قبل أن يكرس وحدته القسرية سقوطه بين براثن المرض٬ فإن وفاة باكو تفجر لحظة تأبين حزينة لمسار فني سكن الذاكرة الجماعية لأجيال من المغاربة الذين احتضنوا تجربة مجددة منذ سبعينيات القرن الماضي.
لم يبدأ مجد عبد الرحمان باكو مع ناس الغيوان. فقبل ذلك٬ كان الراحل قد جرب في الصويرة٬ ملاذ الباحثين عن الأصيل والمختلف والانفلات من ربقة اللغة الموسيقية الأحادية٬ لعبة الحوار مع ذوات وقوالب إيقاعية غربية المنشأ٬ والانخراط في مشاريع فنية مشتركة مع موسيقيين عالميين٬ لكن ما سيظل عالقا في أذهان المعجبين٬ مشاهد تلك الحركة التلقائية الخفيفة على منصة الأداء الغيواني٬ وذلك العزف الباطني الذي يهز أوتار الروح.
في بورتريه خصت به وكالة الأنباء المغربية ٬ الراحل٬ قبل سنوات٬ إبان فترة مرضه٬ تحدث الناقد حسن بحراوي٬ أحد المتابعين للتجربة الغيوانية٬ عن "المعلم الكناوي من الطراز الرفيع"٬ الذي حمل تجربته إلى الدار البيضاء حيث سبقه "صيته الموسيقي إلى المدينة التي احتضنت ميلاد ظاهرة المجموعات وهي تباشر مشروعها التحديثي للموسيقى المغربية".
مع باكو٬ وبرائعة "غير خوذوني" دشنت فرقة "ناس الغيوان" في مرحلة ما بعد بوجميع٬ حلقة المزج بين إيقاعات مغرب الشاوية والحوز والايقاعات الافريقية الكناوية.
لم يكن الجديد إذن في تجربة هذا الرجل٬ انضمام آلة السنتير أو (الهجهوج) التي بلغ فيها مدى لم يتيسر لغيره إلى زميلاتها في المشهد الغيواني٬ فالآلة احتلت مكانها منذ واقعة الميلاد الأولى للمجموعة٬ غير أن ما يحسب لعبد الرحمان هو ذلك "الحضور العضوي" غير المسبوق الذي باتت تشغله هذه الآلة. وسيذكر تاريخ المجموعات الموسيقية الشعبية بالمغرب أن باكو كان رائدا٬ يقول حسن بحراوي٬ في "تثمين القيمة الهارمونية لآلة الهجهوج ليس فقط كأداة مصاحبة بل كفاعل مبدع في الهندسة الموسيقية للأغنية إلى جانب "سنيترة" علال٬ و "طمطم" باطما٬ و"بندير" عمر السيد.
لقد تمكن عبد الرحمان باكو من الذهاب ب "السنتير"٬ الآلة ذات الهوامش النغمية المحدودة٬ والتي اعتادت على تسيد فضائها في ليالي "كناوة" الى آفاق بعيدة لتحاور على مستوى الندية آلات وترية سريعة الايقاع. وكان من حظ عشاق الغيوان أن يقف باكو أقصى يمين المجموعة وعلى يسراها علال "الجوقة المتكاملة" كما وصفه الراحل باطما٬ لتكون الحواريات والمقابلات الايقاعية بين الرجلين أوج لحظات العطاء والتجاوب. لقد أصبح "السنتير" لدى عبد الرحمان آلة تعمل بكهرباء الأصابع.
أدرك المتابعون للتجربة الغيوانية الفتية أن باكو هو الدم الجديد الذي كانت تحتاجه مجموعة لم تزل حينذاك تجتر فداحة الفقدان الكبير لنجمها بوجميع. بدا أن الطائر الوافد من مدينة الأليزيه طاقة متفجرة .. صوت قوي وبراعة موسيقية وحركة جسدية خفيفة ومحسوبة في غير ما ابتذال أو افتعال.
فباكو ليس فقط تلك الصيحة الصاعدة من المدارات السحيقة٬ ولا مجرد ركن موسيقي ضمن زمرة الأربعة الكبار٬ هو أيضا وأساسا ذلك الحضور الباهر على خشبة الأداء. حضور شرع للمريدين سنة ولوج أفق المشاركة الكاملة بالوجدان والجسد في صنع اللحظة الغيوانية٬ التي أضحت مع عبد الرحمان٬ كما يقول حسن بحراوي٬ امتدادا لطقوس الليلة الكناوية. إنها " جذبة " لها شروط ومكونات امتلك باكو مفاتيح إنضاجها عند كل لقاء مع جماهير الغيوان داخل المغرب وخارجه. من هنا يسجل لهذا الصويري الروحاني أنه "نقل ممارسة هذا الرقص الطقوسي من إطار شعائري خفي إلى حقل التداول الجماهيري العمومي".
أما حين دعي عمر السيد٬ العميد الذي مازال قابضا على جمرة الغيوان٬ إلى تقديم شهادة عن عبد الرحمان باكو٬ وقد داهمه المرض آنذاك وقطع خطوط العودة٬ يوما ما٬ إلى سفينة مغامرة موسيقية لا تتكرر٬ فلم يتردد في استحضار قصة "حضور بصيغة الجمع على منصة الغناء٬ جبارا مستحوذا على الفضاء٬ بابتسامته العريضة٬ بهبة القبول لدى الناس٬ بحركته الرشيقة٬ لكن أيضا بثراء مساهمته في الموسيقى والكلمة الغيوانية".
في أوج خلاف الإخوة وتفرق السبل٬ لم يخف عمر السيد في تصريحه للوكالة أنه يعيش٬ في ما يشبه طقسا يوميا٬ حالة انشداد وحنين إلى روائع باكو في إطار المجموعة: "زاد الهم"٬ "نرجاك أنا"٬ "ونادي يانا".. وغيرها من خوالد ظاهرة فنية أثخنتها الغيابات في مطبات الطريق الطويل.
*تعليق الصورة: الفنان عبد الرحمان باكو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.