حذر رئيس المجلس الوطني التأسيسي في تونس ٬ من عواقب حالة الاحتقان التي تشهدها البلاد في المرحلة الراهنة٬ داعيا مختلف مكونات الطبقة السياسية وخاصة الأغلبية والمعارضة إلى إيجاد حد أدنى من التوافق حول القضايا الخلافية المطروحة. وقال مصطفى بن جعفر ٬ في كلمة وجهها ليلة أمس ٬ عبر التلفزيون إلى الشعب التونسي ٬ في وقت تشهد فيه تونس تجاذبات سياسية حادة بين أحزاب الأغلبية والمعارضة وتواتر الأحداث والمظاهرات في عدد من مناطق البلاد ٬ إن"الحوار ولغة الصدق هما السبيل إلى حل كل المشاكل"٬ مؤكدا على ضرورة الجلوس إلى طاولة الحوار من أجل "تجاوز هذه المرحلة والوصول الى تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة"،وفق وكالة الأنباء الرسمية المغربية. يذكر أن جزءا هاما من المعارضة يعتبر أنه بحلول 23 أكتوبر الجاري٬ تنتهي "الشرعية الانتخابية" للائتلاف الحاكم حاليا بقيادة حركة النهضة (اتجاه إسلامي) ويتعين التوصل إلى "شرعية توافقية". وتعتبر المعارضة أن المجلس التأسيسي المنتخب في 23 أكتوبر من السنة الماضية ٬ والذي انبثقت عنه الأغلبية الحاكمة ٬ حدد له المرسوم الذي تم بموجبه دعوة الناخبين للاقتراع ٬ فترة سنة للانتهاء من مهمة كتابة الدستور وانتهاء المرحة الانتقالية ٬ وهو ما يرفضه الائتلاف الحاكم ٬ مؤكدا أن المجلس المنتخب من الشعب كسلطة "أصلية" هو صاحب السيادة ولن تنتهي مهمته إلا بعد الانتهاء من المهمة الموكولة له وانتخاب المؤسسات التي تعوضه. ومع اقتراب تاريخ 23 أكتوبر ٬ تصاعدت حدة الصراع السياسي وتبادل الاتهامات بين الأغلبية والمعارضة ٬ تغذيها الأحداث التي تشهدها عدة مناطق من البلاد والمتمثلة في سلسلة من الاحتجاجات والاعتصامات والمواجهات مع قوات الأمن على خلفية مطالب اجتماعية ٬مما خلق جوا من الاحتقان عم أغلب مناطق البلاد. وفي هذا السياق اعتبر بن جعفر في كلمه إلى الشعب أن هذه الحالة من الاحتقان ترجع إلى "تصلب المواقف" بين الحكومة والمعارضة ٬محذرا من أن ذلك من شأنه أن "يؤدي إلى الفوضى" في البلاد٬ وقال إن المواطن التونسي الذي يعاني من مشاكل التشغيل وظروف العيش الصعبة٬ أصبح اليوم "يشك في كل شيء.. يشك في السلطة وفي الإدارة وفي الحكومة وفى المعارضة وفى نوابه بالمجلس التأسيسي وفى وسائل الإعلام". ودعا الحكومة إلى القيام بتقييم موضوعي للوضع في البلاد و"التحلي بالجرأة للاعتراف بالأخطاء وتصحيحها"٬ كما دعا المعارضة التي قال إنها تتمسك بموقف "سلبي ومتحجر وعدم الاعتراف بحقوق الأغلبية التي أفرزتها صناديق الاقتراع"٬ إلى أن تتخلى عن هذه المواقف وتتقدم باقتراحات عملية. وأشار رئيس المجلس التأسيسي إلى أن القضايا الخلافية ٬والتي كانت سببا في تأخير الانتهاء من الدستور ٬هي في طريقها للحل وخاصة ما يتعلق بطبيعة النظام السياسي ٬ الذي قال إنه سيكون "نظاما ديمقراطيا يضمن التوازن بين السلطات ويؤسس لقضاء مستقل وينص على إحداث محكمة دستورية"٬ بالإضافة إلى تحديد تاريخ إجراء الانتخابات القادمة (الرئاسية والتشريعية) التي ستتم تحت إشراف هيئة مستقلة. وفي محاولة لتخفيف حالة التوتر ٬ تمكن الاتحاد العام التونسي للشغل ٬ أكبر مركزية نقابية في البلاد ٬ من إقناع أحزاب الأغلبية والمعارضة بالموافقة على الدخول في حوار مباشر ٬ في إطار مؤتمر وطني ينتظر أن يتم يوم الثلاثاء القادم٬ من أجل إيجاد أرضية للتوافق حول المشاكل الخلافية بين الحكومة والمعارضة التي ساهمت في حالة الاحتقان الحالية٬ وهي المبادرة التي نوه بها بن جعفر في كلمته. *تعليق الصورة:مصطفى بن جعفر، رئيس المجلس الوطني التأسيسي في تونس.