فجر الفيلم التسجيلي ''عن يهود مصر''، أول أمس، مفاجأة من العيار الثقيل، خلال عرضه في فعاليات بانوراما الفيلم الأوروبي بالقاهرة، في دورتها الخامسة، حيث كشف أن مقر السفارة الجزائرية بالعاصمة المصرية كان هدية من يهودي مصري متضامن مع الثورة التحريرية المجيدة، يدعى هنري كورييل، والد آلان غريش، رئيس تحرير ''لومند ديبلوماتيك'' الفرنسية الشهيرة، وأنه قد تمت تصفيته من قبل المخابرات الفرنسية، لا لشيء إلا لدعمه الثورة الجزائرية. اعتمد المخرج المصري أمير رمسيس، وهو أحد تلاميذ المخرج العالمي يوسف شاهين، على عرض لقاءات نادرة مع اليهود المصريين في فرنسا، وأحد اليهود الموجودين بالقاهرة، وخصص المخرج جزءا كبيرا من الفيلم للتعريف بشخصية هنري كورييل. وينتمي هنري كورييل، وهو يهودي مصري إلى الحركة الشيوعية، ومن عائلة ثرية جدا، كان رافضا لقيام دولة إسرائيل، واستخدم أمواله في دعم الحركات التحرّرية في العالم، حيث كان يموّل بعض العمليات الفدائية في فلسطين، إذ كان على علاقة وثيقة جدا بالحركة الفلسطينية، كما موّل الحركة التحرّرية في جنوب إفريقيا، بالإضافة إلى دعمه للثورة التحريرية المجيدة في الجزائر منذ عام .1956 وكان صديقا شخصيا للرئيس الراحل أحمد بن بلة، وطلب منه التوسط لدى عبد الناصر كي يسمح لوالدته بالسفر إلى باريس لزيارة أبنائها، حيث كانت العلاقة بين مصر وفرنسا سيئة جدا، آنذاك، بعد العدوان الثلاثي على مصر. وجاء في الفيلم أن عبد الناصر وافق بعد وساطة بن بلة، وأهدى هنري كورييل الفيلا الخاصة بالعائلة للحكومة الجزائرية، وهي فيلا شديدة الفخامة على الطراز المعماري القديم بأحد أرقى أحياء القاهرة (الزمالك)، حيث من المعروف أن مقر السفارة الجزائريةبالقاهرة أفضل وأهم مقر لسفارة أجنبية بمصر. وكشف آلان غريش، رئيس تحرير ''لومند ديبلوماتيك''، أنه يهودي ولد في مصر، وأن هنري كورييل والده الحقيقي، ووجه غريش أصابع الاتهام للمخابرات الفرنسية، متهما إياها بأنها قتلت والده في السبعينيات، انتقاما منه لدعم الثورة الجزائرية، مؤكدا أن والده قتل برصاصة غادرة، وأن أصابع الاتهام لا تخرج عن ثلاث دول، الأولى مخابرات جنوب إفريقيا لأنه دعم حركة التحرّر هناك، والثانية الموساد الإسرائيلي لأنه كان يموّل بعض العمليات الفدائية الإسرائيلية، والثالثة المخابرات الفرنسية في رسالة سياسية غامضة منها للحكومة الجزائرية، بسبب مساندته لها. ويعتبر هنري كورييل، داعم الحركات التحرّرية في العالم، شخصية استثنائية ذات ميول شيوعية، حيث كان على علاقة وطيدة بليون كاسترو، مؤسس الاتحاد الصهيوني بمصر، وسعد زغلول، زعيم الثورة المصرية. وتحدث الفيلم عن دور يهود مصر الكبير في دعم وتأسيس الثقافة المصرية، أبرزهم يعقوب صنوع، مؤسس المسرح المصري، والذي كان يطلق عليه ''موليير المسرح المصري''، وكذا الفنانة ليلى مراد التي كانت تنافس أم كلثوم وأضحت علامة في تاريخ الغناء والسينما المصرية.