الرباط " مغارب كم": بوشعيب الضبار بفارغ الصبر، وبأمل كبير في فرجة تلفزيونية حقيقية، انتظر المشاهدون المغاربة، حلقات السلسلة اليومية "الديوانة"، التي تجمع بين نجمين مغاربين في الفكاهة، هما الجزائري عبد القادر السيكتور، والمغربي حسن الفذ. ومبعث هذا الاهتمام يكتسب شرعيته من كون الإثنين معا، اعتادا أن يقدما لجمهورهما، أعمالا كوميدية، تعتبر إلى حدما مقبولة، وبعيدة شيئا ما عن الإسفاف الذي يطبع في غالب الأحيان مسلسلات وأسكيتشات رمضان، كل سنة. فكرة اللقاء بين الإثنين، في عمل تلفزيوني واحد، ذكية، ومبتكرة، وقد كان وراءها، الفنان جمال الدبوز، الذي انبثقت لديه خلال مهرجان مراكش للضحك، باعتبارها فرصة للتنافس الفني، وفضاء لطرح العديد من شجون وشؤون الشعبين المغربي والجزائري، برؤية كوميدية، عبر الحدود، التي يطالب المغرب منذ مدة بفتحها، دون أن تجد دعوته أي استجابة لدى الجار الشقيق، رغم كل القواسم المشتركة. ويبدو أن الفكرة، رغم جماليتها وفرادتها الإبداعية، لم تنضج على نار هادئة، ولم تأخذ حظها من الإعداد، خاصة على مستوى كتابة النص والحوار، فجاء التنفيذ بئيسا، ولا يرقى إلى انتظارات المشاهدين، في البلدين معا. والواضح أن الاستعجال، ربما، هو الذي أسفر عن هذه "الطبخة"، التي أفسدت لقاءا فنيا كان يمكن بلورته بشكل أفضل، رغم أن هذه ليست هي أول مرة، يتم فيها استعمال الحدود، كمنطلق لعمل فني، جدير بالمشاهدة والتأمل. هناك تجارب فنية، يعرفها الجميع، أثارت الكثير من الإعجاب، ومازالت تحظى براهنيتها، مثل فيلم "الحدود" للفنان السوري دريد لحام، وغيره من الفنانين في مختلف أنحاء العالم. وأولى الملاحظات، أن السلسلة لاتتعدى بضع دقائق، فما أن تبتديء حتى تنتهي، دون أن تشفي غليل المشاهدين، لاشكلا ولامضمونا، باسثناء بعض الحلقات، التي حملت إشراقات في التناول الفني، وهي قليلة جدا لحد الساعة. ولاأحد يعرف سر هذا الإصرار اليومي على برمجة السلسلة،بشكل يومي، فقد كان بالإمكان جعلها أسبوعية، شريطة أن تأخذ وقتا أطول في الإنجاز والإخراج، وتتضمن لوحات كوميدية، تنبض بالسخرية من واقع الحال، بأسلوب فني راق، بدل هذا التسرع، الذي كانت نتيجته لحد الآن محبطة، ومخيبة لأمل الكثيرين. الفذ والسيكتور، الإثنان معا يملكان الموهبة، والاستعداد الفطري، والذكاء الفني، ولكنهما اخلفا هذا الموعد،نتيجة سقوطهما معا في دائرة الرتابة والتكرار والملل. فلايكفي أن يقفا الإثنان معا، وهما يمثلان دور الجمركيين،عند بوابة الحدود المغربية الجزائرية، للثرثرة فقط في مواضيع يغيب عنها الابتكار والخيال، مثل أن الممثلة الفرنسية إيزابيل أدجاني أصلها جزائري، وأن استهلاك الجزائريين للقهوة يرفع من درجة توترهم، فيما يجعل تناول الشاي المغاربة أكثر هدوءا،حسب ماجاء في إحدى الحلقات. ماذا يفيد ذلك؟ وماهي القيمة المضافة، التي يمكن أن يحملها في طياته؟ لاشيء، مع الأسف، سوى الاجترار، وإعادة الكلام المكرور، الذي فقد بريقه. وعسى أن يتداركا الإثنان معا الموقف في القادم من الأعمال الفنية المشتركة، حفاظا على مصداقيتهما، التي هي رأسمالهما الفني، حتى لايتم تصنيفهما ضمن لائحة فنانين كوميديين آخرين، فقدوا البوصلة، ولم يعودوا جديرين بالاهتمام. * تعليق الصورة: سلسلة " الديوانة" لحسن الفذ وعبد القادر السيكتور.