اذا كانت بعض الأحزاب السياسية في الجزائر، راهنت على كسب ود الناخبين في حملاتها الانتخابية عبر الخطب السياسية والتجمعات الشعبية والزيارات الميدانية لبعض الإحياء، فان هناك أخرى رأت أهمية استعمال وسائل جديدة للتقرب اكثر من المواطنين، على غرار توظيف وسائل الاتصال الحديثة، من باب مسايرة التطورات التي يعرفها المجتمع، علما أن عدد مستخدمي الانترنيت في الجزائر يناهز ال10 ملايين، يرتاد ثلاثة ملايين منهم مواقع التواصل الاجتماعي وفي طليعتها "فايسبوك"." ومع دخول الحملة الانتخابية أسبوعها الثالث، يلاحظ تباين في استعمال الوسائل الحديثة من قبل التشكيلات السياسية، فهناك أحزب قطعت أشواطا كبيرة في استغلال التكنولوجيا وهناك من لم تول أهمية لهذا الجانب، مكتفة بالوسائل التقليدية المقتصرة على الخطب و المداخلات في الإذاعة والتلفزيون. وباستقراء لواقع تعامل التشكيلات السياسية مع دعائم الاتصال الحديثة، يلاحظ استعمال متباين ومحتشم من طرف الأحزاب لمواقعها الإلكترونية الرسمية الموجهة للترويج لبرامجها الانتخابية؛ فباستثناء بعض الاحزاب التي قامت بتحيين مواقعها الرسمية خصيصا لهذه المناسبة وتلك التي تمتلك مجرد عناوين لمواقع "معطلة"، يلاحظ أيضا ان أغلب التشكيلات السياسية،لاسيما الجديدة، لا تمتلك مواقع إلكترونية. ويوجد حزب جبهة التحرير الوطني (الافالان) في طليعة من أدخل على موقعه الالكتروني، عدة تعديلات، منها تخصيص بوابة لشرح محتويات برنامج الحزب مع إمكانية التعليق على مضمونه، إلى جانب وضع "رزنامة" مفصلة لمختلف التجمعات الشعبية واللقاءات الحوارية وأماكن تنظيمها على مستوى كل ولاية. وتم تزويد الموقع بشريط لأخبار الحزب مدعم بصور ومقاطع "فيديو" تعرض التجمعات الشعبية والحصص التلفزيونية لمناضلي هذه التشكيلة. ويدعو حزب جبهة التحرير الوطني من خلال موقعه الزوار إلى المشاركة في حوار تفاعلي يلتقي من خلاله الأمين العام للحزب، عبد العزيز بلخادم، مع متتبعي نشاطات حزبه مباشرة على موقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك" للرد على تساؤلاتهم وانشغالاتهم لمدة ساعة ابتداء من الساعة السابعة مساء. أما تكتل "الجزائر الخضراء" الذي يضم حركة مجتمع السلم وحركة النهضة وحركة الإصلاح الوطني ،فقد استخدم موقعا رسميا موحدا يحمل تصميما خاصا بالحملة الانتخابية ، يتضمن برنامج التكتل ورزنامة الحملة بشكل مفصل مع فيديوهات عن مختلف نشاطاته. ويقترح الموقع روابط للتواصل مع "التكتل" من خلال صفحاته عبر شبكات التواصل "الفايسبوك و التويتر. يشار هنا الى النشاط المكثف الذي يقوم به عبر ذات الوسيلة، مرشح عن حركة مجتمع السلم ومتصدر قائمة الجزائر العاصمة، عمار غول، الذي يشغل حاليا منصب وزير الإشغال العمومية، والذي تنسب إليه الانجازات الضخمة، لا سيما الطريق السيار شرق -غرب رغم ما شابه من فضائح مالية أسهبت الصحافة في استعراضها و كانت نتيجتها إيداع بعض إطارات القطاع السجن . في المقابل انحصر توظيف بعض الأحزاب لمواقعها الرسمية في نشر برامجها الانتخابية مثل " التجمع الوطني الديمقراطي" الذي اكتفى بعرض برنامج الحزب مع نشر بعض البيانات واللوائح التنظيمية، في حين بقيت أغلبية بوابات الموقع غير محينة، لدرجة أن الموقع يحتفظ بقائمة مترشحيه لتشريعيات 2007. من جانبها لم تعول الاحزاب السياسية التي سجلت حضورها في مواعيد انتخابية سابقة، على توظيف مواقعها الرسمية في الحملة الافتراضية على غرار حزب العمال والجبهة الوطنية الجزائرية وحزب الطبيعة والنمو، إذ لوحظ أن مواقعها الالكترونية الرسمية معطلة. وبعد انقضاء أسبوعين على انطلاق الحملة الانتخابية التي نشطها ما لا يقل عن 44 تشكيلة سياسية، إضافة إلى مترشحين أحرار، لم تبادر أغلبية الأحزاب الجديدة بالرغم من التسهيلات التي وفرتها وزارة البريد وتكنولوجيا الاتصال في هذا الشأن- بإنشاء مواقع رسمية معللة ذلك ب"ضيق الوقت". وكان قطاع والاتصال، أعلن جملة من التسهيلات لفائدة المترشحين المشاركين في تشريعيات 10 مايو المقبل، لربطهم بشبكة الانترنيت ومساعدتهم لاستحداث مواقع الكترونية خاصة بهم للتعريف ببرامجهم. ورغم مراهنة الأحزاب السياسية في سباقها للفوز بمقاعد في البرلمان المقبل على الشباب المعروف عنه استخدامه الكبير للشبكة العنكبوتية، يلاحظ ان العديد من التشكيلات السياسية لم تبذل جهدا كافيا إلى حد الساعة لتوظيف هذه الوسائط الافتراضية، قصد استمالة هذه الفئة من المجتمع وإقناعها بجدوى برامجها المختلفة. واكتفت تلك الأحزاب باستحداث صفحات خاصة بها على مواقع التواصل الاجتماعي، الفايسبوك، باعتباره الأكثر رواجا في الجزائر، مركزة في تمرير خطابها السياسي الذي يبقى مستنسخا على الوسائل الاتصالية التقليدية (التجمعات الشعبية و اللقاءات الحوارية و كذا الحصص الإذاعية والمتلفزة والإشهار عبر بعض الجرائد الخاصة الناطقة باللغة العربية .و يذكر في هذا الصدد لجوء العديد من المتصدرين لمترشحي قوائم ولايات جنوبالجزائر الى هذه الوسيلة ، سواء بعرض البرامج او بتوجيه الشكر للمساندة التي يلقونها من قبل مواطنين، وهي طريقة تحمل في طياتها استعطافا لكسب ود الناخبين . وفي المقابل نجد من الأحزاب من راهن على وسائل اكبر من ذلك من خلال تجاوز المواقع الالكترونية ومنتديات التواصل الاجتماعي، كما هو الشأن لحزب جبهة العدالة والتنمية لأمينه العام، عبد الله جاب الله، والذي أطلق مؤخرا قناة تلفزيونية "العدالة" تبث إرسالها من مملكة البحرين، في سابقة تعد الأولى من نوعها لحزب سياسي في الجزائر. يأتي ذلك في وقت فضل فيه حزب الحركة الشعبية الجزائرية التي يقودها ،عمارة بن يونس، اقتحام فضاءات التلفزيون من خارج البلاد، من خلال عرض وصلات اشهارية للترويج للحزب عبر قناة "نسمة "التي تبث من تونس ، وهو ما اثأر حفيظة مرشح "الافالان" في هذا البلد فأودع شكوى إمام اللجنة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات واصفا ما قام به حزب عمارة بن يونس، بكونه تجاوزا ولجا الى وسيلة أجنبية لترويج حملته، ما دفع باللجنة الوطنية للإشراف على الانتخابات الى توقيف تلك الوصلات. ولم تستسغ القرار الحركة الشعبية الجزائرية التي دعت منذ يومين، اللجنة الوطنية للإشراف على الانتخابات، للتراجع عن قرار وقف بث الحملات الإشهارية للأمين العام للحزب، مشيرة الى أن التسجيلات التي بثتها قناة "نسمة'' هي في الحقيقة تدخلات قصيرة للأمين العام للحزب يدعو فيها الشعب الجزائري للتصويت وعرض لمواقف الحزب ومبادئه''.