بدأ الفرنسيون الإدلاء بأصواتهم صباح اليوم الأحد في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي يرجح أن تؤدي إلى منافسة بين دورة ثانية بين الرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي وخصمه الاشتراكي فرنسوا هولاند. وبدأ الاقتراع في الساعة الثامنة (6,00 تغ) وسينتهي في المدن الكبيرة في الساعة 20,00 (18,00 تغ) ليبدأ نشر التقديرات الاولية للنتائج بحسب مؤسسات استطلاعات الرأي، إلا إذا قررت وسيلة إعلامية انتهاك القانون الذي يمنع نشر إي نتائج قبل هذا الموعد، حسب تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية. وقد دعي حوالي 44,5 مليون ناخب إلى التصويت لاختيار احد عشرة مرشحين في الدورة الأولى التي سيخرج منها مرشحا الدورة الثانية. وبعد أسبوعين، سيختار الناخبون الفرنسيون المرشح الذي سيقود لخمس سنوات هذه القوة العالمية الكبرى والعضو الدائم في مجلس الأمن الدولي والتي تملك نفوذا خاصا قل نظيره في العالم. وترجح استطلاعات الرأي منذ أشهر عدة فوز فرانسوا هولاند في الدور الثاني بمعدل 55 بالمائة من الأصوات، وبذلك ينطلق المرشح الاشتراكي من موقع قوة في طريقه ليكون أول رئيس يساري لفرنسا منذ فرانسوا ميتران (1981-1995). ويبدو أن خسارة احد هذين المرشحين من الجولة الأولى أمر مستبعد، إذ أن استطلاعات الرأي تضع مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن في المرتبة الثالثة بفارق كبير مع نسبة تأييد تراوح بين 14 و17 بالمائة. لكن المرشح الاشتراكي يفضل ان يبقى حذرا في تفاؤله. وقال عند ادلائه بصوته اليوم مع صديقته الصحافية فاليري تريرويلر في معقله تول ان كوريز (وسط) انه "حذر ومستعد لكنه قبل كل شىء احترم (الانتخابات)، إن الفرنسيين هم الذين يصوتون. اليوم الذي بدأ سيكون طويلا وهي لحظة مهمة". وكان هولاند قال في آخر أسبوع من حملته "لا شيء محسوما" بعد، داعيا الى التعبئة لحشد الأصوات له خلال الدورة الأولى. وتشير معظم استطلاعات الرأي الى تقدمه بفارق بسيط على نيكولا ساركوزي (28 بالمائة مقابل 26 بالمائة). وخلال حملته الانتخابية منذ أكثر من سنة،شدد فرنسوا هولاند على أولوياته مثل إيجاد الوظائف للشبان، وتحقيق النمو، مؤكدا تصميمه على إعادة توازن الميزانية في العام 2017. وقد نجح الرئيس السابق للحزب الاشتراكي (1997-2008) في حجب غياب خبرته الحكومية وتحويل الانتخاب إلى استفتاء ضد الرئيس المنتهية ولايته. إما نيكولا ساركوزي وعلى الرغم من اعترافاته العديدة بأخطائه فلم يتمكن من جهته من محو تدهور شعبيته وصورته ك"رئيس للأغنياء". وكثف نداءاته إلى "شعب فرنسا" وركز حملته الانتخابية على الأمن والهجرة مقدما نفسه على انه الرئيس الذي جنب فرنسا الغرق في أزمة اقتصادية مثلما حدث لليونان. وأشار إلى أن حملة أخرى ستبدأ الاثنين خصوصا إن احتل الطليعة في "دورة أولى أساسية" كما عنونت صحيفة لوفيغارو المحافظة السبت. ثم تأتي بعيدا في المرتبة الثالثة زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن (43 عاما) مع الخطيب المفوه اليساري الراديكالي البارع جان لوك ميلانشون (60 عاما) واللذين يقدر حصولهما على حوالي 15 بالمائة من نوايا التصويت. وسيتقدمان على مرشح الوسط فرنسوا بايرو (11 بالمئة) الذي ركز في حملته على تعزيز القطاع الصناعي في البلاد ومسألة الدين. وقد كان أول مرشح يدلي بصوته صباح الأحد في بو (جنوب غرب). وقال إن "المشاكل التي تحدثت عنها طوال الحملة ستكون في صلب تفكير الفرنسيين". وحجب ميلانشون،مفاجأة الحملة مع مهرجاناته الحاشدة، مرشحي اليسار المتطرف فيليب بوتو (الحزب الجديد لمناهضة الرأسمالية) وناتالي ارتو (النضال العمالي) اللذين لم يتجاوزا ال1 بالمائة. ومثله مرشحة الخضر ايفا جولي التي لم تتجاوز نسبة التأييد لها ال3 بالمائة. وهذا ما يعد احتياطي مضمون من الأصوات لفرنسوا هولاند في الدورة الثانية. وكتبت صحيفة ليبراسيون مبتهجة "اليسار القوي" لتحاكي بسخرية شعار نيكولا ساركوزي "فرنسا القوية". وتشير استطلاعات الرأي إلى أن نيكولا ساركوزي لن يستطيع الاعتماد من جهته سوى على جزء من ناخبي مارين لوبن وبايرو. والمرشحان الأخيران السيادي اليميني نيكولا دوبون اينيان وجاك شيميند غير المعروف فيرجح ان يحصل الأول على نحو 2 بالمئة والثاني على 0,5 بالمئة. غير أن المحللين يحذرون من الأثر الذي قد يحمله ارتفاع نسبة مقاطعة الانتخابات على النتائج، مع توقعات بأن تتجاوز أل 25 بالمائة وفق بعض معاهد الاستطلاعات. وتؤشر هذه النسبة إلى فقدان جزء من الفرنسيين ثقتهم بالطبقة السياسية التي يعتبرونها عاجزة عن التصدي للازمة. وقد طغى بالفعل الوضع الاقتصادي على الحملة الانتخابية مع الارتفاع الكبير في معدلات العجز والبطالة (اكثر من 10 بالمئة)، وسط استحضار لشعارات الابتعاد عن الأنشطة الصناعية والحمائية الأوروبية او العدالة الضريبية. ودعت الصحف الفرنسية اليوم الأحد الناخبين إلى ممارسة حقهم في التصويت بدون أن تعبر عن ميلها لأي من المرشحين، وتنتظر بفارغ الصبر نتيجة الاقتراع. وتساءلت صحيفة "جورنال دو ديمانش" اليوم "لمن نصوت?"، ونشرت صورا بالابيض والاسود للمرشحين العشرة مع معلومات عن كل منهم، مشيرة إلى أن "المساومات للدورة الثانية ستبدأ اعتبارا من الساعة 20,00". أما صحيفة لوموند فتريد مساعدة قرائها على "فهم رهانات الدورة الأولى (...) بانتظار المواجهة المعلنة بين ساركوزي وهولاند".