سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رئيس الوزراء الليبي: لست قلقا من التقسيم.. والثوار الحقيقيون ليس ليدهم مشكلة في التخلي عن السلاح الكيب في حوار مع «الشرق الأوسط»: تلقينا وعودا دولية بتسليم أعوان القذافي
أكد الدكتور عبد الرحيم الكيب، رئيس الحكومة الانتقالية في ليبيا، أنه ليس قلقا بشأن إمكانية تقسيم البلاد، معتبرا أن الخيار للشعب الليبي في تقرير ما يراه مناسبا لإدارة شؤونه الداخلية. وكشف الكيب، في حوار مع «الشرق الأوسط»، عن تلقيه وعودا برفع مؤقت للحظر عن تصدير السلاح إلى ليبيا، وتسليم مساعدي وأعوان نظام الرئيس الراحل معمر القذافي الموجودين في الخارج. واعتبر الكيب أن نظام الفيدرالية في ليبيا قديم وأكل الدهر عليه وشرب، ولم يعد يناسب المرحلة الراهنة أو المستقبل، لكنه أكد في المقابل أن الشعب الليبي هو من يقرر خياره، لافتا إلى اعتزام حكومته طرح مشروع قانون الإدارة المحلية الذي سيقسم ليبيا إلى محافظات لحل لكثير من المعضلات الداخلية. وقال الكيب إنه «لمس، خلال لقاءاته مسؤولي الحكومات الأجنبية والعربية، التقدير الكامل الذي يشعر به هؤلاء لثورة الشعب الليبي التي أسقطت نظام القذافي في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، مشيرا إلى أن «الجميع لم يمارس أي ضغوط من أي نوع، وأكدوا في المقابل دعمهم للثورة لضمان نجاحها في إعادة الهدوء والاستقرار إلى البلاد». ونفى الكيب اعتزامه إجراء تعديل وزاري وشيك على حكومته المؤقتة التي ستتولى تسيير شؤون البلاد حتى إجراء الانتخابات التشريعية المقررة منتصف العام الحالي، موضحا أن «حكومته تعمل بشكل جيد وتحقق إنجازات معقولة خلافا لما يراه البعض».. وفي مايلي نص الحوار.. * حدثنا عن أهم ما أنجزته خلال زيارتك الخارجية الأخيرة؟ - كان الأساس هو مخاطبة مجلس الأمن؛ لأنه كان هناك عدد من القضايا العالقة، رأينا أنه من الضروري أن نتحدث فيها، وما أُنجز هو اللقاء المباشر مع الإخوة أعضاء مجلس الأمن، ووجود رئيس وزراء من ليبيا يخاطبهم، وأوضحنا لهم الوضع بالكامل، وطبيعة التحديات التي نواجهها. * وماذا طلبتم؟ - طلبنا منهم طلبات محددة، منها على سبيل المثال: أن يرفعوا الحظر عن شراء السلاح، وعلى الأقل في الوقت الحالي، أي شيء نحتاجه بشكل محدد نطلبه، وستكون هناك موافقة، لكن الرفع الكامل سيأتي مع الوقت القريب إن شاء الله، كما طلبنا من كل الدول المحبة للسلام، التي تريد لهذه الثورة النجاح وتبحث عن الديمقراطية أن يعينونا على تسليم بقايا النظام السابق في الدول المجاورة والقريبة منا. * وماذا كان الرد؟ - في الحقيقة كان ردهم إيجابيا جدا. * لماذا ذهبت بالأساس إلى مجلس الأمن؟ - في هذه المرة اضطررنا للذهاب إليه؛ لأن هناك أيضا موضوعا يتعلق بحقوق الإنسان؛ فلدينا بعض المشاكل وبعض التجاوزات المحدودة وغير الممنهجة، فطبعا نحتاج لتأكيد هذا الأمر، وكان التجاوب إيجابيا، وأيضا تم عقد لقاء شخصي مع بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، ولقاء مع ممثلي صندوق النقد الدولي، ونحن ليس لدينا قروض منهم ونحتاج إلى بعض البرامج لتطوير الجهاز المصرفي في ليبيا، وبعض القضايا الأخرى التي لها علاقة بالشؤون المالية وغيرها من التدريب والتطوير، وطلبنا أن يكون لليبيين حقهم في الوجود بالصندوق، وطلبنا منهم أن تكون لنا بعض المقاعد، وقابلنا أيضا ممثلي البنك الدولي وكانت النتائج أيضا إيجابية جدا، وحددنا ملامح بعض البرامج التي من الممكن أن تستفيد منها ليبيا، وكانت لدينا طلبات محددة ودراسات نريد أن تجرى في ليبيا. وكانت الاستجابة واضحة، كما دعونا نائبة مدير البنك الدولي لزيارة ليبيا، وقبلت، وأيضا مديرة صندوق النقد الدولي من المحتمل أن تأتي، نريد أن يشعر العالم بأن ليبيا الآن جاهزة لعودة الشركات وبحركة اقتصادية ناجحة، ونتيجة لوجودنا في أميركا كان من الطبيعي أن نوافق على الدعوة لزيارة واشنطن من باب المجاملة، وفي الأساس كانت الزيارة لمجلس الأمن، لكن قدمت لنا الدعوة فوافقنا. * وكيف كانت المعاملة معكم؟ - أقولها بكل فخر: إن ليبيا والشباب الليبي أبهروا الجميع بدرجة كبيرة جدا؛ فهم يريدون تأكيد احترامهم وتقديرهم للجهد الذي بُذل من قبل الشباب الليبي لنجاح هذه الثورة. * وما الذي وعد به الرئيس الأميركي باراك أوباما؟ - الحقيقة لاحظت شيئا جديدا في أسلوب التعامل معنا، فوجدت أن كل الدول التي التقينا ممثليها لم يكن هناك أي ضغط في أي اتجاه، بل قالوا إن هذه ثورتكم، وهذه دولتكم، ولكم أن تختاروا الطريق والدور المناسبين، ونحن فقط اعتبرونا عاملا مساعدا، وعندما تحتاجون لأي شيء فنحن موجودون، وأكدت أن هذا المعنى هو ما يبحث عنه الليبيون، وأنهم لا يريدون من يضغط عليهم في أي اتجاه. * وهل حصلتم على استجابة لمطالبكم؟ - نعم، طالبنا برفع الحظر عن تصدير السلاح إلى ليبيا، وتلقينا موافقات مبدئية على أن كل ما نحتاجه في الوقت الراهن ستتم الاستجابة إليه بما يتماشى مع الوضع القائم، ونأمل أن ينتهي هذا الحظر في أقرب وقت؛ لأننا بحاجة إلى فعل الكثير من أجل إعادة تأهيل قواتنا العسكرية وتزويدها بالعتاد المطلوب حتى تصبح قادرة على القيام بالأعباء الموكلة إليها، وأيضا طلبنا رفع الحظر مجددا عن أرصدة ليبيا المجمدة بالخارج، وهناك استجابات في هذا الصدد. * أنتم بصدد الإعلان عن أضخم ميزانية في تاريخ البلاد.. ماذا عنها؟ - نعم، هذا صحيح. فقريبا جدا سنعلن عنها بالتفاصيل، وهي الأضخم؛ لأن حجم الدمار والخراب اللذين لحقا بالبلاد خلال ثورة 17 فبراير (شباط) من العام الماضي كبير؛ فليبيا تحتاج إلى الكثير والكثير لإعادة الإعمار والتنمية والبناء مجددا. * وهل كانت هناك تخوفات من مسألة الفيدرالية؟ - نعم، كان هناك تخوف كبير وطرحت علينا الكثير من هذه التساؤلات والمخاوف، من الطبيعي أن يكون لدى البعض قلق من هذا التصور، وقد شرحنا كيف ننظر للوضع ورؤيتنا له. * وهل أنت متخوف من طرح إقليم برقة نفسه كإقليم فيدرالي؟ - لا، أنا أراه جزءا من الحراك السياسي في البلاد، وإذا طرح الأمر في استفتاء وتركنا الليبيين يقررون فستكون لدينا نتيجة مغايرة لهذا الطرح، وأعتقد أن نظام الفيدرالية نظام قديم أكل الدهر عليه وشرب ولا يناسبنا في هذه المرحلة، لكن هذا لا يمنع من أن ننظر إلى ضرورة البحث في خيارات واقعية، ولهذا نطرح قانون الحكم المحلي؛ حيث سيتم تقسيم ليبيا إلى محافظات، ونعتقد أن أسلوب الإدارة المحلية لدى تطبيقه سيعالج الكثير من المشاكل الموجودة الآن. * إذن أنت لست قلقا على ليبيا من التقسيم؟ - لا، لست قلقا، لدينا وعي كبير بما ينبغي أن نفعله، والشعب الليبي يدرك تماما ما يريده، وهذه الثورة التي أطاحت بالنظام السابق قادرة على أن ترسم لنفسها وللبلاد مستقبلا وطنيا يستوعب الجميع من دون إقصاء أو تهميش. * لكن المستشار مصطفى عبد الجليل تحدث عن تورط بعض الدول العربية والأجنبية في فكرة فيدرالية إقليم برقة؟ - أنا شخصيا ليست لديَّ معلومات في هذا الصدد، ولم يتفضل عليَّ المستشار مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الانتقالي، بهذه المعلومات، وأنا عادة لا أحب الخوض في هذه الأمور، لكن إذا ثبت أن هناك دولا بعينها تقف وراء أي خيار ضد مصلحة الشعب الليبي سنتخذ منها موقفا حاسما وحازما، وستكون لنا معها وقفة تتلاءم مع المخاطر التي يتعين علينا درؤها حفظا على وحدة ليبيا وأمنها واستقرارها. * هو أيضا انتقد أداء حكومتك ووصفه بالضعيف ولمح إلى إمكانية إجراء تعديل وزاري؟ - للمستشار أن يقول ما يراه مناسبا، لا مشكلة لدينا في هذا الإطار، لكن أولا أعتقد أنه ليس هناك تغيير وزاري وشيك في الحكومة التي أتولى مسؤوليتها، اللهم إلا إذا كان هناك البعض يريد أن يستقيل، وليس لديَّ حتى الآن أي علم بتفكير أحد الوزراء في الحكومة في الإقدام على هذا الأمر. هذه الحكومة تعمل، كما قلت مرارا، في ظروف صعبة بكل المقاييس، وإذا كنا نرحب بأي انتقادات تستهدف تصويب الأداء وتطويره، فإنني أظن أنه من غير الملائم أن نرى الانتقادات توجَّه إلينا عبر وسائل الإعلام. فهناك قنوات يجب التعامل معها. * لكن المستشار عبد الجليل اعتبر أداء حكومتك ضعيفا؟ - هو له الحق في أن يقيس الأمور بالسرعة والكيفية اللتين يراهما، لكن نحن من جانبنا لدينا قناعة بأننا على الطريق السليم، لقد حققنا الكثير من الإنجازات التي بدأ الليبيون يشعرون بها، ولاحقا سيتزايد الشعور بما تفعله هذه الحكومة. * إذن أين تكمن المشكلة؟ - المشكلة تكمن في أننا لسنا من هواة الظهور الإعلامي المتكرر، ونعتقد أن لدينا عملا ينبغي أولا إتمامه بعيدا عن الصخب ووسائل الإعلام. ونحن نعمل في هدوء، لكنك تدرك أهمية الإعلام، ومن حق المواطنين الليبيين أن يكونوا على تماس مع ما نفعله. * في الفترة الأخيرة جرى اعتداء على مقابر للأجانب في بنغازي، وهناك أنباء حول الاعتداء على أضرحة وقبور صوفية.. هل لديك مخاوف من وجود تيار إسلامي متطرف الآن؟ - لا توجد إشكالية في مثل هذه الأمور، لكن هناك بعض التجاوزات، وهذا أمر نحن ضده في الحقيقة، وأعتقد أننا، بغض النظر عن الانتماءات الفكرية والاتجاهات السياسية، نلتزم بأخلاقيات وأساسيات المجتمع الليبي، وأنا متأكد من أنه إذا كانت هناك تجاوزات فهي من قلة قليلة، وأن هناك عقلاء بين إخوتنا من السلفيين أو غيرهم، وأن هذه المشكلة ظاهرة غريبة، وما أتعجب منه هو أن أقل حادثة تحدث في ليبيا تضخم وتصبح قضية غير طبيعية، وفي ما يخص السلاح أو بعض الجرائم أو التجاوزات أو خلافات بين شخصين أو جماعة، وحتى في شيكاغو مثلا ونيويورك وروما وغيرها من المدن في الدول المتقدمة تحدث هذه التجاوزات، ولو أجرينا إحصائية تحدد كم من الجرائم تُرتكب في ليبيا في دقيقة مثلا أو في ساعة أو في يوم مقارنة مع الدول الأخرى سنجد ليبيا في آخر القائمة. * أثيرت مؤخرا مسألة مشاركة مقاتلين ليبيين في القتال ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ما معلوماتك بشأن ذلك؟ - في هذا الصدد لا تتوافر لديَّ أي معلومات ولا علم لي بوجود مقاتلين من الثوار الليبيين أو غيرهم على الأراضي السورية. * لكنكم مع هذا دعمتم المجلس الانتقالي المناوئ لنظام الأسد؟ - نعم، قررنا تقديم دعم مالي لهم، ووافقنا على فتح مكتب لهم في طرابلس واعترفنا بهم كشرعية وطنية، فلا يمكن لأحد أن يقبل كل هذا الدمار أو الخراب الجاري في سوريا. * هل تعتقد أنه يتعين على الأسد أن يرحل؟ - لا أحب الخوض علانية في هذه الأمور، لكن الشعب السوري قال كلمته، وأظن أنه من العبث تحدي إرادة الملايين من أبناء الشعب السوري، نحن ندعم مطالبه في الحرية والعدالة، وثورات الربيع العربي لم تنطلق جزافا، بل كانت ضد الظلم والقهر والطغيان، فمررنا بهذه التجربة الصعبة ونتفهم أوجاع السوريين وآلامهم، ونتمنى أن نقدم لهم كل المساعدات الممكنة. * وهل تقدمون للمعارضة السورية السلاح، أم أنكم تفكرون في تزويدها بمقاتلين؟ - نعتقد أن ليبيا في حاجة إلى بقاء الثوار بداخلها لتأمين حدودها والدفاع عن أمنها واستقرارها، ولا نفكر في إرسال مقاتلين إلى أي دولة عربية أو أجنبية، لدينا ما يكفينا من المشاكل الأمنية التي تحتاج إلى مشاركة كل المقاتلين على الأرض هنا، ونتمنى أن ينتهي الوضع الراهن في سوريا بأسرع وقت، وأن يعود الأمن والاستقرار لمصلحة الشعب. * إلى أين يمضي برنامجكم لاستيعاب الثوار؟ - حتى الآن لدينا أكثر من 130 ألفا إلى 140 ألفا من الثوار الذين تقدموا بأوراقهم إلى هيئة شؤون المحاربين، والبرنامج يمضي قدما ونحقق نجاحا معقولا في هذا الإطار، وهم ينخرطون في مؤسساتنا العسكرية والأمنية، بعضهم التحق بقوات الجيش الوطني، والآخرون انضموا إلى قوات الشرطة والأمن، والثوار الحقيقيون لا مشكلة لديهم في ترك السلاح والتخلي عنه والعودة للحياة المدنية. * لكنك مؤخرا حرضت الليبيين على التظاهر ضد من يحملون السلاح؟ - نعم فعلت ذلك، وقلت لليبيين أن يتظاهروا تعبيرا عن رفضهم لكل مظاهر التسلح في طرابلس، وانتقدت أشباه الثوار؛ فهم مرفوضون تماما ولا حاجة لنا بهم، لكننا نرى أنه يجب أن يتم الأمر بكثير من الحكمة والتعقل.. على الشارع الليبي أن يقول كلمته ضد هؤلاء، وقد قالها، الضغط الشعبي على هؤلاء مطلوب في هذه المرحلة، ومع ذلك فإننا نحقق تقدما لافتا، كما أصدرنا تعليمات لكل كتائب الثوار بإعادة المنافذ البحرية والجوية والبرية التي يسيطرون عليها إلى الدولة والحكومة، ولقد بدأ معظمهم بالفعل يستجيب لهذه التعليمات؛ لأن هدفنا هو أمن ليبيا واستقرارها. * بعيدا عن السياسة.. ما الذي اختلف لديك قبل الحكومة وبعدها؟ - لم يكن هناك اختلاف، لكن تأكد لي إصراري السابق قبل تسلمي هذه المهمة على أن ليبيا تستطيع، وأبناءها يستطيعون أن يعملوا بشكل إيجابي لما فيه مصلحة الوطن، والآن وجدت أن ذلك الإصرار يجب أن يستمر. * على الصعيدين الأسري والاجتماعي، هل تأثرت علاقاتك بمن حولك؟ - نعم تأثرت؛ لأنني لا أجد الوقت حتى أستطيع الجلوس مع بعض الأصدقاء الذين أحب أن أجلس معهم، لكن الكل يعلم أن ذلك هو المقصود نتيجة؛ لأن همي الرئيسي هو هذه المهمة التي أحملها. * وكيف تخليت عن عملك الأكاديمي؟ - نعم، الأمور المادية تركتها ورائي، وأعتقد أن ذلك يمثل شيئا بسيطا جدا بالنسبة لما فعله شبابنا لتحرير ليبيا، وهذه مسألة بسيطة وأقل من الواجب. * وهل ما زلت تجد وقتا للقراءة؟ - أحيانا، والسبب ربما هو قلة الوقت بسبب كثرة العمل والأعباء. * وما آخر ما قرأته؟ - كتاب «رجال حول القذافي» لعبد الرحمن شلقم، وزير الخارجية الأسبق، ومندوب ليبيا لدى الأم المتحدة.