أفادت مصادر حزبية في المغرب أن ترتيبات تجرى للإعلان عن موعد انتخابات البلديات ونظام الجهات، إضافة إلى مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان). ورجّحت المصادر أن يكون الخريف المقبل محطة مناسبة لاستكمال بناء المؤسسات الديموقراطية، في ضوء إقرار القوانين ذات الصلة بهذه الاستحقاقات، وفي مقدمها النظام الجهوي الذي يمنح المحافظات صلاحيات أوسع في تدبير الشؤون المحلية. وستكون الانتخابات المقبلة أول امتحان لحكومة القيادي الإسلامي عبدالإله بن كيران الذي سيخوض حزبه «العدالة والتنمية» المنافسات المحتملة من موقع المسؤولية الحكومية. ولم تخف أوساط ترصد المشهد السياسي في البلاد أن الحزب الإسلامي ربما يستفيد من شعبيته المتنامية في ضوء نشره قوائم المستفيدين من أذونات النقل (المدعوم من الدولة) وعزمه المضي قدماً في ترشيد الإنفاق وإعلان الحرب على لوبيات الفساد. وتسربت، في غضون ذلك، معلومات عن إمكان نشر قوائم شخصيات متنفذة تستحوذ على مقالع الرمال والامتيازات الخاصة، ما اعتبره أكثر من مراقب سابقة في التزام الشفافية حيال ملفات كان يطبعها الغموض واللبس. وزاد في حظوظ الحزب الإسلامي الذي احتل المرتبة الأولى في الاستحقاقات الاشتراعية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، عزمه إقرار ضرائب على كبريات الشركات التي تحقق أرباحاً عالية على أن تُضخ هذه المداخيل في «صندوق التضامن الاجتماعي». وقد تكشف الخطوط العريضة للموازنة المالية للعام الحالي عن جوانب من هذه الخطة. بيد أن المنافسات الانتخابية المقبلة ستسبقها استحقاقات حزبية تطاول عقد مؤتمرات أحزاب عدة، في مقدمها «الاستقلال» الذي يتزعمه رئيس الحكومة السابق عباس الفاسي، و «العدالة والتنمية» الذي يقود الحكومة الحالية، إضافة إلى «الاتحاد الاشتراكي» الذي يقوده رئيس الاتحاد الدولي للبرلمانات عبدالواحد الراضي. وستكون هذه المؤتمرات فرصاً مواتية لتجديد النخب الحزبية على بعد خطوات من انتخابات البلديات المقررة قبل نهاية العام الحالي. على صعيد آخر، يبدأ وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه الخميس زيارة رسمية للمغرب ستكون الأولى من نوعها منذ تعيينه على رأس الديبلوماسية الفرنسية. ويجتمع المسؤول الفرنسي إلى نظيره المغربي سعد الدين العثماني العضو القيادي في «العدالة والتنمية». وصرح جوبيه بأن الإصلاحات التي عرفها المغرب منذ إقرار دستور الأول من تموز (يوليو) وإجراء انتخابات شفافة وتعيين حكومة جديدة برئاسة عبدالإله بن كيران «أُجريت في هدوء»، مؤكداً أنه كان أول من أشاد بالتجربة المغربية في هذا النطاق كونها «أخذت في الاعتبار بشكل سريع الدينامية السياسية والاجتماعية التي يعرفها المغرب». ووصف الطموح الإصلاحي للعاهل المغربي الملك محمد السادس ب «الرؤية المتبصرة». ورأى أن المغرب «لديه كل إمكانات النجاح» وأن لديه الثقة في كل ما تحمله الديموقراطية والحرص على احترام حقوق الإنسان، في إشارة إلى التحولات الإقليمية في منطقة الشمال الافريقي. ولم تستبعد المصادر أن تكون هذه التطورات ضمن أجندة المحادثات الفرنسية - المغربية، إضافة إلى ملف نزاع الصحراء والعلاقات المغربية - الجزائرية وتداعيات الحرب على الإرهاب في منطقة الساحل جنوب الصحراء. إلى ذلك، ستكون جولة المفاوضات غير المباشرة حول الصحراء التي تستضيفها مانهاست في الحادي عشر من الشهر الجاري أول مناسبة لمشاركة وزير الخارجية المغربي الجديد سعد الدين العثماني في إطار ملف الصحراء. ويقول مراقبون إن أهمية الجولة المقبلة تكمن في أنها أول فرصة يلتئم فيها الحوار حول الصحراء في ضوء التحسن الذي تعرفه العلاقات المغربية - الجزائرية والمساعي التي تبذلها العواصم المغاربية لعقد قمة مغاربية في تونس قبل نهاية العام الحالي.