هيمنت تساؤلات إن كانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ألغت لقاءات محتملة لها في الرباط مع نشطاء مغاربة في المجتمع المدني ينتسبون إلى تيارات يسارية وإسلامية تقود موجة الاحتجاجات. وذهبت أوساط، اليوم، إلى تأكيد أن هذه اللقاءات التي بُرمجت في وقت سابق تم استبدالها بدعوات وجّهت إلى بعض تنظيمات المجتمع المدني لحضور حفلة تدشين المقر الجديد للسفارة الأميركية في الرباط. بيد أن منظمة «هيومن رايتس ووتش» المعنية بقضايا حقوق الإنسان طلبت إلى الوزيرة كلينتون، عشية حلولها بالرباط، أن تضغط على الحكومة المغربية للوفاء بالتزامات تضمّنها الدستور الجديد لناحية إلغاء العقوبات السالبة للحرية ضد مظاهر التعبير السلمي عن الرأي. وتزامن ذلك واعتقال نشطاء شباب بعضهم من القاصرين بتهم المساس بثوابت ومقدسات الدولة. وركزت انتقادات المنظمة الأميركية الحقوقية على ملفات السلطة والصحافة، في إشارة إلى استمرار اعتقال الصحافي رشيد نيني الذي يقضي عقوبة بالسجن سنة مع التنفيذ بتهم «تحقير مقررات قضائية». بيد أن الإدارة الأميركية سبق لها أن رحّبت بالتحولات الإصلاحية التي عرفتها البلاد، لجهة إقرار دستور جديد منفتح وإجراء انتخابات اتسمت بقبول نتائجها من كافة الشركاء وقادت الحزب الإسلامي «العدالة والتنمية» إلى صدارة المشهد الحزبي. ويسود اعتقاد أن الملفات الإقليمية وفي مقدمها التقارب بين الرباطوالجزائر والتوجه العام نحو معاودة تفعيل الاتحاد المغاربي، إضافة إلى تقويم درجات التنسيق في الحرب على الإرهاب، ستشكل أبرز القضايا التي ستستغرق محادثات الوزيرة كلينتون والمسؤولين المغاربة، بخاصة وزير الخارجية سعدالدين العثماني. ولمّح رئيس الحكومة عبدالإله بن كيران إلى ارتباط زيارة وزيرة الخارجية الأميركية إلى بلاده وأجندة مشاركته في مؤتمر دولي حول القدس. لكنه رحّب بالزيارة وأبدى احترامه وتقديره لرئيسة الديبلوماسية الأميركية التي قال إنه قد يجتمع معها في حال سمحت التزامات الطرفين بذلك. وينظر المراقبون إلى أهمية الزيارة على اعتبار أنها شملت الجزائر والمغرب البلدين اللذين يشكلان القوة الدافعة أمام بناء الاتحاد المغاربي، في حال ساد الوفاق رؤيتهما لهذا الملف وغيره من القضايا المتفرعة مثل قضية الحدود البرية المغلقة والموقف من تطورات نزاع الصحراء وتسوية العديد من الملفات الأخرى. غير أنها المرة الأولى التي تزور فيها الوزيرة كلينتون منطقة شمال أفريقيا في أفق تطورات إيجابية تلوح في الأفق، أقربها استمرار تبادل الزيارات بين مسؤولين حكوميين مغاربة وجزائريين والاتفاق على عقد قمة مغاربية قبل نهاية العام الجاري، إضافة إلى الاتفاق على إبعاد ملف الصحراء عن مسار العلاقات الثنائية. وفي سياق متصل، أشارت مصادر الأممالمتحدة إلى أن الجولة التاسعة من المفاوضات غير الرسمية حول الصحراء المقررة ما بين 1 و13 آذار (مارس) المقبل ستمكّن الأطراف من نقاش متقدم للأفكار الجديدة التي أعلن عنها الأمين العام للمنظمة بان كي مون في تقريره الأخير إلى مجلس الأمن. وأفاد مكتب الناطق باسم الأممالمتحدة أن الأطراف ستبحث خلال هذه الجولة الجديدة - التي دعا إليها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة كريستوفر روس والتي سيشارك فيها المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة «بوليساريو» - «بشكل متقدم الأفكار الجديدة المرتبطة بالحوكمة (بيئة وموارد طبيعية وإزالة الألغام)، المعلن عنها من طرف الأمين العام في تقريره» إلى مجلس الأمن في نيسان (أبريل) الماضي. وأضاف المكتب أن الأطراف ستعمل أيضاً على «التعمّق أكثر في درس اقتراحات بشأن تسوية» نزاع الصحراء، وستتاح لها أيضاً فرصة بحث «درجة تقدم إجراءات الثقة وكذلك التطرق للاجتماع التنسيقي الأخير للمفوضية السامية للاجئين». يذكر في هذا الصدد أن مجلس الأمن كان دعا المفوضية إلى إجراء إحصاء دقيق للسكان المتحدرين من أصول صحراوية الذين تؤويهم مخيمات تيندوف جنوب غربي الجزائر.