الرباط "مغارب كم": محمد بوخزار يلتقي وزير الفلاحة والصيد البحري الإسباني، أرياس كانييطي، اليوم الخميس مع نظيره المغربي، عزيز أخنوش، لإجراء مباحثات تمهيدية بخصوص تجديد اتفاق الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي والذي يستفيد منه بالأساس أسطول صيد الأسماك في إقليم الأندلس وبدرجة أقل في إقليم "غاليثيا" الإسباني. واستمع "كانييطي" إلى مطالب واقتراحات الصيادين قبل مجيئه إلى الرباط. وكان نشاط سفن الصيد الإسبانية قد توقف في الشواطئ المغربية منذ شهر ديسمبر الماضي على إثر تصويت مفاجئ من طرف البرلمان الأوروبي معارضا تجديد الاتفاق المبرم بين الرباطوبروكسيل بشأن الصيد البحري. وأمام ذلك الموقف، طلب المغرب من السفن الأوروبية، الرحيل عن مياهه، بل هدد بمراجعة كافة علاقات الشراكة مع الاتحاد الأوروبي بما في ذلك صفة الوضع المتقدم التي حصل عليها من قبل، اعترافا بالتطور السياسي والاجتماعي الحاصل في البلاد وبادرت الحكومة الإسبانية الجديدة التي يرأسها الحزب الشعبي إلى إجراء اتصالات بالرباط، لتليين موقف المغرب كما قامت بمساعي مماثلة لدى الاتحاد الأوروبي خاصة وقد تبين أن من نتائج تصويت برلمان "ستراسبورغ" أن كتلة البرلمانيين الذين القوا بثقلهم في ميزان التصويت لغير صالح الاتفاق، لا يقدرون أهميته بالنسبة للصيادين الإسبان وكذا الخسائر المالية المترتبة عن توقيف نشاطهم في المياه المغربية. وخلال الأسابيع الأخيرة دعت اللجنة الأوروبية في بروكسيل إلى فتح التفاوض مجددا مع المغرب قصد التوصل إلى صيغة جديدة للاتفاق، تحل محل المتوصل إليها بعد مفاوضات مضنية عام 2007. ويقول محللون اقتصاديون إنه لا توجد موانع كبرى تحول في حد ذاتها دون التوصل إلى اتفاق يرضي المغرب والجانب الأوروبي، ويسجلون أن المفاوضات التي مهدت لاتفاق 2007 كانت صعبة بالمقاييس الاقتصادية والسياسية وفي سياق سياسي دقيق، ولذلك لا يستبعد أن تبرز عقبات جديدة ستكون امتحانا للمفاوضين من الجانبين. ويتخوف المغرب أن يجادل الجانب الأوروبي، في مسألة السيادة على شواطئه في جنوب البلاد، تحت ضغط جهات في المؤسسة التشريعية الأوروبية، تعتقد أن تلك الشواطئ غير خاضعة،بمقتضى تأويل خاص القانون الدولي، للسيادة المغربية الكاملة وبالتالي لا يحق من وجهة نظرها، للرباط أن تتصرف فيما يقول الأوروبيون إنها خيرات "الشعب الصحراوي". ولجأت جبهة "البوليساريو" والمساندون لها،لمختلف أساليب الدعاية، مستغلة أوضاع المحتجزين في مخيمات "تندوف" بالجنوب الغربي الجزائري، للتأثير على مجموعات متباينة من النواب الأوروبيين، ينتمون إلى عائلات سياسية من اليسار الاشتراكي والخضر وحتى من الأحزاب اليمينية، وكلها إما منحاز بالفطرة لأطروحات البوليساريو أو أنها ليست على إلمام دقيق بمعطيات ملف الصحراء. وسواء تعلق الأمر بالمفاوضات بشأن الاتفاق الزراعي أو الصيد البحري، فإن جبهة البوليساريو، تلقي دائما بنفس الحجج، مع العلم أن اتفاق الصيد الأخير الذي جرى تمديده ينص في بنوده على تخصيص جزء من العائدات المالية للنهوض بقطاع الصيد التقليدي في الأقاليم الصحراوية كما هو الشأن بالنسبة للأقاليم المغربية الأخرى. وفي هذا السياق صرح وزير الفلاحة المغربي قبل يومين أمام برلمان بلاده أن الرباط لن تقبل تحت أي شروط كانت، أن تكون الأقاليم الصحراوية، موضوع مساومات من أي جانب كان ومهما كانت الإغراءات. وقوبل تأكيد الوزير المغربي بتصفيقات حادة من طرف أعضاء البرلمان. وسيكون على المفاوضين، ابتداع صيغة تبتعد قدر الإمكان عن ملامسة جوهر الخلاف، خاصة وأنه ذو طبيعة سياسية ولا يمس في شيء كمية الأسماك ومواعيد الصيد والراحة البيولوجية والمحافظة البيئة و على الأنواع المهددة بالانقراض في أعماق البحار. تجدر الإشارة إلى أن الوزيرين الإسباني والمغربي، يشتركان في صفة أنهما ليسا غريبين عن ملف الصيد، فقد باشرا التفاوض بشأنه في أوقات سابقة.