الرباط "مغارب كم": بوشعيب الضبار أكد المشاركون في برنامج" مباشرة معكم"، الذي بثته القناة التلفزيونية الثانية ليلة أمس ، أن بناء المغرب العربي، ضرورة حتمية، سياسيا وامنيا واقتصاديا واجتماعيا، واصفين إياه بأنه "مسألة حياة أو موت"، بالنسبة لشعوب المنطقة، وأنه لا خيار آخر أمامها غير الاندماج والتكتل. وقال عبد الله الكحلاوي، وزير مستشار لدى الرئيس التونسي، "لقد آن الأوان للاتحاد المغاربي أن يتحرك ويستفيق من سباته العميق، ولابد أن تكون الانطلاقة إيجابية وواقعية"، مذكرا بالجولة المغاربية للرئيس التونسي، التي دعا فيها إلى تكريس الحريات الخمس، التي تشمل حرية التنقل ، وحرية الإقامة، وحرية التملك، وحرية العمل والاستثمار، وحرية المشاركة في الانتخابات البلدية. وأكد المسؤول التونسي أن القادة المغاربيين متفقون على تفعيل هذه الحريات،"وإذا لم نطبقها، فإننا سنكون مثل من يحرث في البحر،" على حد تعبيره، مشيرا إلى انه من المنتظر عقد القمة المغاربية في شهر يونيو او يوليوز المقبل، في تونس، حيث سيسبقها اجتماع لوزراء خارجية الدول المغاربية،واجتماع لرؤساء الحكومات،لإعداد جدول جيد للأعمال. وذكر ديدي ولد السالك، رئيس المركز للدراسات الاستراتيجية، بنواكشوط، أن المغرب العربي هو "المنطقة الوحيدة في العالم، التي مازالت فيها بقايا الحرب الباردة،وحان الوقت لطي هذا الملف، قصد مواصلة المسار المغاربي الحالي الذي يجب أن يتقدم، ولو ببطء". وأضاف ولد السالك، إن لموريتانيا مصلحة استراتيجية في بناء المغرب العربي، لدرجة يمكن اعتباره بالنسبة لها بمثابة حياة أو موت، وهو طرح سايره فيه كل المشاركين في البرنامج، مؤكدين أن الأمر لايعني موريتانيا وحدها، بل كل البلدان المغاربية على حد سواء. الموساوي العجلاوي، من معهد الدراسات الإفريقية بالرباط، اعتبر أن الخطوة القوية التي يمكن، في نظره، أن تضمن قفزة نوعية للاتحاد المغاربي هي المبادرة بفتح الحدود بين المغرب والجزائر، معبرا عن اعتقاده بأن البناء المغاربي مرتبط بالتنمية الديمقراطية، وبدونها لايمكن انتظار خطوات أخرى، لأن الملاحظ لحد الآن هو مجرد إعلان للنوايا الحسنة، يتساءل الجميع متى تجد طريقها إلى التنفيذ.. وتحدث عبد العالي مستور، الأمين عام للفضاء المدني المغاربي، عن السياق العام الذي جاءت فيه الدينامية الاجتماعية التي تفرض على المسؤولين المغاربيين فتح الفضاء المغاربي،كموقع جيوستراتيجي يتطلب مشروعا سياسيا وحضاريا لتأطير المنطقة. واسترسل مستور قائلا، إنه لاشرعية لأي رئيس دولة أو حكومة بدون الاستجابة لمطلب المشروع المغاربي، داعيا إلى إعطاء الأولوية للوحدة المغاربية، وتفادي الانغلاق الداخلي، وقال إنه لاحل للمشاكل إلا في إطار المغرب العربي، كرهان مطروح على الأجيال الجديدة. مصطفى قساسي، أستاذ جامعي وصحافي جزائري، طرح في تدخله أهمية أن يترفع الإعلام في البلدين الجارين عن كل ما من شأنه أن يفرق بين الشعبين، بل ينبغي التركيز على دعم الجهود التي تصب في مصلحة توطيد العلاقات الثنائية، مشيرا كذلك إلى دور المثقفين في تحقيق التقارب المنشود، من خلال بعض المبادرات، مثل إنشاء دار نشر مشتركة، أو تشخيص مسرحية مشتركة وغيرها.. وباستثناء بعض الخلافات حول بعض الجزئيات في النقاش، فإن المساهمين في البرنامج أجمعوا على بعض الأفكار والمواقف المحورية الأساسية، ومنها أن الانصراف إلى مواصلة بناء الاتحاد المغاربي يجب أن يتم بعيدا عن بعض الخلافات الشائكة، مثل قضية الصحراء، التي يجب تركها في أيدي الأممالمتحدة، كما عبر عن ذلك مستشار الرئيس التونسي. كما أكد المشاركون أيضا على ضرورة فتح الحدود للسماح بحرية التحرك بالنسبة للمواطنين، ولما تكتسيه من دلالات سياسية وأبعاد اقتصادية واجتماعية من المؤكد أن تنعكس إيجابيا على حياة المواطنين في المنطقة. وتم الإلحاح على دور المثقفين والحقوقيين وأعضاء المجتمع المدني في الإسهام بأرائهم وأفكارهم في بناء المغرب العربي،"لأن مشروعا في حجم الاتحاد المغاربي لايمكن تركه في أيدي السياسيين وحدهم". واستنج المشاهدون، من خلال الرسائل النصية التي بعثوا بها، أن الربيع الديمقراطي، في ظل الحراك الاجتماعي، هو السبب في إحياء المشروع المغاربي، نظرا للتغييرات والإصلاحات السياسية التي عرفتها منطقة المغرب العربي. ومن المفارقات التي تم الكشف عنها في البرنامج، أن مقاولا مغربيا في صناعة التغذية، يقوم بتصدير منتوجه إلى الجزائر، ليس بشكل مباشر، وإنما عبر فرنسا. مستثمر موريتاني اخر أراد استيراد الثمر الجزائري إلى موريتانيا، فقيل له يتعين عليك استيراده عبر مدينة مارسيليا، مع مايعنيه كل ذلك من تضييع للوقت، وزيادة في النفقات... وتمديدا عبثيا للمسافات.