حذر زعيم حزب «جبهة العدالة والتنمية» الشيخ عبد الله جاب الله المعارض والذي ينافس حزبه على حصة كبيرة من الأصوات في انتخابات الجزائر أن الحكومة ستشعل فتيل الاضطرابات إذا حاولت تزوير الانتخابات البرلمانية في مايو (أيار) للإبقاء على إحكام قبضتها على السلطة. والجزائر هي الدولة الوحيدة في شمال أفريقيا التي لا تزال بمنأى إلى حد كبير عن الثورات والاضطرابات في المنطقة لكن الانتخابات يمكن أن تصبح محفزا للاحتجاجات على البطالة وأزمة الإسكان وعلى حكومة لا يشعر كثير من الناس أنها تنصت إليهم. ويحصل الإسلاميون، في تحد للزعماء العلمانيين الذين يديرون شؤون البلاد منذ استقلالها عن فرنسا عام 1962، على تأييد بدعم من الإسلاميين في ليبيا وتونس والمغرب في أعقاب الثورات الشعبية العام الماضي. ومنحت السلطات جبهة العدالة والتنمية، وهي حزب إسلامي معتدل ينظر الجزائريون إليه على نطاق واسع باعتباره أحد المنافسين القلائل للحكومة، الضوء الأخضر الأسبوع الماضي للمشاركة في الانتخابات. وعبر الشيخ عبد الله جاب الله، وعمره 54 عاما، في مقابلة مع وكالة «رويترز» عن أمله في الانتقال نحو نظام ديمقراطي سلمي لكنه حذر من أن أي حالة تزوير الانتخابات المقبلة ستكون من أكبر العوامل التي ستدفع الشعب نحو الانفجار. وقال جاب الله إنه يأمل ألا يحدث تزوير لكن إذا حدث حينها سيقررون ما يجب القيام به. ويقول طيف واسع من الجزائريين - بمن في ذلك المقربون من الحكومة - إنه ليس ثمة رغبة في البلاد لتغيير جذري أو وصول الإسلاميين إلى السلطة بعد التجربة الدموية في البلاد خلال العقدين الماضيين. وألغت السلطات الانتخابات البرلمانية في عام 1992 التي أوشك حزب إسلامي على الفوز بها. وأطلق هذا العنان لصراع بين المتشددين الإسلاميين وقوات الأمن أسفر عن مقتل ما يقدر بنحو 200 ألف شخص. وقال جاب الله وهو رجل دين لم يشارك في الصراع إن العنف لم ينل من دعم الجزائريين للحركة الإسلامية. وأضاف: «فاز التيار الإسلامي في كل الانتخابات التي خاضها في الجزائر في الماضي»، مشيرا إلى عام 1991 وبعدها عام 1997 التي قال إن الانتخابات فيها شهدت تزويرا «واسع النطاق». وتابع: «إذا كنا قد فزنا في الماضي فلماذا لا نكون الفائزين اليوم مع العلم بأن الظروف في هذه الأيام أفضل كثيرا مما كانت عليه في الماضي». وتحت ضغط لتبني المزيد من الديمقراطية في أعقاب انتفاضات «الربيع العربي»، قام الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بإصلاحات محدودة قال إنها تقررت لمنح المعارضة صوتا ولضمان إجراء انتخابات نزيهة. وبسؤاله عن آفاق إجراء انتخابات نزيهة هذه المرة قال جاب الله: «ليست سيئة حتى الآن من حيث النص (القانون) والوعود. لكن الخبرة علمتنا ألا نصدق حتى نرى بأنفسنا على الأرض». وحتى لو فاز الإسلاميون بأغلبية في البرلمان الجزائري فسيكون تأثيرهم محدودا. ويهيمن الرئيس وفقا للدستور على القدر الأكبر من السلطة ولا يحتاج إلى موافقة البرلمان لتعيين الحكومة. وطالب جاب الله بتمتع الأغلبية في البرلمان المقبل أي بدور أكبر، قائلا: «يجب أن يأتي رئيس الوزراء من الأغلبية». ويتمتع جاب الله بدعم شعبي قوي خاصة بين الجماعة التي تمثل غالبية السكان البالغ عددهم 35 مليون نسمة من ذوي التوجهات المحافظة ممن يذهبون بانتظام إلى المساجد وترتدي زوجاتهم وبناتهم الحجاب. وقد استبعد حزب جاب الله منذ سنوات من التيار السياسي الرئيسي، ويوضح جاب الله أن آخر مرة ظهر فيها على شاشة التلفزيون الجزائري كانت في عام 1999. وفي حين تقع مقرات الأحزاب الأخرى في فيلات فسيحة بالقرب من وسط العاصمة يقع مكتب جاب الله في مبنى سكني متهالك بإحدى الضواحي. ولا توجد لافتة تشير لمكان المكتب. وأثاث المكتب متداع ولا توجد تدفئة. وقال جاب الله إنه رغم العقبات فإنه واثق من أن حزبه سيكون له تأثير في الحملة الانتخابية. وأضاف: «نود أن نرى انتخابات حرة ونزيهة هذه المرة وسنهنئ الفائز أيا كان.. آمل أن يكون حزبي الفائز».