توقع الملياردير السعودي، الأمير الوليد بن طلال، أن تعيش المنطقة لسنوات في ظل نظام رأسمالي بسمات إسلامية بفعل الثورات، داعياً السعودية إلى أن تكون قدوة للإصلاح السياسي بالمنطقة. وقال الأمير الوليد، في مقابلة مع شبكة (سي أن أن) حول إمكانية أن يلعب التيار الإسلامي، الذي تقدم في تونس وليبيا والمغرب ومصر، دوراً إيجابياً بالنسبة للاستثمار، إن التيار الإسلامي لن يكون أمامه من خيار، إلاّ أن يصبح أكثر مرونة حيال مجتمع الأعمال والاستثمار لأنه سيرغب بالإستمرار في الحكم، ولتحقيق ذلك لا بد من العمل على تنشيط الإقتصاد ومواجهة البطالة وتحقيق المكاسب للشعوب. وأضاف "حالياً أعتقد أننا سنعيش لسنوات مقبلة في ظل شكل جديد من النظام الرأسمالي يحمل بعض السمات الإسلامية". وقال الأمير السعودي "نحن ندخل حالياً في مسارات جديدة ولا يكمن لنا أن نحكم بأي اتجاه تسير الأمور، لأننا ما زلنا نشاهد تداعيات الثورات في مصر وليبيا، رغم وجود بوادر أولية من تونس تشير إلى أن ذلك البلد بدأ يعود إلى الحياة الطبيعية". واعتبر أن "الوقت ما زال مبكراً للحكم على الأمور، فبعض التجاذبات قد تستغرق ما بين 30 إلى 40 عاماً، ونحن نأمل ألاّ يحصل هذا بمنطقتنا، وأن يسود الإستقرار والهدوء، وأن تعود الأمور إلى طبيعتها بأسرع وقت ممكن". وعن مستقبل السياسات الإصلاحية في السعودية بعد رحيل الملك عبد الله بن عبد العزيز، قال الوليد بن طلال "بالنسبة للدول العربية التي لم تحصل فيها ثورات، سواء كانت إمارات أو ممالك أو جمهوريات، عليها على الأقل أن تفهم الرسائل التي تبعثها تلك الثورات حتى وإن لم تحصل على أراضيها، وعليها عدم الإكتفاء بإجراء إصلاحات اقتصادية واجتماعية، بل عليها أيضاً إجراء إصلاح على المستوى السياسي.. الأمر مهم للغاية لأن عليهم رؤية ما يحصل حولهم". وأردف بالقول "أنا على ثقة بأنه ما من خيار أمام السعودية، بصرف النظر عن هوية الشخصية التي ستخلف الملك عبد الله بعد عمر طويل، إلا أن تسير بطريق الإصلاح وتكون قدوة للإصلاح السياسي بالمنطقة". ورفض الأمير الوليد الحديث عن "سبيل وحيد" يقوم على التهديد بعمل عسكري ضد إيران، وقال إن على الولاياتالمتحدةوطهران الإنخراط في محادثات ورؤية ما يمكن القيام به، ورجح أن تكون طهران راغبة بالإعتراف بدورها الإقليمي. وأضاف "لا أظن أن مضيق هرمز يمكن أن يغلق لأن إيران تعرف أن هذا الأمر سيكون بمثابة انتحار، كما أن إيران تعرف بشكل جيد ما حصل في مناطق مجاورة لها، فنحن نعرف ماذا حصل بصدام حسين والعراق". وأشاد الأمير الوليد بقرار بلاده تعويض أي نقص ناتج عن فرض عقوبات اقتصادية على النفط الإيراني، قائلاً "هذه ليست خطوة حكيمة فحسب، بل هو موقف سياسي واستراتيجي". وأوضح ان "التصريح العلني بأن المملكة ستضخ كميات إضافية من النفط لتعويض أي غياب ممكن للإنتاج الإيراني يعتبر بالنسبة للسعودية رسالة سياسية كبيرة لإيران، مفادها أن على طهران عدم مواصلة تهديد الاقتصاد العالمي بإغلاق مضيق هرمز لأنه إذا تطلب الأمر فسنقوم بتعويض كل ما تنتجونه". واعتبر ان هذه رسالة كبيرة للأسواق تشير إلى الحفاظ على أسعار النفط عند حاجز 100 دولار، الأمر الذي سيصب بصالح المستهلكين والمنتجين. وحول قناة (العرب) الإخبارية التي يعتزم الأمير السعودي إطلاقها من البحرين بنهاية العام الجاري، قال "أعتقد أن واحدة من القنوات الموجودة باتت بشكل كبير قناة للجماهير، وهي الجزيرة، وواحدة أخرى باتت بشكل كبير قناة حكومية، رغم أن الثورات الحالية دفعتها إلى موقع وسطي بعض الشيء، وأعتقد بوجود متسع كبير لقناة أكثر براغماتية وعقلانية يمكن لها حقاً أن تأخذ وجهة نظر وسطية". وبالنسبة لقرار إطلاق القناة من البحرين قال انها "دولة فيها شعب صغير العدد، ولكنه يضم الكثير من المتعلمين، ويمكن لهؤلاء التناغم بشكل جيد مع قناتنا التي ستبث على مدار الساعة، وستتنافس مع القناتين الأساسيتين في الشرق الأوسط حالياً". ورفض الأمير السعودي الدخول في سوق الاستثمار بالديون الأوروبية عبر صندوق الإنقاذ المالي الأوروبي، قائلاً "لن نقترب من هذا الأمر، ففيه الكثير من الصداع والمشاكل والأمور غير المؤكدة، هناك فرص أخرى يمكن النظر إليها وهي أكثر وضوحاً وطرقاتها معبدة، لكننا فعلاً لن ندخل إلى ذلك المستنقع". ولدى سؤاله عن رأيه في أداء مجموعة (سيتي غروب)، والتأثير الحقيقي لخسائرها على ثروته بعد أن قال البعض إن القيمة الحقيقية لإمبراطوريته المالية المقدرة ب21 مليار دولار هي في الواقع أقرب إلى عشرة مليارات دولار فقط، قال الوليد بن طلال "كلا، نحن نعيش مع مجموعة سيتي غروب منذ عام 1991، بكل لحظاتها الجيدة والسيئة، ومن الواضح أن المجموعة مرت بأزمة كبيرة، ولكنني أعتقد أنها انتهت الآن".