قال الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي ان يقظة جديدة بدأت تدب في الشعب العربي بعد فترة ركود وغموض وانكسار كانت مصدر قلق شديد بالنسبة له. وأوضح القذافي في حديث خلال لقائه الوفد الكبير لفاعليات الشعب السوري يوم الاربعاء الماضي ،بثته اليوم الاثنين وكالة انباء الجماهيرية، إنه يشعر بأن هناك شيئاً جديداً بدأ يدب بين العرب، وهو أن الفاعليات الشعبية العربية بدأت تتحرك وتسيطر وتحاول أن تفعل بعد فترة الركود والغموض والإنكسار التي كانت مصدر قلق شديد بالنسبة له. وقارن القذافي في حديثه بين فترة الركود، وبين اليقظة التي كانت سائدة في الوطن العربي خاصة أثناء وبعد العدوان الثلاثي على مصر عام 56 ، وفي حرب التحرير الجزائرية، ناهيك عن عام 48 . وضرب القذافي مثالاً على ذلك كيف قامت المظاهرات الاحتجاج في سوريا على مرور طائرة كانت في رحلة عادية في أجوائها قادمة من بغداد قبل ثورة 14 تموز، تحمل شخصية معادية فرنسية أو إنجليزية، بعد حرب السويس والعدوان الثلاثي . وأوضح القذافي أن المظاهرات قامت في سوريا احتجاجاً على مرور هذه الطائرة التي تحمل هذا الشخص من الأجواء السورية . وأضاف أن أي أحد يزور" الكيان الصهيوني" لا يمكن أن يدخل البلاد العربية حيث عندما يُنظر إلى جواز أي شخص ويجدون عليه ختما بأنه دخل فلسطينالمحتلة ما يسمى ب(إسرائيل ) زورا، لا يسمح له بدخول البلاد العربية . وتناول القذافي الفترة التي فُقدت فيها الروح القومية الشعبية، وأصبح الصوت الذي يُسمع هو الصوت الرسمي فقط الذي هو في معظم البلدان العربية وفي معظم الأحوال، لا يعبر عن حقيقة الأمة ورأيها وإرادتها بطبيعته وبطبيعة الحكام في أوقات مختلفة. وأوضح أن ذلك "أضطرنا في يوم ما أن نعمل نحن مع سوريا ومع الجزائر وجنوب اليمن ومع المقاومة الفلسطينية " جبهة صمود وتصدي" لأننا رأينا أن هناك إنهيارا خطيرا، فحاولنا أن ننقذ ما يمكن إنقاذه بأننا نقيم جبهة للصمود ، وتتصدى لعمليات الإنهيار تلك، وقد أدت دورا في تلك الفترة". وتطرق القذافي إلى ما كان يقوله للحكام العرب من أن النظام الرسمي إذا كان عاجزا وفشل في المقاومة وفي التصدى وفي التحرير والوحدة والتقدم، فإنه يفقد مبررات وجوده، وسيتم الإستهتار به من قبل المواطن العادي، وأن الحدود والصولجانات، سيأتي من يدوس عليها ولا يحترمها، لأنها تصبح غير ذات معنى و غير ذات جدوى . وأكد أن تمردات بدأت فعلا، وظهرت صحوة غريبة إلى حد كبير الآن، ولكنها ليست الصحوة المطلوبة، وليست صحوة قومية تعبر عن الأمة، فهي تدعي أنها صحوة إسلامية وهي التي سميت أخيرا ب (الإرهاب والقاعدة ). وحلل القذافي هذه الظاهرة بأنها ردة فعل للخنوع والإستسلام الذي توجد فيه المنطقة، وكذلك رد على الإستكبار الدولي والتطاول الدولي ضد الأمة. ولفت إلى أن هذه الصحوة المتطرفة إلى حد، لم تعد ذات معقولية، ولا برنامجا معقولا يُحترم ويُؤيد، لأنها إعتمدت أسلوبا لا يمكن الإعتماد عليه، ولا يمكن تأييده أو حتى قبوله. ولاحظ القذافي أنها مع ذلك" كان يوجد فيها شيء مما تنبأنا به، وهو أن سيأتي من يستهتر بالحدود والصولجانات وكل التوجهات الشكلية الرسمية، حيث الآن تجد هؤلاء الناس الذين تحدثنا عنهم وسميناهم الإرهابيين، هم فعلا لا يعيرون أي إهتمام بالحدود بين الدول الإسلامية التي صنعها الإستعمار، ولا بالصولجانات". وأشار القذافي إلى أن هذه الأشياء "عبرت عن شيء قلناه، وهو الإنتكاسة التي حصلت وعدم قدرة الحكومات العربية على التصدي لها والمواجهة، وأنها ستكون لها ردة فعل، وأن تكون هناك أناس غاضبة وثائرة مستعدة لكل شيء". وتطرق القذافي إلى فترة المواجهة الليبية مع قوى الظلم والحصار والعدوان، وقال انها حركت الأمة العربية . وأوضح انه منذ الحصار والحرب الأولى على ليبيا ، والعقوبات الظالمة التي فرضت عليها تحت ذريعة "قضية لوكربي" الشهيرة، "حيث كانت الأساطيل الأمريكية قريبة من الشواطئ الليبية، ومارسوا علينا الإرهاب رسميا ودوليا مع حلف الأطلسي، وكنا فعلا نعيش على أعصابنا، ونعيش على المواجهة مع قوة ظالمة، لا أحد يردعها وكان الاتحاد السوفييتي انتهى، كنا نتصدى، فهذا المكان قصف بالصواريخ الأمريكية من الأسطول الأمريكي، وقد انطلقت صواريخ من هذا المكان، وأسقطت الطائرات الأمريكية في خليج سرت" . وأضاف القذافي أنه من قضية لوكربي تلك ، بدأ التحرك الشعبي ، فقد جاءته في هذا المكان وفي غيره من الأماكن داخل ليبيا وفود شعبية عربية من سوريا ومن كل الأقطار العربية . وقال "إننا لا يكمن أن ننسى الموقف المشرف لسوريا عندما رفضت فورا قرار الحظر ، حيث قالت انها لا تعترف بقرار الحظر الجوي على ليبيا، ومستعدة أن تستقبل الطائرات الليبية، وترسل طائرات الخطوط الجوية السورية إلى ليبيا، إلا أنه للأسف كانت هناك دول تقع بين سوريا وبين ليبيا تمنع عبور الطائرات الليبية والسورية من وإلى ليبيا، لكنه موقف سجل لسوريا، ويا ليت كل العرب سجلوا مواقف مثله . وأضاف القذافي قائلا:" رب ضارة نافعة حيث حركت قضية لوكربي السيئة، الأمة، وعندما قبلت الحكومات الأخرى بالحظر الجوي وطبقته وتقيدت به للأسف عدا سوريا، تحركت الشعوب العربية التي حكوماتها قبلت بالحظر الجوي على ليبيا وطبقته ، ورفضت هذه الشعوب هذا الحظر، وجاءت وفود شعبية من كل البلاد العربية". وأكد القذافي أن ذلك أوضح بجلاء أن موقف الشعب العربي في واد، وموقف الحكومات في واد حيث بدأت منذ ذلك الوقت حركة قومية شعبية وفاعليات شعبية، وبدأت تصل إلى ليبيا الأحزاب والمنظمات والأفراد والنقابات . وأوضح انه بعد قضية لوكربي كان هناك هدوء طبعاً، إلى ان جاءت كارثة العراق، وما يجري في فلسطين، ولغزة خصوصا،"حيث بدأت عمليات ردة الفعل من جديد، فقد ذهب شباب من هذا المكان إلى العراق ، واستشهد بعضهم . وأضاف أن الاتهامات والضغوط التي واجهتها سوريا معروفة حتى الآن بشأن هذه القضية، وتم التساؤل كيف تسمح سوريا لمتطوعين يذهبون إلى العراق إلى آخره، ودفعت ثمنا غاليا، وكانت سوريا صامدة في هذا، وكلنا، لو أننا مواطنون عاديون، سنأخذ بنادقنا ونذهب إلى العراق وغزة". وأوضح أن فاعليات الشعب العربي "بدأت الآن وقبيل انعقاد القمة العربية في سرت، تتحرك، وتأتي إلى هنا، وهو ما لم يكن موجودا هذا في السابق، فلم يكن هناك اهتمام شعبي بالقمة العربية عندما تنعقد وتنتهي ، فقد كانت تنعقد بشكل عادي، والمواطنون العرب لا يتوقعون شيئا يذكر من القمم السابقة .بينما أصبح عندهم أمل في القمة التي انعقدت في ليبيا، فقد جاءت وفود قبل القمة، ووفود مثل هذا الوفد المبجل بعد القمة، جاءته من لبنان، ومن العراق، ومن فلسطين، ومن السودان، ومن اليمن، ومن الأردن، ومن مصر . وأوضح أن هذا يظهر أن هناك روحاً شعبية قد دبت،معرباً عن أمله "في أن نصعّد هذه اليقظة، ونغذيها وننعشها، وأن تتصاعد إن شاء الله ، لأن بدون إظهار قوة شديدة من جانبنا، فإن العدو لن يرحمنا لأن العدو يمجد عمليات الاستسلام". وأضاف "ان الذي يستسلم يمجدونه، ويقولون إنه رجل سلام، وحكيم، في حين أن الذي يقاوم ويرفض الاحتلال والظلم والاستعمار والتطاول والاستكبار ، يقولون إنه إرهابي، وثوري، وعدو السلام، ودكتاتور، حيث يجمعون كل التهم ويلصقونها به". وأكد القذافي أن العدو "لا يمكن أن يحرضنا على أن نقاومه، بل بالعكس هو يخدرنا حتى لا نقاومه، لكن أفعاله هي التي تحرضنا على المقاومة" . ونبه القذافي مجددا إلى أن هذه الأمة في كل الأحوال، ما لم تتحد وتكون قوية وتتحرك ذاتيا وتبني قوتها الذاتية ، فسينكل بها،مشددا على أنه لن يأتي أحد من خارجها ويقول: توحدوا، وكونوا أقوياء، وإبنوا أمتكم، وحرروا أراضيكم وواجهوا عدوكم. وأكد أنه على العكس من ذلك فإن العالم كله يحاول أن يقر بالأمر الواقع وهو الإحتلال. واشار القذافي الى صمت العالم على إحتلال الجولان رغم أنه كله يعترف بأنها أرض سورية ومحتلة، بما فيه العدو الذي إحتلها يعتبرها أرضا محتلة، موضحا أنه مع هذا " لم نر العالم لا في الأممالمتحدة ولا في أي من الصعد الدولية، يقول إن هذه أرض محتلة وإلى متى تبقى محتلة، وأنه لابد من الإنسحاب منها بدون قيد أو شرط، وأن ما لم ينسحب الجانب الإسرائيلي من أرض الجولان المحتلة، يجب مثلا فرض عقوبات عليه، أو إجباره على الانسحاب ؟!". وشدد القذافي على القول ان الجولان هي أرض سورية محتلة لابد أن يخرج منها الإسرائيليون، وأن ليس لها علاقة بقضية فلسطين إطلاقا، فقضية فلسطين هي شعب فلسطيني، أما الجولان فهي قضية أخر، موضحا أنها أرض لدولة مستقلة ذات سيادة، عضو في الجامعة وفي الأممالمتحدة إسمها سوريا، وتم إحتلال هذه الأرض . وتساءل: لماذا لا تُفرض عقوبات على الإسرائيليين مادام إحتلوا أرض الغير؟ ولماذا لا يُجبرون على الإنسحاب منها ؟. وأكد القذافي أن لا أحد يفعل ذلك ما دام العرب ساكتون، ولا توجد لهم قدرة على المقاومة، فمعروف أن عندما تقع حرب بين سوريا والإسرائيليين، فإن سوريا ستكون بمفردها .وسيكون الحلف الأطلسي وأمريكا وأوروبا وكلهم مع الإسرائيليين، وتكون سوريا في مواجهة كل هذا الجبروت الدولي . وأضاف القذافي انه طالما العرب أنفسهم لا يتكلمون، فهل يأتي أحد ويقول لهم هيا تعالوا حرروا أرضكم ؟!. وحذر القذافي من خطورة ما يسمى "الأرض مقابل السلام" و"الدولة الفلسطينية بلا أربعة ملايين فلسطيني مطرودين"، لأن من الممكن أن يحتل الاسرائيليون أرضا جديدة "ويقولون لكم أوقفوا الحرب بيننا وبينكم مقابل هذه الأرض التي احتليناها". وخاطب أعضاء الوفد بأن لديهم في سوريا مليوناً أو نصف مليون في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وهناك أيضاً نفس العدد في لبنان، وفي الأردن، بالإضافة إلى الذين في الشتات، وتساءل: اين سيرحلون ؟. وحذر القذافي العرب، وقال انهم إذا لم ينتبهوا فهم في كارثة، فهناك ترسانة نووية إسرائيلية لا أحد يتكلم عنها . ولفت كيف أن سوريا تعرضت أكثر من مرة للقصف، وضرب الإسرائيليون مواقع قالوا إن رائحة اليورانيوم تُشتم فيها، بينما لاأحد يتكلم عن ديمونة التي فيها صواريخ نووية . وأوضح أنهم يريدون أن يفرضوا أن لايعمل العرب سلاحا نوويا مقابل أن الإسرائيليين يعملوا سلاحا نوويا، مجددا التنبيه إلى أنهم حتى لو يعملون سلاما مثل المبادرة العربية التي يتحدثون عنها وحدود 67 والحل النهائي، فإنهم لم يتحدثوا عن الترسانة النووية الإسرائيلية وخطورتها على السلام، فحتى لو عاد اللاجئون فإن هذه الترسانة تظل مشكلة .