الرباط "مغارب كم ": محمد بوخزار تواجه الحكومة الإسبانية المنتهية ولايتها قبل أقل من شهر، مصاعب قانونية وإحراجا دبلوماسيا كبيرا، على إثر اختطاف اثنين من رعاياها إلى جانب مواطنة إيطالية، صباح أمس الأحد من منطقة "الرابوني" حيث تقيم جبهة البوليساريو ما تسميه عاصمتها الإدارية. وتتمثل الصعوبات في أن الحكومة الإسبانية التي لا تعترف بالجمهورية الصحراوية المعلنة من جانب واحد من طرف جبهة البوليساريو، التي تنازع المغرب في سيادته على الصحراء، لا تستطيع (الحكومة الإسبانية) التنسيق مع البوليساريو إلا في حدود حتى لا يؤول تعاونها لحل مشكل المختطفين على أنه اعتراف دبلوماسي بها، الأمر الذي سيثير حفيظة المغرب، على اعتبار أن هذا النوع من الملفات الشائكة يتطلب اتصالات سرية وترتيبات بين الأجهزة الأمنية التابعة للدولة التي اختطف رعاياها وتلك التي جرى الاختطاف فوق ترابها. ولذلك فإن أي اتصال بين الجانب الإسباني والخاطفين يفترض أن يمر عبر قناة جبهة البوليساريو أو الجزائر التي وقع حادث الاختطاف فوق جزء من ترابها، منحته للبوليساريو لتقيم فوقه مخيمات اللاجئين الصحراويين الذين تقول الجبهة إنهم يرفضون العودة إلى الصحراء الخاضعة لسيادة المغرب، إلا بعد استقلالها وتحررها من سلطة هذا الأخير. ويبدو بعد مرور يومين على اختفاء الرهائن الثلاثة أن عملية استعادتهم تتطلب التنسيق والتشاور وتبادل المعلومات بين أربع دول على الأقل هي إسبانيا وإيطاليا والجزائر ومالي، إضافة إلى جبهة البوليساريو. وفي هذا السياق حمل قيادي في تيار"خط الشهيد" المعارض لتوجه جبهة البوليساريو، هده الأخيرة مسؤولية العجز عن حماية الأجانب الذين يوجدون في المخيمات التابعة للجبهة تحت ذريعة تقديم المساعدة الإنسانية، بينما هم في الواقع ناشطون سياسيون مساندون لموقف جبهة البوليساريو في نزاعها مع المغرب. إلى ذلك، نشرت وسائل الإعلام الإسبانية تفاصيل أخرى عن الكيفية التي تمت بها عملية اقتياد الرهائن الثلاثة .وتتفق الروايات على إن الخاطفين كانوا عشرة، يمتطون سيارات رباعية الدفع من نوع "تويوتا" وأنهم كانوا يتحركون ليلا في "الرابوني" بسهولة، ما يدل على معرفتهم بالمسالك المفضية إلى الخارج، كما تأكد أنهم يعرفون تفاصيل المكان الذي يوجد به الأجانب، ذلك أنهم قصدوا أولا قاعة الاستقبال في المجمع السكني ثم ذهبوا مباشرة إلى غرف النوم يبحثون عن صيدهم البشري. وحسبما ما رشح من معلومات فإن الخاطفين كانوا يرغبون في أخذ أكثر من ثلاثة رهائن، بدليل عدد السيارات التي اصطحبوها معهم وأنهم كانوا يرتدون بذلات عسكرية ، ما يشير إلى وجود عناصر متواطئة معم في الداخل لا يتردد البعض في وصفهم بخلية تنظيم القاعدة، داخل صفوف البوليساريو. وتقول تقارير متواترة إن قافلة الخاطفين دخلت الأراضي المالية، وأن عناصر من مليشيات البوليساريو حاولت ملاحقتهم على طول الطريق التي سلكوها من "الرابوني" في اتجاه مالي ولذلك فقد طلبوا الإذن من هذه الأخيرة (مالي) للدخول إلى أراضيها بنية ملاحقة الخاطفين . وطبقا لذات التقارير فإن عناصر البوليساريو استعانت بمروحية جزائرية حلقت فوق الطريق الذي يفترض أن الخاطفين سلكوه . ولم يتأكد ما إذا كانت جبهة البوليساريو قد تمكنت من الاتصال بالخاطفين ومعرفة نواياهم ومطالبهم. وتعيد قصة الاختطاف الأخير إلى الإسبان، ذكرى الرهائن الذين اختطفهم تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي في ضواحي العاصمة الموريتانية حيث كانوا يعملون بدورهم ضمن إطار المساعدة الإنسانية. وكلف تحرير الرهائن، الحكومة الإسبانية في ذلك الوقت جهودا دبلوماسية وأمنية كبيرة، فضلا عن "الفدية المالية" التي قيل إنها سلمت للخاطفين مقابل الإفراج بينما نفت الحكومة ذلك . وستلقي حادثة الاختطاف بظلالها على الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في إسبانيا يوم العشرين من الشهر المقبل، تجمع التكهنات أن المعارضة اليمينية الحالية ستكسب نتائجها ولذلك فإن الحكومة الجديدة ستواجه إرثا ثقيلا إذا لم يقع انفراج في الأزمة قبل الانتخابات.