كانت الجدران الخرسانية التي تحمل آثار القذائف الصاروخية والزجاج المليء بآثار الرصاص والسلالم الرخامية الملطخة بالدماء هي كل ما تبقى من الفندق الفاخر المطل على البحر في سرت مسقط رأس الزعيم الليبي المخلوع معمر القذافي. وأقام القذافي هذا الفندق المؤلف من سبعة طوابق والمزود بفيلات شاطئية فاخرة وحمامات سباحة وجاكوزي على البحر المتوسط ليستضيف زعماء العالم ومسؤولي الدولة. غير أن الفندق الذي اكتمل بناؤه مؤخرا لم يستضف أي من هؤلاء النزلاء المهمين وأصبح اول نزلائه مقاتلي المجلس الوطني الانتقالي الليبي الذين يسعون لانتزاع المدينة الساحلية من الموالين للقذافي. وقال المقاتل صالح الورد وهو يتنقل من غرفة لأخرى برفقة صحفيين "انه فندق جديد جدا ولم يقم اي شخص هنا من قبل. الثوار هم أول من نزلوا فيه". "انظروا الى هذا. انظروا أين يوجد الهاتف. انه في الحمام... يمكنك فقط ان تحلم بالإقامة في هذا المكان". وكان آخرون يلتقطون مقاطع فيديو مصورة لبعضهم البعض وهم يسبحون في حمام سباحة داخل الفندق ويتذوقون طعم الرفاهية التي كانت تقتصر في السابق على الضيوف الأجانب او النخبة الحاكمة. وقال مقاتل أخر يدعى إياد"لقد بني من اجل الوفود التي تأتي لمعمر. لا يمكن لعامة الناس الإقامة هنا إلا إذا كنت تملك المال .. ربما 500 الى 600 دينار في الليلة". ويستخدم مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي الغرف المزودة بشاشات تلفزيون مسطحة وأرضيات رخامية وخزائن ثياب مصنوعة من خشب الماهوجني لإطلاق نيران مدافعهم الرشاشة الثقيلة على الموالين للقذافي. ويحتمي المقاتلون وراء الحشايا والطاولات عندما يطلق القناصة النار. ويستخدم حمام جاكوزي فارغ في شرفة لتخزين الذخيرة. وأضاف المقاتل صالح الورد عن الفيلات الخاصة الملحقة بالفندق "سمى القذافي الفيلات على أسماء أبنائه وإفراد عائلته". وتابع مشيرا الى الاسم الذي ارتبط بنظام حكم القذافي الذي دام 42 عاما "هذه هي الجماهيرية العظمى". ويشبه فندق سرت العديد من الفنادق من فئة الخمس نجوم في دول عربية أخرى غنية بالنفط لكنه يتناقض مع الفنادق المتواضعة في بنغازي ثاني كبرى المدن الليبية. ويشعر العديد من الليبيين بالسخط على القذافي وعائلته بسبب حياة البذخ التي كانوا يعيشونها ويقولون ان سكان طرابلس وسرت أكثر ثراء من باقي سكان البلاد. كما يقولون انه أولى اهتماما اكبر بالعاصمة طرابلس وسرت مسقط رأسه ومعقل قبيلته القذاذفة لان الرجل الذي كان يلقب يوما بلقب "الأخ القائد" كان يخشى ان تهدد طبيعة بنغازي المتمردة حكمه.