يعتز يهود ليبيا الذين هاجروا الى إسرائيل بأعداد كبيرة بتراثهم الثقافي وعاداتهم ويتمسكون بها إلا أنهم لا يتحسرون على سقوط نظام حكم العقيد معمر القذافي. وفي رمات غان قرب تل أبيب يجلس حوالي 20 مسنا وكلهم هاجروا من ليبيا على طاولة للعب الورق في مقهى رياضي للقائهم الأسبوعي. ويقول صاحب المقهى سيرجيو دويب ضاحكا "ان هذا هو برلمان اليهود الليبيين". ويقدر عدد أفراد الجالية الليبية اليهودية في إسرائيل بنحو 180 ألف شخص هاجروا الى إسرائيل على ثلاث مراحل: بعد مذبحة طرابلس عام 1945 وبعد الضجة التي لحقت قيام دولة إسرائيل عام 1948 وبعد حرب 1967. وعلى الرغم من اندماجهم في المجتمع الإسرائيلي ما زال الكثير من يهود ليبيا يتحدثون بالايطالية في إشارة إلى ماضي ليبيا الاستعماري حيث خضعت لحكم ايطالي في الفترة ما بين عام 1911 و1943. ويشير مئير صايغ (69 عاما) وهو احد الناجين من معسكر جادو لليهود الذي يبعد نحو 250 كيلومتر جنوبطرابلس ومات فيه أكثر من 500 يهودي ليبي من التعذيب وتفشي مرض التيفوئيد عام 1942 "لن نغفر أبدا للفاشيين الايطاليين لتعاونهم مع الرايخ الثالث". ويقاطعه ناشتيه جلبوع بصوت مرير "ولن ننسى أبدا المجازر ضد اليهود التي ارتكبها المسلمون في ليبيا. ناهيك عن جرائم القذافي فلقد ارتكب أبشع الجرائم بجرف قبور أجدادنا للبناء هناك". ولجلبوع الذي يمتلك كرم عنب شمال إسرائيل ذكريات جيدة في فترة حكم الملك إدريس الأول بعد استقلال ليبيا عام 1951 وقبل انقلاب القذافي عام 1969. ويقول "كانت ليبيا مثالا للتعايش والتسامح" ولكنه لا يشعر بحنين عند مشاهدته الثورة الليبية في وطنه السابق في الأشهر الستة الأخيرة. ويؤكد جلبوع لوكالة فرانس برس "أنا أؤيد الثوار بشكل كامل وآمل بان نرى يوما ما ليبيا حرة وديمقراطية" مشيرا الى انه يحب ان يعود الى ليبيا لزيارتها يوما ما "لإيجاد المكان الذي سكن فيه أجدادي". ويعود تاريخ اليهود في ليبيا الى القرن الثالث قبل الميلاد وترك معظم اليهود ليبيا خلال العشرين عاما التي تلت الحرب العالمية الثانية وكان بضع مئات منهم يعيشون في ليبيا خلال انقلاب القذافي في 1969. ويقول مئير كحلون (73 عاما) وهو رئيس رابطة يهود ليبيا الدولية ومقرها اور يهودا قرب تل ابيب "عندما استولى القذافي على السلطة قام بمطاردة ال 600 يهودي الذي بقوا في ليبيا ليصادر أملاكهم ويخرجوا من البلاد". ويعد كحلون من اكبر المدافعين عن الهوية الثقافية الليبية اليهودية وينشر مجلة فصلية للجالية اليهودية الليبية بالعبرية والايطالية ويدير متحفا فيه أرشيف ومركز أبحاث مخصص للحفاظ على هوية وتاريخ الجالية اليهودية الليبية. ويحتوي المتحف على غرف مليئة بصور الحاخامات ومخطوطة للتوراة عمرها سبعة قرون وبيت يهودي تقليدي وغيرها من الأشياء إلا أن احدث شيء في المتحف هو صفحة موجودة في كتاب منقوش بالذهب مكتوبة باللغة العربية في 20 مايو من العام الحالي من احمد الشريف وهو احد زعماء المعارضة الليبية المستقر في لندن والذي يعرب فيها عن رغبته بعودة اليهود الى ليبيا. وخلال الثورة الليبية قام الموسيقي الإسرائيلي من أصل تونسي نوي الوشه بتعديل خطاب للقذافي وحوله الى اغنية "زنغا زنغا"الشهيرة التي حققت نجاحا هائلا وشاهدها سبعة ملايين شخص على اليوتيوب. ووصف الوشه أغنيته بأنها "أصبحت بطريقة ما صوت الثورة الليبية".