تعمل المصارف الليبية على سحب اكبر عملة ورقية من حيث القيمة من التداول ووقف طبعها وإصدارها، بسبب احتوائها على صورة لمعمر القذافي، الزعيم الفار الذي حكم البلاد بيد من حديد لأكثر من أربعة عقود قبل ان تطيح به ثورة شعبية. وقال طلال الضغيسي، مسؤول قسم الخزنة في "المصرف التجاري الوطني" الحكومي الواقع في "ساحة الشهداء" التي كانت تعرف سابقا بالساحة الخضراء وسط طرابلس "اتفقت المصارف في ما بينها على جمع الأوراق النقدية من فئة الخميسن دينارا (حوالى 40 دولارا)". وأضاف لوكالة فرانس برس "سنجمعها من السوق، ونرسلها الى المصرف المركزي الذي سيتصرف بها بعد ذلك". وتحمل العملة الورقية من هذه الفئة صورة كبيرة لمعمر القذافي وهو يرتدي نظارة شمسية وعباءة تقليدية ويتوجه بنظره الى جهة اليسار. وورقة الخمسين دينارا هي الأكبر قيمة بين العملات الورقية الأخرى، وتأتي بعدها ورقة العشرين دينارا وورقة العشرة دنانير التي تحمل صورة للقائد الليبي التاريخي عمر المختار، وورقتا الخمسة دنانير والدينار الواحد. وجرى الحديث قبل حوالى عام عن إصدار عملة ورقية جديدة من فئة المائة دينار، تحمل صورة لنجل القذافي، سيف الإسلام، إلا أن هذا الأمر لم يتم. وبدأ التداول بفئة الخمسين دينارا في العام 2008 بعدما أعلن المصرف المركزي إصدارها عشية مرور 39 عاما على إطاحة العقيد معمر القذافي بالحكم الملكي في البلاد اثر انقلاب عسكري. وكان القذافي قرر في العام 1971 اعتماد الدينار كوحدة اساسية للعملة الليبية بدل الجنيه الذي كان متداولا في العهد الملكي. وقال رئيس قسم العملة في المصرف التجاري الوطني عمر سليمان "نعمل على سحب هذه العملة لاننا لا نريده (القذافي) بيننا بعد اليوم باي شكل من الأشكال". وأضاف "مللنا من مشاهدته وهو يتجسس علينا من خلف نظاراته الشمسية لأعوام". وذكر الضغيسي ان "المصرف المركزي قد يقرر إصدار عملة ورقية جديدة من الفئة ذاتها، على ان يقوم بحرق الأوراق الحالية لهذه العملة بسبب صورة القذافي". ويقل حاليا التداول بهذه الورقة النقدية التي يرى فيها الليبيون رمزا لحكم القذافي الذي استمر لأكثر من أربعة عقود قبل ان تطيح به ثورة شعبية انطلقت في منتصف فبراير، وترسخت بسيطرة الثوار على طرابلس في 23 أغسطس وفرار القذافي من مقره فيها. ورأى أستاذ الرياضة محمود زورة (35 عاما) وهو يقف في صف طويل بانتظار دوره لسحب أموال من المصرف التجاري "حكم الطاغية يذهب وتذهب معه أمواله". وتابع "عملتنا النقدية أفضل من دونه، ولنبقي تاريخنا لعمر المختار وحده". من جهته قال محرر العقود رشيد رتيبي (50 عاما) "نؤيد خطوة إلغاء فئة الخمسين دينارا اذ أننا كيف يمكن ان نطرد القذافي ونبقي صورته بيننا". وأضاف "يجب إزالة صورته من كل مكان تتواجد فيه، حتى انه يجب ان يمنع استخدام اسم معمر، وعلى كل شخص مسمى بهذا الاسم ان يغيره الى عمر مثلا". وأوضح رتيبي "بإمكاننا ان نعيش من دون كهرباء ومن دون ماء ومن دون مال، شرط ان نكون من دون معمر، المدمر الذي أعادنا عقودا الى الوراء". وتحمل الورقة النقدية من فئة دينار صورة قديمة للقذافي أيضا، إلا انه لم يتقرر بعد كيفية التعامل معها. ويقول الضغيسي ان "ورقة الدينار التي تتوسطها صورة القذافي وهو يضع يده على خده، متأملا في كيفية التنكيل بنا، لا يمكن الاستغناء عنها حاليا بسبب كثرة تداولها". لكن مسؤول قسم الخزنة يأمل "في ان يجري إصدار عملات جديدة مع التغيير الحاصل في البلاد".