مراكش "مغارب كم": كريم الوافي لم يكن يخطر ببال صاحب إحدى دور الضيافة بالمدينة العتيقة لمراكش، أن يكون في يوم من الأيام ضحية نصب واحتيال خصوصا من طرف أفارقة اختاروا سيدة افريقية لتقود عملية النصب، بعد تكليفها بمهمة ربط الإتصال بدار الضيافة وإخبار المشرفين عليه بأنها زوجة الرئيس الغيني المغتال، وتود زيارة مدينة مراكش لقضاء بعض الأيام للإستجمام واكتشاف بعض المآتر التاريخية التي تزخر بها عاصمة النخيل. شرعت السيدة الإفريقية في مباشرة العملية بلكنة فرنسية ذات أصول إفريقية عبر الهاتف، قبل أن تؤكد في حديثها مع المتكلم بأنها ترغب في الإستقرار بمدينة مراكش لما تنعم به من أمن وأمان وشهرة سياحية عالمية، وتريد من صاحب الرياض أن يساعدها في استثمار حوالي مليون أورو لخلق مشروع سياحي ضخم بالمدينة. رد المتكلم بالترحيب الحار، وبقيت الإتصالات مستمرة لعدة أيام بعد تحديد موعد الزيارة، إلى أن تقدمت باعتذار عن الحضور بسبب مرض ألم بها ومنعها من الرحلة، قبل أن تستدرك المتكلم الذي ظل ينتظر بفارغ الصبر"الهمزة"وتعيد إليه ابتسامته من جديد، وتؤكد له بأنها سترسل ابنيها وسيقومان مقامها في جميع الإجراءات في انتظار استرجاع عافيتها والإلتحاق بهما. دخلت إدارة الرياض في سباق مع الزمن، وشرعت في تهيئ جميع شروط استقبال الضيفين الإستتنائين، وبعد يومين من الإتصال الهاتفي الأخير للسيدة الإفريقية، حل نجلا الرئيس الغيني المزعومين بالرياض المذكور وتلقيا ترحيبا كبيرا من طرف المشرفين على الرياض. وبعد قضاء ليلتين، دخلا الإفريقيان في محادثات ثنائية مع صاحب الرياض وعبرا له عن حاجتهما إلى مبلغ 15 ألف درهم من العملة المغربية على وجه السلف من أجل مصاريف الرحلة نحو العاصمة الرباط وتحديدا إلى مقر سفارة الاممالمتحدة الخاصة بشؤون اللاجئين ليتسلما الحقيبة الديبلوماسية المحملة بمليون أورو والتي بعثتها والدتهما زوجة الرئيس الغيني، إضافة إلى مبلغ 60 ألف درهم من أجل تسليمها إلى سفارة غينيا بالرباط. لم يتردد صاحب الرياض في قبول طلب ضيفيه الإفريقيين الذين رافقهما في رحلتهما إلى السفارة الغينية بمدينة الرباط، ومنحهما المبلغ المالي المذكور في انتظار استرجاعه بعد حصولهما على المليون أورو. كانت فرحة صاحب الرياض كبيرة، بعد مشاهدة نجلي الرئيس الغيني المزعومين يخرجان من باب السفارة الغينية والحقيبة الديبلوماسية بين يديهما فسارع إلى عناقهما وتهنئتهما. وخلال عودتهم إلى مدينة مراكش على متن سيارة خفيفة تعود ملكيتها لإدارة الرياض، عمد أحد الإفريقيين إلى إخراج ورقة يعلوها السواد من الحقيبة، ومرر عليها سائل ليزول السواد عليها وتبدو ورقة نقدية من فئة 1000 أورو، لم يصدق صاحب الرياض ما شاهده قبل أن يفاجئه نجل الرئيس المزعوم بأنه في حاجة لمبلغ 10 مليون سنتيم لإقتناء كمية من المادة السائلة التي يجري جلبها من سويسرا، لإزالة السواد من باقي الأوراق المالية الأخرى المتواجدة بالحقيبة الديبلوماسية، ولأن "الطماع كيغلبو الكذاب"، فإن صاحب الرياض توجه إلى أقرب وكالة بنكية وسحب منها المبلغ المطلوب ومنحه لنجلي الرئيس الغيني المزعومين، ليتوصل في الأخير بأنه وقع ضحية نصب واحتيال من طرف المتهمين الإفريقيين الذين اختفيا عن الأنظار واختفت معهما الحقيبة الديبلوماسية، ليعود صاحب الرياض إلى مراكش يجر خيبة الأمل ويتقدم بشكاية في الموضوع إلى عناصر الشرطة القضائية يعرض من خلالها تفاصيل العملية. بعد التحريات الأولية التي قام بها مسئولو المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمراكش، بناءا على المعلومات التي توصلوا بها والمتعلقة بالمتهمين الإفريقيين، لجئوا إلى وضع كمين محكم لإيقافهما باستعمال الشبكة العنكبوتية، ودخل أحد المحققين في حوار مع المتهمين الإفريقيين وعمل على استدراجهما من مدينة الرباط إلى مراكش، ليجدا نفسيهما أمام عناصر الشرطة القضائية التي أخضعتهما لإجراءات البحت والتحقيق، ليتبين لها بان المتهمين الإفريقيين يقيمان بطريقة غير شرعية بالمغرب، ويجري إحالتهما في حالة اعتقال على أنظار وكيل العام بالمحكمة الإبتدائية بمراكش.