"الشرق الاوسط" القاهرة: خالد محمود فجرت السيدة الليبية، إيمان العبيدي، التي تعرضت للاغتصاب على أيدي الكتائب الأمنية الموالية للعقيد معمر القذافي، مفاجأة غير متوقعة على الإطلاق برحيلها المفاجئ من مدينة بنغازي بشرق ليبيا إلى الولاياتالمتحدة، بعد يومين فقط من وصولها مرحَّلة من قطر إلى معقل الثوار. وأكد مقربون من العبيدي ل«الشرق الأوسط» أنها غادرت بالفعل الأراضي الليبية على متن طائرة أميركية خاصة متجهة، برفقة والدها، إلى الولاياتالمتحدة عبر مالطا والنمسا. وقال هؤلاء إن العبيدي تلقت، في وقت سابق، دعوة رسمية من إحدى جمعيات حقوق الإنسان المدعومة من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون للقيام بزيارة رسمية إلى الولاياتالمتحدة. وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد انتقدت قرار للسلطات القطرية بترحيل العبيدي إلى بنغازي، وأعلنت أنها على اتصال مع مسؤولي المجلس الانتقالي لمتابعة قضية العبيدي. وترددت معلومات عن أن قرار العبيدي بمغادرة بنغازي يرجع إلى تصاعد الخلافات بينها وبين بعض مسؤولي المجلس الانتقالي الممثل للثوار المناهضين للعقيد القذافي. لكن «فرج المنبي» الليبي الذي عقد قرانه مؤخرا على العبيدي في انتظار إتمام زواجهما، قال في المقابل ل«الشرق الأوسط» إنه «كانت هناك ترتيبات لرحيلها إلى أميركا قبل وقت طويل»، نافيا أن تكون قد هربت، وأكد أنه كان على علم مسبق باحتمال سفرها إلى أميركا. وقال المنبي هاتفيا من بنغازي: «هي أبلغتني في السابق بأنها ربما تغادر لبعض الوقت إلى الولاياتالمتحدة، كانت هناك ترتيبات لإتمام الزيارة لاحقا، ربما بعد أسبوعين أو عشرة أيام، لكن تقرر سفرها أمس لاعتبارات أمنية». وأوضح المنبي أنه التقى العبيدي قبل أن تغادر بنغازي برفقة والدها وبعض أصدقائها الأميركيين من منظمات حقوقية عنيت بقضيتها مؤخرا، مشيرا إلى أن الأوضاع في ليبيا غير مستقرة، ولا تسمح لإيمان بالحصول على المساعدة النفسية التي تحتاجها لتجاوز محنة تعرضها للاغتصاب على أيدي قوات القذافي. وأضاف: «التقينا بالطبع قبل أن تسافر، ودار بيننا حديث الوداع الذي يدور بين أي شخصين مرتبطين، هذا وضع طبيعي، لإيمان ظروف خاصة أنا أقدّرها وأتفهمها تماما». وعن موعد عودة العبيدي من الولاياتالمتحدة، قال المنبي: «لا أحد يعلم، هذا يترتب على الإجراءات والترتيبات التي ستقوم بها هناك، نأمل أن تعود بعد أن تكون قد تعافت نفسيا تماما، وهذا هو المهم». وشدد على أن العبيدي لم تهرب، كما قد يتخيل البعض، داعيا إلى النظر بجدية إلى ظروفها الخاصة وحاجتها للراحة وتجاوز المحنة التي تعرضت لها. وجاءت مغادرة إيمان المفاجئة لمنزل شقيقتها في بنغازي، بعد ساعات فقط من لقائها مع المستشار مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي المناوئ لنظام القذافي، الذي أعلن عن تبنيه لقضيتها، وأشاد بإقدام العبيدي على تحدي القذافي في عقر داره، وفضح الممارسات اللاإنسانية لكتائبه الأمنية، مؤكدا على أنه بإمكان إيمان الرحيل إلى أي دولة أخرى تختارها في أي وقت. وكان عبد الجليل قد وعد بالتدخل لتبني قضية العبيدي، والاستجابة لجميع مطالبها، بينما نفت العبيدي أن تكون قد اتخذت أي مواقف سياسية ضد المجلس أو أدلت بتصريحات تعبر عن إدانتها له، مشيرة إلى أن لديها تساؤلات حول الطريقة التي تعامل بها ممثلو المجلس في قطر معها. وعقب ترحيلها المفاجئ من قطر، أقامت العبيدي في منزل شقيقتها في بنغازي منذ يوم الخميس الماضي. ووصف المنبي رحلة العبيدي على متن طائرة عسكرية من الدوحة إلى بنغازي بأنها كانت شاقة، مشيرا إلى أن إيمان ما زالت تعانى نفسيا جراء ملابسات ما حدث في قطر، ناهيك عن تعرضها في مارس (آذار) الماضي للاغتصاب على أيدي الكتائب الأمنية الموالية للقذافي. وفي وقت سابق، عقد المنبي، وهو تاجر يمارس أعمالا حرة، ويبلغ من العمر 34 عاما، قرانه على إيمان، 28 عاما، قبل بضعة أسابيع بساحة الشهداء في مدينة طبرق في أقصى الشرق الليبي، بحضور أهالي المدينة، وأكثر من 100 شخص كانوا برفقته، على رأسهم والدته وأسرته وأعيان من مدينة درنة، على الرغم من أنه لم يرها أو يعرفها أو يسمع صوتها قبل الحادث الذي تعرضت له. وتمكنت العبيدي في 26 مارس (آذار) الماضي من دخول مطعم فندق «ريكسوس» في طرابلس، محل إقامة معظم الهيئات الصحافية الدولية التي كانت تقوم بتغطية أحداث الثورة الليبية لإطلاع المراسلين الأجانب على آثار ضرب وكدمات في جسدها، وقالت إنها تعرضت للاغتصاب من قبل 15 من عناصر الكتائب الأمنية الموالية للعقيد القذافي، مما حدا بقوات الأمن الموالية للقذافي باصطحابها إلى جهة مجهولة. وعرض المجلس الوطني الانتقالي مبادلة 20 عنصرا من كتائب القذافي، أسرى لدى الثوار، بإيمان العبيدي، التي نالت قصتها شهرة واسعة في الشبكات الاجتماعية ك«تويتر» و«فيس بوك»، كما وُصفت إيمان من قبل بعض وسائل الإعلام بأنها «رمز للتحدي ضد القذافي». واستطاعت العبيدي الفرار إلى تونس خوفا على حياتها في الخامس من شهر مايو (أيار) الماضي، بمساعدة ضابط منشق وعائلته في سيارة عسكرية، ووضعت نقابا لإخفاء وجهها، وتوجهت العبيدي في بداية رحلتها من طرابلس أولا إلى تونس التي غادرتها إلى قطر؛ حيث أقامت هناك لمدة شهر قبل أن يتم ترحيلها من الدوحة لكي تعود إلى بنغازي التي غادرتها مجددا، أمس، إلى الولاياتالمتحدة في أحدث فصول قصتها المثيرة للجدل.