لماذا أيدت جامعة الدول العربية دور حلف «الناتو» في ليبيا، وصمتت عن الأحداث الجارية في سورية؟ الإجابة التي تتبادر الى الذهن للوهلة الأولى هي ان الرئيس الليبي معمر القذافي لا صديق له في المجموعة العربية، فضلاً عن ان نوع الأسلحة الثقيلة التي استخدمها نظام العقيد في الأيام الأولى لانتفاضة الشعب الليبي، فرض مواجهة هذا العنف بقرار عربي سريع، وربما غير مدروس. السؤال الأهم: لماذا توقف الدور العربي عند تلك الخطوة اليتيمة؟ لماذا لم تنطلق الجامعة من تلك الخطوة وتساهم في صوغ المشهد الليبي؟ صحيح ان هناك محاولة خليجية جدية لمنع تدهور الأوضاع في اليمن، ولكن لا مبادرات أخرى عربية، بل إن المبادرة الخليجية مهددة بالفشل. أين دور مصر اليوم من الأحداث في سورية واليمن؟ لماذا لم تسعَ القاهرة الى التحرك مع عواصم عربية أخرى للبحث في ما يجري في المنطقة، وهي تولت دوراً فاعلاً تجاه الخلاف الفلسطيني - الفلسطيني؟ لماذا صمت المغرب وتونس والأردن والجزائر والسودان؟ هل يخاف بعض الدول العربية اتهامه بالسعي الى حماية الأنظمة؟ ومن قال ان التحرك يعني حماية الأنظمة، أو إسقاطها؟ هل يريد بعض العرب الانتظار الى أن تتغير خريطة العالم العربي بطريقة درامية، فيبدأ التحرك؟ أم إن بعضهم فرح لما يحصل لآخرين؟ لا أحد يملك إجابة عن حال الصمت والذهول، والارتباك، والإجابة التي نسمعها لتبرير ما يحصل هي ان كل دولة عربية أصبحت مشغولة بذاتها. لا شك في أن ما نشهده اليوم من غياب لدور رسمي عربي، مؤشر الى ان العالم العربي على أبواب مرحلة تفكك غير مسبوقة، وربما فوضى. فالصمت الرسمي العربي، والتخلي عن دورٍ للجامعة العربية في هذه الأحداث، وسوء تفسير قيادات الثورات العربية مواقف بعض الأنظمة العربية مما جرى في بلادها، كلها عوامل ستساهم في صنع فجوة بين الشعوب العربية. الأكيد أن تجاهل بعض الحكومات العربية ما يحصل في دول أخرى سيفضي الى تطور الأوضاع باتجاه مرحلة خطيرة. فهذا الغياب الرسمي يبرر تدخل الدول الغربية، ويفتح المجال لتنامي نزعات انفصالية وإقليمية وطائفية، فضلاً عن ان الاعتقاد بأن الحل هو ترك كل دولة تواجه مصيرها قرار مكلف، وخطأ فادح. لا بد من دور رسمي عربي، على غرار المبادرة الخليجية في اليمن.