تستعد الساحة السياسية التونسية لاستقبال أول حزبين سياسيين يتزعمهما قياديان سابقان في حركة النهضة، في أول انشقاق فعلي يطال الحزب بعد الثورة. ومن المنتظر أن يعلن رياض الشعيبي القيادي السابق في حركة النهضة عن حزب سياسي جديد خلال النصف الأول من شهر أبريل (نيسان) المقبل. الشعيبي الذي ترأس المؤتمر التاسع لحركة النهضة في صيف 2012 قال: إنه شرع منذ نحو ما يزيد عن ستة أشهر في التحاور والتشاور حول هوية حزب سياسي جديد لا يلتقي مع حركة النهضة. وبشأن تركيبته أشار الشعيبي إلى أنها تتألف من قيادات مستقيلة عن النهضة ومن وجوه مستقلة ومن مستقيلين عن أحزاب سياسية أخرى. وفي نفس السياق يستعد منار الإسكندراني القيادي السابق في نفس حركة النهضة لتشكيل حزب سياسي جديد سيحافظ على مرجعيته الإسلامية ولكنه سينفتح على الساحة السياسية ويستقبل قيادات من الأنظمة السابقة أي من التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل ومن الحركة الدستورية وكذلك شخصيات مستقلة. وكلف منار الإسكندراني بمهمة لدى رفيق عبد السلام وزير الخارجية الأسبق قبل أن يغادر الحكومة بخروج النهضة من الحكم. حول الحزب الجديد الذي قدم ملفا للحصول على ترخيص بشأنه إلى رئاسة الحكومة، قال الشعيبي ل«الشرق الأوسط» بأن الحزب الذي أسسه سيراهن على الشباب وسيعمل على البحث عن موقع سياسي ضمن الخارطة قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المزمع إجراؤها في تونس قبل نهاية السنة الحالية. وعن توجهه السياسي، قال الشعيبي بأنه سيكون «امتدادا لحركة الإصلاح التونسي وسيعبر عن الشخصية الوطنية وسيوجه جل أنشطته إلى شباب الثورة الذي سيكون عموده الفقري» على حد تعبيره. وبشأن الأسباب التي دعته إلى الانسلاخ عن حركة النهضة وتشكيل حزب جديد، قال الشعيبي بأن حركة النهضة شاركت في التخلي التدريجي عن مطالب الثورة وانتهجت طريقا بعيدا عن روح الثورة التونسية. وأشار إلى تهاون تحالف الترويكا بزعامة حركة النهضة في تفعيل العدالة الانتقالية وتحصين البلاد ضد مظاهر الفساد وكافة رموزه. واستبعد الشعيبي على هذا الأساس تقارب حزبه الجديد مع حزبه القديم في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. وكان الشعيبي قد انتقد منذ الصائفة الماضية طريقة تعامل حركة النهضة مع الواقع السياسي خلال جلسات الحوار الوطني بين الترويكا والمعارضة، وقال: إنها لم تحسن إدارة المرحلة السياسية وخضعت لضغوط التيارات اليسارية والليبرالية ولم تحسم في عدة ملفات سياسية. واستقال الشعيبي من عضوية مجلس شورى حركة النهضة بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وانتقد حركة النهضة وجلسات الحوار بينها وبين المعارضة. وتحدثت بعض القيادات المقربة من حركة النهضة عن طموحات الشعيبي في احتلال موقع متقدم ضمن تركيبة قيادات الحركة، إلا أن الوجوه الشابة القريبة من الشيخ راشد الغنوشي رئيس الحركة أغلقت الأبواب دون تحقيق طموحاته السياسية. ويمثل هذان الحزبان الجديدان في صورة دخولهما غمار السياسة، أول انشقاق من نوعه عن حركة النهضة بعد أن عبرت خلال فترة حكمها البلاد بعد الثورة لأكثر من سنتين عن تلاحم مكوناتها وابتعاد قياداتها عن دائرة الصراعات الداخلية. وعرف أكثر من حزب سياسي على غرار حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات الشريكين السابقين لحركة النهضة في الحكم الذي انبثق عنهما عدة أحزاب مثل حركة وفاء التي يقودها عبد الرءوف العيادي وحزب الإقلاع بزعامة الطاهر هميلة والتيار الديمقراطي بقيادة محمد عبو وهذه الأحزاب الثلاثة انشقت عن حزب المؤتمر فيما شاركت عدة قيادات في مغادرة جماعية لحزب التكتل والتحقت بأحزاب أخرى على غرار حركة نداء تونس وحزب «البديل الثالث» الذي يتزعمه صالح شعيب.