تسعى حركة النهضة التونسية إلى تشكيل ائتلاف سياسي وانتخابي واسع لتقوية حظوظها التنافسية في الانتخابات المقبلة. وتجري الحركة خلال هذه الأيام مفاوضات ولقاءات مع قيادات تتقاسم معها وجهات النظر ومعظمها ينتمي إلى تيارات عروبية وقومية ترفع شعار الدفاع عن الهوية العربية الإسلامية. وضمت اللقاءات وجوها من حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» بقيادة عماد الدايمي، و«حركة الشعب» بزعامة زهير الحمدي، وحزب «التحالف الديمقراطي» الذي يقوده محمد الحامدي، وحزب «الإصلاح والتنمية» بزعامة محمد القوماني، و«حزب الأمان» بقيادة الأزهر بالي، هذا بالإضافة إلى بقية الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية الموجودة حاليا في الساحة السياسية التونسية. ويتناقض هذا الائتلاف الانتخابي مع توجه حزب التيار الشعبي الذي أسسه محمد البراهمي النائب البرلماني القومي الذي اغتيل يوم 25 يوليو (تموز) الماضي وهو حزب أعلن تحالفه مع تحالف الجبهة الشعبية بزعامة حمة الهمامي. ولمح راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة خلال حضوره في اجتماع عقده حزب الأمان الأحد الماضي، إلى أن «تونس تحتاج في الفترة المقبلة إلى ائتلاف ديمقراطي يتجاوز الائتلاف الحكومي السابق» في إشارة إلى تحالف الترويكا الحكومي بين حركة النهضة وحزبي المؤتمر والتكتل. وأضاف أن النهضة لن تتحالف إلا مع «الأحزاب النظيفة». ووفق تصريحات ل«الشرق الأوسط» تحدثت مصادر مقربة من حركة النهضة، عن دعمها من جديد «خيار تشكيل حكومة وحدة وطنية» في حال فوزه في الانتخابات المقبلة. وأضافت أنه يتطلع إلى ضمان نسبة مشاركة في الحكومة تتجاوز حدود 70 في المائة من أصوات الناخبين. وواصل الغنوشي رئيس الحركة لقاءاته مع قادة الأحزاب التونسية، والتقى يوم أمس محمد خوجة رئيس جبهة الإصلاح أول حزب سلفي تونسي حصل على الترخيص القانوني بعد الثورة. ولم يستبعد ملاحظون سياسيون أن يندرج اللقاء الذي جمع أول من أمس الغنوشي بأحمد نجيب الشابي رئيس الهيئة السياسية العليا للحزب الجمهوري، في سياق مشاورات الإعداد لائتلاف سياسي وانتخابي ينافس الحركة الدستورية (حركة نداء تونس بالخصوص) والتيار اليساري (الجبهة الشعبية) في الانتخابات المقبلة. من ناحية أخرى، أنهت لجنة التشريع العام التابعة للمجلس التأسيسي (البرلمان) التصويت على مشروع القانون الانتخابي الجديد في تونس. وتفتح هذه الخطوة الطريق أمام عرض هذا القانون المكون من 167 فصلا قانونيا أمام جلسة عامة تلتئم تحت قبة البرلمان. ويرجح أن يكون تاريخ التصديق على القانون الانتخابي قبل نهاية شهر مارس (آذار) الجاري، وهي مرحلة حاسمة في اتجاه تحديد موعد ثابت للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المزمع إجراؤها قبل نهاية السنة الحالية. ووافقت لجنة التشريع العام ضمن القانون الجديد على مجموعة من العقوبات السالبة للحرية وخطية مالية لكل من يزور الانتخابات. ولا تزال الفصول 21 و26 و54 محل خلاف بين أعضاء لجنة التشريع العام ومن المتوقع أن ينتقل هذا الخلاف إلى المجلس التأسيسي. ويهتم الفصل 21 من مشروع القانون الانتخابي بموضوع الإقصاء السياسي لأعضاء التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل، فيما يتناول الفصل 26 مسألة التناصف في اللوائح الانتخابية بين الرجال والنساء فيما يحدد الفصل 54. عدد أيام التصويت بالنسبة للتونسيين المقيمين في الخارج. وينتظر أن يقدم أعضاء اللجنة مجموعة جديدة من الاقتراحات خاصة بالنسبة للفصل 21 المتعلق بالإقصاء السياسي وذلك قبل يوم غد الجمعة بهدف ضمان أوسع قاعدة توافق قبل التصديق على القانون الانتخابي. وتعترض عدة أحزاب سياسية على إقرار الإقصاء السياسي في القانون الانتخابي الجديد وتترأس حركة نداء تونس التي يتزعمها الباجي قائد السبسي هذه المجموعة المعارضة. في غضون ذلك، أحالت النيابة العامة في تونس إلى القضاء 23 متهما ضمن خلية تكفيرية في جهة المنستير كانت تعد معسكرا تدريبيا وتخطط لأعمال إرهابية. وأحالت النيابة العامة المتهمين، وهم تسعة عناصر في حالة اعتقال، إلى محكمة تونس المختصة في قضايا الإرهاب بتهمة الإعداد لأعمال إرهابية. وكانت وزارة الداخلية أعلنت في 13 من الشهر الجاري أن وحداتها المختصة في مكافحة الإرهاب فككت خلية تكفيرية تتكون من 11 عنصرا متورطة في الإعداد لأعمال إرهابية وتجنيد جهاديين للقتال في سوريا. وجرت عملية الإيقاف إثر مداهمات أمنية بمدينة منزل نور التابعة لمحافظة المنستير (200 كلم جنوب شرقي العاصمة) بالتنسيق مع السلطات القضائية. وكشفت الوزارة أول من أمس صورا قالت: إنها تعود للعناصر التكفيرية الموقوفة وهي بصدد تركيز مخيم معد للتدريب. من جهته، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي باراك أوباما سيستقبل رئيس الوزراء التونسي الجديد مهدي جمعة الشهر المقبل لمناقشة تطورات المرحلة الانتقالية في تونس. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني إن جمعة سيجتمع مع الرئيس أوباما في الرابع من أبريل (نيسان) المقبل حيث سيناقش الدعم الذي يمكن للولايات المتحدة تقديمه لبناء دولة ديمقراطية في تونس, حيث خطت تونس عدة خطوات في طريق ترسيخ الديمقراطية منذ الإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي قبل ثلاث سنوات في خضم الربيع العربي. وأوضح كارني أن المناقشات ستشمل المساعدات الاقتصادية والسياسية والأمنية المحتملة من الولاياتالمتحدة لدعم أجندة الإصلاح التي يتبناها رئيس الوزراء جمعة لتحقيق الاستقرار في تونس, كما تشمل مجموعة واسعة من القضايا الثنائية والإقليمية. وتأتي زيارة جمعة للولايات المتحدة بعد شهرين من تشكيل حكومته. وشدد بيان البيت الأبيض أن الزيارة هي دليل على الروابط القوية من الصداقة التي تجمع بين الشعبين الأميركي والتونسي، وتعكس التزام الولاياتالمتحدة بمساعدة تونس في تحقيق الانتقال للديمقراطية.