قال مهدي جمعة رئيس الوزراء التونسي إن بلاده في سبيل طي صفحة الانتقال السياسي، وتوفير فرص العمل للشباب المتعلم، وإنهم يحاولون تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع العرب على غرار أوروبا، تأكيدا للعمق التاريخي والحضاري. وأكد جمعة أن ملف تسلم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، هو قيد الإجراءات القانونية، وطلبات الجلب العدلية، مبينا أنه لم يتطرق مع المسؤولين السعوديين إلى هذا المحور، مشددا - في السياق ذاته - على أن الأملاك غير القانونية للرئيس المعزول سوف تستعاد. وأوضح أن الدولة والشعب التونسي متحدون ضد الإرهاب، واصفا حكومته بأنها ليست حزبية على الإطلاق، وتلقى إجماعا شعبيا، وترى أن أي جماعة لديها منهجية لقلب نظام الحكم خارجة على القانون، وتمارس الإرهاب، ولا مكان لها في تونس ويندرج تصنيفها ضمن الإرهاب، مضيفا أنهم دشنوا حملة لتحييد المساجد عن التطرف الديني والآيديولوجي. وأشار إلى أن الانسجام الأخير بين الأطراف السياسية في بلاده، نجم عنه التوصل إلى حكومة وفاق، مبينا أن طبيعة بلاده وسطية، وأزماتها لا تدوم، وأنه ليس خائفا على مستقبلها على المدى البعيد؛ لأن الشعب متعلم ومنفتح، مضيفا أن الشعب التونسي «عياش» ويحب الحياة، وأن مآل كل الأحزاب اليسارية واليمينية هو السير نحو الوسطية. ولفت إلى أن لديهم في تونس من المشكلات ما يكفي، وستعمل الحكومة على حلها، مؤكدا أن خطهم السياسي والدبلوماسي يفرض عليهم عدم التدخل في شؤون الآخرين، متمنيا أن يسود الاستقرار والأمن كل البلدان العربية. وشدد على أن حركة النهضة في تونس أسهمت في إنجاز الدستور الجديد، الذي يحظر الخروج على القانون، مبينا أن حكومته تقف على مسافة واحدة من كل الحركات، وتتعامل معها بالمقاييس ذاتها، واعتبر أن «النهضة» هي أول من شنت حربا ضد الإرهاب، وهو تطور كبير في المشهد السياسي الإسلامي على حد قوله. وذكر أنهم يواجهون إشكالية أمنية بالدرجة الأولى، عن طريق الحدود مع ليبيا، ولديهم برنامج في هذا السياق للتعامل مع هذا الملف بكل جدية، لافتا إلى أن حكومته تخشى تأثيرات الأزمة الليبية، بعد أن أكدت التحقيقات مع الجماعات الإرهابية التي يلقي الأمن التونسي القبض عليها، أنها مدعومة بالمال والسلاح من ليبيا، وسيسعون إلى معالجة إقليمية لهذا الوضع. ورأى أن أفضل حل للقضية السورية هو الحوار بين أطراف النزاع؛ لأنه الطريق الأنسب والأصلح، مبينا أن تجارب التاريخ الحديث أثبتت أن المواجهات التي تجري بالسلاح لا تحل أي خلاف، واستشهد بالأزمة اللبنانية التي لم تتوقف إلا عبر اتفاق «الطائف»، مضيفا - في هذا السياق - أن شبانا تونسيين غادروا بلادهم للقتال في سوريا، وهو ما يجعلهم تحت طائلة المحاسبة القانونية، حتى لو كانت ممارساتهم خارج الأراضي التونسية. ووصف العلاقة بين السعودية وتونس بأنها ذات جذور تاريخية تمتد إلى أكثر من عقود، وحتى بعد الربيع العربي، «كان بيننا تشاور متبادل، فكثير من السعوديين يزورون تونس ولهم مصالح مختلفة، والعكس كذلك بالنسبة لمواطني تونس، لدينا في تونس خط دبلوماسي واضح، ووجودنا في السعودية لتثمين تلك العلاقات وتقريبها أكثر في المجالين السياسي والأمني ضمن مكافحة الإرهاب، وهي أكثر شمولية من طلب إعانة مالية أو خلافه». وقال إن زيارته للرياض تحمل طابعا سياسيا لاطلاع الحكومة السعودية على الوضع في تونس، في إطار الحكومة الجديدة وعرض برنامجها، وتبادل الآراء في جوانب متعددة، مشيرا إلى أنه تحدث مع المسؤولين عن الملف الأمني، وسبل دعم التعاون في المجال الاقتصادي وزيادته مستقبلا، مضيفا أن زيارته للمغرب والجزائر، هي بالمحاور السياسية والأمنية والاقتصادية ذاتها التي يصحبها في جولته الخليجية. وشدد على ضرورة التنسيق الأمني بين الرياضوتونس في إطار مكافحة الإرهاب، التي باتت الدول تعانيه اليوم - حسب وصفه - وعد الاضطراب السياسي والاجتماعي والارتباك الأمني الذي أعقب الثورة التونسية المدخل الرئيس للإرهاب الذي استغل تلك العوامل، إلا أن الأمور بدأت تتحسن.