شد ترشح الرئيس بوتفليقة المنتهية ولايته لعهدة رابعة اهتمام الصحافة الفرنسية وفي مقدمتها مجلة لوبوان التي اعتبرت هذه الخطوة تطورا لافتا للحياة السياسية الجزائرية واعتبرته مؤشرا على نهاية حقبة صناعة الرؤساء من طرف المؤسسة العسكرية. وأوردت لوبوان مقالا للصحفية ميراي ديتاي، عنونته، "الجزائر: نهاية زمن الجنرالات"، تطرقت من خلاله إلى الظروف التي سبقت ورافقت ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية جديدة، ولاحظت الصحفية في المقال تراجع دور المؤسسة العسكرية التي ظلت إلى وقت قريب المحدد للواجهة المدنية للسلطة الفعلية. واعتبرت الصحفية الفرنسية: "ترشح الرئيس بوتفليقة هو مسرحية، ولكنها تعبر عن حقيقة مفادها أن الجيش الذي عارض الترشح لم يعد الطرف الأقوى". وقالت الصحفية إنه على الرغم من معارضة المؤسسة العسكرية والأمنية باستثناء قائد الأركان الفريق أحمد ڤايد صالح نائب وزير الدفاع، الا أن ذلك لم يحل دون ترشح الرئيس بوتفليقة الذي يعتبر الرئيس المدني الوحيد منذ الاستقلال -حسب الصحيفة التي قالت إنه كان يحلم منذ وصوله إلى الحكم عام 1999 بإعادة العسكر إلى الثكنات. وتضيف الصحيفة، لقد نجح بوتفليقة بمجرد إعادة انتخابه لولاية ثانية في عام 2004 في إبعا قائد أركان الجيش الفريق محمد لعماري الذي عارض عهدة جديدة لبوتفليقة وساند المرشح علي بن فليس الذي حاز 6٪ فقط من الأصوات الصحيحة المعبر عنها. وتستطرد الصحيفة حسب كاتبة المقال، أن بوتفليقة يحاول اليوم كبح جماح الفريق محمد مدين، المدير القوي لجهاز الاستخبارات، مضيفة إنهما يواصلان لعبة القط والفأر منذ 15 عاما، من دون أن يتوقف كل منهما على مهاجمة الآخر بطريقة غير مباشرة وآخرها ما حصل الشهر الأخير من خلال الموقف الذي عبر عنه الجنرال المتقاعد بن حديد حسين الذي نقل رسالة مفادها أن الجنرالات ضد ترشح بوتفليقة لولاية جديدة، ولكنهم لن يتدخلوا إذا قرر الترشح، بمعنى أن زمن الانقلابات العسكرية ذهب إلى غير رجعة على الرغم من أن زمن الانتخابات الحرة الديمقراطية لم يحن بعد هو الآخر، وأن التحدي الراهن هو نسبة المشاركة. وجاء مقال الصحيفة الفرنسية في وقت بدأت ترتفع بعض الأصوات داخل الجزائر تؤشر إلى النجاح الذي كسبه بوتفليقة في عملية تفكيك العلبة السوداء التي ظلت تصنع الرؤساء منذ الاستقلال على الرغم من محاولات المقاومة التي عبرت عنها عدة أطراف وتغليف رفضها لعهدة جديدة تحت عدة يافطات آخرها كان محاولة الخروج إلى الشارع للتظاهر ضد ولاية جديدة للرئيس بحجة أنه مريض تارة وبحجة أنه يريد توريث الحكم تارة أخرى، في محاولة -حسب متابعين- لتوجيه النقاش بعيدا عن المشكلة الحقيقية المتمثلة في أن العلبة التي تحكم الجزائر منذ الاستقلال تحت عناوين مختلفة فشلت للمرة الأولى في الاستمرار في ممارسة لعبة تغيير الرؤساء متى كانت تعتقد أن الرئيس عقبة أمام استمرارها في الحكم من خلال واجهة مدنية لتزيين واجهتها أمام الرأي العام الدولي وتسويق نفسها على أساس أنها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة العربية التي تسمح بالحد الأدنى من التنفس لمواطنيها.