رفع الرئيس التونسي المنصف المرزوقي نسخة من الدستور التونسي الجديد خلال كلمة ألقاها يوم أمس في مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان المنعقد من 3 إلى 28 مارس (آذار) الحالي بجنيف. وقال إن «دستور تونس الجديد مفعم بحقوق الإنسان في أعلى مستوياتها ويعكس الديمقراطية الناشئة التي ستكون الأولى في العالم العربي». وأشار إلى أن ضحايا حقوق الإنسان طيلة عقود من الزمن أصبحوا اليوم في أغلب مراكز القرار في الدولة، وهذا ما عزز التجربة الحقوقية في تونس، مؤكدا أن تونس اختارت سنة الحوار والتوافق سبيلا لتحقيق الديمقراطية. وتعهد بمحاربة الإرهاب ومنع كل الإخلالات التي يمكن أن تؤثر على وضع حقوق الإنسان في تونس تحت غطاء مكافحة هذه الظاهرة. وعلى صعيد آخر، طلب المرزوقي خلال نفس الكلمة من جنيف دعم تونس في هذه المرحلة الانتقالية ومساعدة الشعب التونسي على استرجاع ممتلكاته المنهوبة في أقرب الآجال. وعبر المرزوقي عن أسفه لرفع التجميد عن بعض الممتلكات الراجعة بالنظر إلى بعض «الفاسدين» المقربين من النظام السابق، وقال إن «رفع التجميد عن أربعة حسابات بنكية في سويسرا لفاسدين مقربين من نظام بن علي مؤخرا يعد خبرا محزنا للشعب التونسي». وأكد المرزوقي أن حجم الأموال «الفاسدة» التي جرى تحويلها بشكل غير قانوني وتوجيهها إلى بنوك سويسرا يتجاوز بكثير مبلغ ال60 مليون يورو المعلن عنه عقب الثورة، وقال إن تلك المبالغ من شأنها مساعدة الشعب التونسي على رفع التحديات الاقتصادية مهما كان حجمها. وبشأن وضع حقوق الإنسان في تونس، قال المرزوقي إن جهاز الأمن التونسي استعاد عافيته وأصبح أمنا جمهوريا يحمي الشرعية، وأضاف: «نحن نفخر بانضباطه ومهنيته ونقدر ما قدم ويقدم من تضحيات ومجهودات جبارة في محاربة الجريمة والإرهاب». وتابع قائلا إن الدولة لن تسكت عن أي انتهاكات وإن الحرب ضد الإرهاب لن تكون تبريرا لعودة الأساليب البغيضة التي عانينا منها جميعا. وأشار إلى عجز أقلية من الجهاز الأمني عن التخلص من عاداتها القديمة المكتسبة تحت الديكتاتورية. وفي هذا السياق، أكد عماد الدايمي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي أسسه المرزوقي سنة 2002 في تصريح ل«الشرق الأوسط» أن تشخيص الرئيس التونسي لوضع حقوق الإنسان خلال مشاركته في مجلس حقوق الإنسان بجنيف «كان موفقا لاطلاعه الكبير على هذا الملف باعتباره كان رئيسا لرابطة حقوق الإنسان في تونس». وأضاف أن كلمة المرزوقي «كانت واقعية»، فقد اعترف بضرورة قطع خطوات إضافية لمنع عودة منظومة التعسف والظلم والاضطهاد، على حد قوله. يذكر أن مجلس حقوق الإنسان أحدث يوم 15 مارس 2006 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو يضم 47 دولة، وتتمثل مهمته في تقييم وضعية حقوق الإنسان في 192 دولة عضوا في منظمة الأممالمتحدة وصياغة توصيات بهدف حماية هذه الحقوق وتعزيزها. في غضون ذلك، حل سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي مساء أمس بتونس «زيارة صداقة وعمل» يومي 4 و5 مارس الحالي. ويلتقي الوزير الروسي بداية من اليوم، المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية ومهدي جمعة رئيس الحكومة المؤقتة والمنجي الحامدي وزير الشؤون الخارجية «لبحث التعاون بين تونس وروسيا في عدد من المجالات» وفق بلاغ صادر عن وزارة الخارجية التونسية. لكن قدوم وزير الخارجية الروسية بنفسه إلى تونس خلف تساؤلات كثيرة حول ما تخفيه هذه الزيارة من ملفات. وفي هذا الشأن، أشارت تحاليل سياسية إلى أن العلاقات الروسية التونسية ظلت عادية طوال العقود الماضية، إذ إن تونس لم تدخل خلال تاريخها الحديث في «لعبة المحاور السياسية» وأبقت على هامش مهم من الحياد والاستقلالية، وهذا ما غذى التساؤلات في ظل معارضة الطرف الروسي ثورة الربيع العربي في سوريا ودعمه الواضح لنظام بشار الأسد. وحول ما تخفيه هذه الزيارة، ذكرت مصادر دبلوماسية تونسية في تصريحات ل«الشرق الأوسط» أن لافروف «سينقل رسالة واضحة إلى المسؤولين التونسيين ويطلب منهم الحزم والجدية في مراقبة الحدود البرية والبحرية، وأن لا يجعلوا البلاد بوابة عبور لفائدة المجموعات الإرهابية». وتضيف نفس المصادر أن الروس قد يكونون على بينة من أمر المقاتلين التونسيين الموزعين على عدد من بؤر التوتر في العالم، وتتابع: «ربما التقطوا صورة لا تحمل الشك عن تورط أطراف تونسية في الإرهاب»، لذلك قد يطالب الروس بإيقاف جحافل الإرهابيين التي تتدفق على وجه الخصوص عبر حدودها الشرقية.