اعترف وزير العدل الليبي صلاح المرغني بوجود صعوبات تواجه العدالة الليبية في محاكمة رموز نظام القذافي، مشيرا في الوقت ذاته إلى قدرة الحكومة الليبية على تجاوزها. جاء ذلك تعليقاً على تقرير لمنظمة هيومان رايتس ووتش، صدر الخميس، قالت فيه إن ليبيا ‘أخفقت في منح الحقوق الأساسية لسيف الإسلام القذافي (نجل الرئيس الليبي الراحل) وغيره من مسؤولي حكومة القذافي (النظام الليبي السابق) السابقين، التي تضمن سلامة الإجراءات القضائية في محاكمتهم'. وفي تصريح خاص، قال المرغني: ‘توجد صعوبات تواجه العدالة الليبية في محاكمة رموز نظام القذافي، لكننا نؤكد قدرتنا على تجاوزها، ومحاكمة المتهمين بنزاهة'. ولفت إلى أن ‘عدم تواصل المحامين مع المتهمين مسألة نادرة الحدوث، وليست على الدوام'، مرجعا ذلك إلى ‘الحالة الأمنية' التي تواجهها ليبيا. وكانت منظمة هيومان رايتس (دولية مستقلة مقرها نيويورك) قالت الخميس إنها أجرت مقابلة يوم 23 كانون الثاني / يناير الماضي مع سيف الإسلام نجل القذافي، وعبد الله السنوسي، مدير الاستخبارات العسكرية السابق، ورئيسي الوزراء السابقين البغدادي المحمودي وأبو زيد دوردة.. وقالت في بيانها إنه ‘رغم التحديات العديدة التي تواجهها الحكومة الليبية، فإن عليها السعي لإتاحة تواصل نجل القذافي والسنوسي فوراً مع محامين من اختيارهما، وضمان تمتع الأربعة (سيف الاسلام والسنوسي والمحمودي ودوردة) جميعاً بالتواصل السري وغير المقيد مع محاميهم، وبفرصة جدية لمواجهة الأدلة المقدمة بحقهم'. ويقبع سيف الإسلام القذافي وعبد الله السنوسي وبقية رجال القذافي في أحد سجون مدينة الزنتان غرب ليبيا، الذي يقع تحت سلطة وزارة الدفاع الليبة. وكانت المحكمة الجنائية الدولة أعطت في 11 تشرين الثاني / نوفمبر الماضي السلطات الليبية الضوء الأخضر في محاكمة رئيس مخابرات القذافي عبد الله السنوسي داخل الأراضي الليبية بعد خلاف طال لمدة أشهر حول أصالة القضاء الليبي في القضية. وقال نديم حوري، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومان رايتس ووتش: ‘على الحكومة الليبية بذل جهدا أكبر لضمان حصول هؤلاء المسؤولين السابقين المحتجزين على استشارات قانونية كافية، وفرصة الدفاع عن أنفسهم بنزاهة أمام قاض. إن محاكمة هؤلاء الرجال لن تزيد عن كونها شكلية إذا أخفقت السلطات في تزويدهم بحقوقهم الأساسية في سلامة الإجراءات'. وأضاف ‘في ظروف كهذه يصعب أن نتخيل كيف يمكن لأي من هؤلاء الرجال الحصول على محاكمة عادلة في ليبيا، التي لم تفعل ما يذكر لتوفير قدر ولو أدنى من حقوق الإجراءات السليمة لهؤلاء المحتجزين الذين هم، شأن آلاف الآخرين المحتجزين منذ الانتفاضة، محتجزون بدون أي تواصل جاد مع محام أو قاض'. الحوري اعتبر أن الحكومة الليبية تعمل على ‘تقويض أي احتمال لحصول هؤلاء الرجال على محاكمة عادلة من خلال عدم التزامها بالضمانات الأساسية لسلامة الإجراءات الواردة في القانون الليبي والدولي'. ونقلت المنظمة الدولية عن نجل القذافي والسنوسي إنه ليس لديهما محام، بينما قال دوردة والمحمودي إنهما لم يحصلا على تواصل كاف مع مستشارهما القانوني. من جانبه، قال الناشط الحقوقي الليبي ناصر الهواري رئيس منظمة ضحايا لحقوق الانسان الليبية (محلية غير حكومية) ‘هذا التقرير واقعي، ويبين الحالة التي عليها رجال النظام السابق، وليس فقط نجل القذافي، ولكن أيضاً جميع من تمت محاكمتهم بعد 17 شباط / فبراير 2011 (تاريخ اندلاع الثورة الليبية) ‘، مشيراً إلى أنه وفق ما لديه من معلومات مع أسر رجال النظام السابق، فإنهم ‘لا يحصلون على محاكمة عادلة'. وأشار في الوقت نفسه إلى أن المنظمة قدمت شكاوى للجهات الرسمية في الدولة مطالبة إياها بتقديم مزيد من توفير الضمانات لهذه المحاكمات لأنها تتم في ظروف صعبة على حد قوله.ودائما ما تشدد الحكومة الليبية على أن الاتهامات الموجهة لرجال القذافي جنائية بحتة وليست سياسية. وأبرز جرائم السنوسي قبل الثورة الليبية هي ‘المسؤولية عن مجزرة سجن أبو سليم في العاصمة الليبية طرابلس، والتي راح ضحيتها أكثر من 1200 سجين ليبي، كما أنه متهم بقمع ثورة 17 شباط 2011 وقتل المدنيين'، بحسب وكيل وزارة العدل الليبية. فيما يحاكم سيف القذافي في اتهامات ب'المساس بالأمن الوطني وإهانة النشيد والعلم الليبي'، وهو ما يعتبره قانونيون، قضايا بسيطة مقارنة بالاتهامات الموجة له من جانب المحكمة الدولية والمتعلقة بارتكاب ‘جرائم ضد الانسانية'.