رغم مرور أكثر من أسبوع على مقتله برصاص قوات الأمن التونسية، ما زال القيادي في تنظيم أنصار الشريعة كمال القضقاضي يثير جدلا في تونس، وخاصة بعد دعوة أحد رجال الدين المتشددين إلى اعتباره ‘شهيدا' ومساواته بالضحايا من قوات الأمن والجيش. وكان الشيخ خميس الماجري (قيادي سابق بحركة النهضة الإسلامية) اعتبر قبل أيام أن القضقاضي الملقب ب'بن لادن تونس′ ليس إرهابيا و'لا يجوز نعته بهذا الوصف'. وخلال برنامج ‘لم يجرؤ فقط' (الذي تبثه قناة التونسية) خاطب الماجري والد القضقاضي بقوله ‘نسأل الله أن يكون موت ابنك شهادة'، وشكك بالرواية الرسمية حول مقتل القضقاضي خلال العملية الأمنية، مشيرا إلى أنه ‘قُتل منذ أكثر من عام (...) وتمّ خلال مواجهات روّاد جلب جثّته ووضعها هناك'. وكانت وكالة الأنباء الرسمية ‘وات' أكدت قبل أيام مقتل كمال القضقاضي المتهم بالمشاركة في اغتيال القياديين المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، خلال اشتباكات بين الشرطة ومسلحين إسلامين في منطقة روّاد بولاية أريانة (شمال تونس). وأثارت تصريحات الماجري جدلا كبيرا بين التونسيين، وأدت لاستدعاء مقدم البرنامج الإعلامي سمير الوافي من قبل الهيئة العليا المستقلّة للاتصال السمعي والبصري التى ‘رصدت عدم احترام مقتضيات العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية خلال الحلقة وخاصة الفصل 6 المتعلق بالحق في الحياة وعدم احترام التعددية في الأفكار والآراء'، حسبما ذكرت بعض وسائل الإعلام. وخلال الاستدعاء، التزم مقدم البرنامج ومنتجته هيام الحاج العجيمي بعدم إعادة بث الحلقة والامتناع عن نشرها. لكن ‘شهادة' القضقاضي لم تجد قبولا لدى عدد كبير من الشخصيات السياسية والإعلامية في البلاد، حيث اعتبر نائب رئيس حركة النهضة عبدالفتاح مورو أن ‘من حملوا السلاح لقتل أخوانهم لا يعتبرون شهداء أبدا بل هم طغاة خارجون عن جماعة المسلمين'. وأضاف لإذاعة ‘شمس′ المحلية ‘شهداء الأمن والجيش الوطنيين يجب إطلاق صفة الشهداء عليهم لأنهم ماتوا في سبيل حماية بلدهم'، معتبرا ذلك واجبا شرعيا ووطنيا. فيما نددت نقابة الصحافيين ب'تجاوزات' الإعلامي سمير الوافي، مشيرة إلى أنه سعى خلال برنامجه إلى ‘تقديم الإرهابيين في صورة ضحايا (...) في إساءة بالغة إلى عائلات الشهداء وإلى الشعب التونسي'. ويعتبر مقتل القضقاضي اول عملية امنية حاسمة للحكومة التونسيةالجديدة برئاسة مهدي جمعة (مستقل) التي خلفت حكومة علي العريض (قيادي في حركة النهضة)، ويضاف إليها نجاح قوات الأمن بالقبض على حمد المالكي الملقب ب'الصومالي' والمتهم بالمشاركة في اغتيال القيادي محمد البراهمي. وكان والد كمال القضقاضي (الطيب القضقاضي) اتهم وزارة الداخلية ب'تلفيق' تهمة قتل شكري بلعيد لابنه، مشيرا إلى أنه تعرف على صورة ابنه من خلال وسائل الإعلام، وتمنى لو تم القبض عليه حيا ليكشف عددا من الحقائق. وأكد أن ابنه لم يكن عدائيا، متهما بعض الأطراف ب'غسل دماغه'، وأضاف في تصريح إعلامي ‘لو تم استدعائي من قبل وزارة الداخلية لصعدت إلى جبل الشعانبي وجلبته حيا ليحاكم'. وكانت عائلتي شكري بلعيد ومحمد البراهمي اتهمتا حركة النهضة التي تقود الترويكا الحاكمة باغتيالهما عبر ‘التواطؤ' مع انصار الشريعة، فيما نفت الحركة أي علاقة لها بالأمر.