حذر خبراء ليبيون من اندلاع حرب أهلية في البلاد، جراء الاشتباكات المسلحة التي اجتاحت مؤخرا مناطق غرب وجنوب ليبيا، والتي دفعت الحكومة لدعوة الثوار المسلحين إلى دعم الجيش الليبي في مواجهاته ضد مجموعات مسلحة محسوبة على نظام الرئيس الراحل معمر القذافي. وفي الوقت الذي تتسارع فيه وتيرة الأحداث والمواجهات في ليبيا، أعلنت السلطات (البرلمان المؤقت والحكومة) منذ أيام حالة النفير العام في البلاد، فيما قامت الحكومة المؤقتة بتكليف ميليشيات الثوار (أعلنت حلها في وقت سابق) للمشاركة في مواجهة أنصار القذافي في جنوب ليبيا. وفي الوقت نفسه كلفت الحكومة غرفة ثوار ليبيا، التابعة لرئاسة أركان الجيش الليبي، للتدخل في مناطق غرب العاصمة طرابلس، والتي ظهرت فيها هي الأخرى مجموعات مسلحة موالية لنظام القذافي . الكاتب الصحافي والمحلل السياسي الليبي نوري المشري يرى أن غرفة ثوار ليبيا المؤلفة من ثوار تاجوراء وسوق الجمعة (ضاحيتان شرقي طرابلس) التي تحاصر مناطق غرب طرابلس وتطلق على أهاليها وابلا من النيران تدفعها نزاعات قبلية وتصفية حسابات قديمة بين الطرفين. ويضيف المشري أن ذات الأمر يقع في الجنوب الليبي بين قبائل أولاد سليمان الموالية للثورة، وقبائل أخرى محسوبة على النظام السابق، مجملا القول بأن ‘ما يحدث هو نذير حرب أهلية بدأت طبولها تدق في البلاد'. ونحا القاضي الليبي السابق والخبير القانوني محمد المنصوري منحى آخر بالقول إن ‘الخصومة بين الحكومة المؤقتة والبرلمان وجدت في فزاعة عودة أنصار القذافي الذريعة لتحقيق مكاسب سياسية تتمثل في تمرير قرار تمديد ولاية المؤتمر الوطني (البرلمان المؤقت) لسنة أخرى وإبعاد الحكومة شبح حجب الثقة عنها'. وقال المنصوري إن ‘انهيار الوضع الأمني في بنغازي (شرق) أو السيطرة على حقول النفط لم يستدع من السلطات إعلان نفير مما يدلل على أن الخصمين يستغلان حالة البلاد في صراعهما. ويدلل بذلك على أن عدم إعلان الحكومة للنفير في السابق وإعلانه عقب الأحداث الأخيرة ‘ساهم في افتعال الأزمات في البلاد مع علمهما أن كل الاطراف تمتلك السلاح والقوة'، حسب قوله . وحمل المنصوري مسؤولية وقوع صدام قبلي في الجنوب، فيما لو استجابت ميليشيات مصراتة (غرب) لنداء الحكومة بالتدخل للسيطرة على الجنوب الذي يشهد اشتباكات مسلحة بين قوات الحكومة ومجموعات قبلية موالية لنظام القذافي . واحتجزت جماعات مسلحة تابعة لما يعرف بإقليم برقة موانئ النفط الليبية شرقي البلاد، لعدة أشهر خلال 2013، للمطالبة بتطبيق الحكم الفيدرالي في ليبيا، وتستخدم إغلاق الموانىء النفطية للضغط على حكومة طرابلس . وعن حجم التسلح في صفوف الميليشيات القبلية قال العقيد المتقاعد بالجيش الليبي الهادي حريشة إن مخازن سلاح النظام السابق متفرقة في البلاد، وكل الأطراف القبلية نالت منها نصيبها وتحافظ عليها ضمن كتائب تتبع اسميا مؤسسات الدولة. وأضاف أن سعي الحكومة لشراء السلاح من الخارج دليل على عدم امتلاكها لقدرة عسكرية تفرض بها سيطرتها على البلاد، مشيرا إلى إن حجم السلاح في يد الميليشيات المسلحة من الثوار والموالين للقذافي يجعل خطر اندلاع حرب أهلية ‘شبه وشيك'. من جانبه قال مفتاح التواتي عضو مجلس حكماء ليبيا (منظمة أهلية تجمع زعماء عشائر وتعمل بملف المصالحة الوطنية وحل الخلافات القبلية) إن ‘أطرافا داخل البرلمان والحكومة ساهمت في تأزم الوضع الأمني'. واعتبر التواتي أن المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية ستحدان من تأجج الوضع القبلي، مشيرا إلى أن ‘استمرار احتساب بعض القبائل على النظام السابق، والبعض الآخر على ثورة فبراير سيقود البلاد إلى منزلق خطير'. وأضاف أن ما يحدث من حصار لقبائل ورشفانة والعجيلات غرب طرابلس وأولاد سليمان والتبو في مدينة سبها جنوبي البلاد ‘من أبرز مظاهر هذا التفتت والانقسام'، حسب رأيه. ولا تزال المواجهات المسلحة التي أودت بحياة العشرات تجري بين مسلحين محسوبين على النظام السابق سيطروا على مواقع عسكرية جنوبي ليبيا ضد قوات الجيش وقبائل مؤيدة لثورة شباط 2011/ فبراير تتمركز جنوبي البلاد، فيما قامت غرفة ثوار ليبيا، وقبائل صبراتة غربي البلاد بحصار قبائل ورشفانة والعجيلات حيث يتبادل الطرفان إطلاق النار، فيما لم يصدر عن السلطات أي تأييد لشرعية حصار بعض المناطق من قبل الثوار، باستثناء الإعلان عن حالة نفير عام في البلاد .'الاناضول'