بينما دعا نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا، الدول الصديقة والشقيقة إلى منع أعوان نظام العقيد الراحل معمر القذافي ورموزه وأنصاره في كل مكان من العبث بأمن ليبيا واستقرارها، قررت السلطات الليبية التحرك ضد رموز القذافي دبلوماسيا وقانونيا في الخارج. في وقت قلل فيه علي زيدان رئيس الحكومة الانتقالية من شأن انسحاب الإسلاميين من حكومته. وصوت المؤتمر الوطني، الذي يعد أعلى سلطة دستورية وسياسية في ليبيا، في جلسة عقدها مساء أول من أمس، على تفويض رئاسة المؤتمر بمعالجة الأوضاع الأمنية الطارئة، بالتواصل مع الجهات الأمنية والعسكرية لاتخاذ القرارات اللازمة في حالات عدم انعقاد المؤتمر. كما صوت المؤتمر على قرار يلزم وزارتي الإعلام والخارجية الاتصال بالدول والشركات التي تبث منها القنوات الموالية للنظام السابق بهدف إيقاف بثها بأسرع وقت ممكن. وعقب التصويت رأى نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر في كلمة متلفزة وجهها للشعب الليبي إن على الدول الصديقة والشقيقة أن تقدر هذا الشعب، وأن تفكر في هذا الموضوع جديا، بحيث تمنع مثل أولئك العابثين، الذين يحاولون العبث ودمار هذا البلد ومس أمنه واستقراره. وأعرب عن أمله من هذه الدول أن تدرس هذا الموضوع باستعجال، وتمنع هؤلاء من التخطيط للعبث بأمن الوطن والمواطنين واستقرارهم، مؤكدا أن من وصفهم ب«الثوار الأشاوس»، مستعدون وفي حالة نفير واستنفار تام للحظة الحسم والحيلولة دون من يخطط أو يحاول المس بمبادئ ثورة 17 فبراير (شباط)، وأن أعضاء المؤتمر الوطني مخولون تقييم عمل الحكومة ومحاسبتها، مشيرا إلى أن الحكومة هي جسم منتخب من قبل المؤتمر. وشدد على أنه لا أحد من أعضاء المؤتمر يستطيع أن ينفي مسؤوليته عن إخفاقات الحكومة، كما أنه يجب على الحكومة وأفرادها المحترمين ألا يقلقوا إذا اتجه المؤتمر أو بعض أعضاء المؤتمر أو بعض أعضاء الكتل أو الأحزاب باتجاه مسألة حجب الثقة عن الحكومة أو تعزيزها. وتعهد بأن الذين يحاصرون الموانئ النفطية سيصنعون قرار إخلاء هذه الموانئ، وإرجاعها لسيطرة الدولة قريبا. وفي تحرك من شأنه مواجهة النفوذ المتنامي لأنصار القذافي في الداخل، طلب النائب العام الليبي من وزارة الخارجية موافاة مكتب النائب العام بأي معلومات حول الأموال الليبية المهربة إلى الخارج والمفتوحة بشأنها محاضر تحقيقات لمساءلة من يطالها. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن المستشار عبد القادر رضوان، النائب العام، قوله إن الطلب جاء لدعم التحقيقات بأي معلومات بهذا الشأن، قد تكون متوافرة لدى سفاراتنا لدى دول العالم، وإن هذا الإجراء يأتي في إطار متابعة مكتب النائب العام للأموال الليبية المنهوبة في الداخل والمهربة إلى الخارج والمفتوحة بشأنها محاضر وتحقيقات لمساءلة من يطالها. وجاء هذا التحرك بعدما أعلن رئيس المؤتمر الوطني أن ملامح ووقائع على الأرض تبين أن هنالك اعتداء على ثورة السابع عشر، داعيا المواطنين في الجنوب إلى التعاون مع الجهات الأمنية ووزارة الداخلية والمجالس المحلية للقبض على المروجين والمارقين الذين أساءوا إلى مدنهم وأهلهم برفع الأعلام التي ترمز إلى مظاهر الاستبداد ونظام الطاغية السابق. في غضون ذلك، وفيما بدا أنه بمثابة تقليل من شأن إعلان حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، سحب جميع وزرائه من الحكومة الانتقالية، ترأس علي زيدان رئيس الوزراء أول اجتماع للحكومة عقب هذا الانسحاب. وتعليقا على فشل خصموه الإسلاميين في سحب الثقة من الحكومة داخل المؤتمر الوطني، عد زيدان في مؤتمر صحافي عقده أمس أن هذا مسار ديمقراطي يجب القبول به، مشيرا إلى أن عددا من أعضاء المؤتمر اتصلوا به وأكدوا عدم تبنيهم للبيان الذي أعلن عنه ولم يوقعوا عليه. وأكد أن الحكومة موجودة في هذا المكان والموقع لأن هناك أعضاء من المؤتمر يرغبون في استمرارها، علاوة على أن الحكومة مع مصلحة الوطن، مضيفا: «وإذا اقتضت مصلحة الوطن أن تغادر الحكومة فستغادر، مجددا تأكيده عدم قدرته على خذلان من انتخبه في هذه المرحلة التي تعد مرحلة أزمة وليست مرحلة تنمية». وردا على سؤال حول ما إذا قدم الوزراء المنتمون لحزب العدالة والبناء استقالتهم قال زيدان: «بالإمكان توجيه السؤال إليهم»، قبل أن يعلن أنه بصدد إعلان تعيين وزراء جدد ليحلوا مكان الاسمين المنسحبين. وتابع: «إن كل وزارة حدد لها وزير وسيعلن عن ذلك خلال الأيام المقبلة، ومنها الداخلية والحكم المحلي والخارجية». وأكد أن المسألة ليست أن تستمر الحكومة أو تعتمد الميزانية، وعلى المؤتمر أن يرشح ويتفق على مرشح لرئاسة الوزراء، وسيجري التسليم له مهما كان عدد الأصوات التي تساند الحكومة الحالية، مذكرا بالسلبيات من خلو موقع الحكومة وتحولها إلى حكومة تسيير أعمال. وتزايدت الضغوط على زيدان الذي يتولى منصبه منذ نهاية عام 2012، ويتعرض خصوصا للانتقاد لعدم تمكنه من إرساء الأمن في البلاد بعد أكثر من عامين على سقوط نظام معمر القذافي، إثر قرار إسلاميي حزب العدالة والبناء سحب وزرائهم الخمسة من حكومته بعدما فشلوا في سحب الثقة من الحكومة في المؤتمر الوطني. ومنذ أسابيع عدة، يحاول الحزب جمع عدد كاف من النواب (120 من أصل 194 عضوا) لسحب الثقة من حكومة زيدان وإسقاطها. وفي بيان وقعه 99 نائبا، أقر معارضو رئيس الوزراء بأنهم فشلوا في الحصول على الأصوات ال120 الضرورية لحجب الثقة عن الحكومة بعد ثلاثة أسابيع من المشاورات بين مختلف الكتل السياسية في المؤتمر، لكنهم أعلنوا في مؤتمر صحافي أن هذا البيان لا يعني نهاية المشاورات الرامية إلى تأمين عدد الأصوات اللازمة لإسقاط الحكومة. لكن زيدان، الذي يحظى بدعم 94 نائبا في المؤتمر الوطني معظمهم من الحزب الليبرالي وتحالف القوى الوطنية (ليبرالي)، قال إنه لن يستقيل، متهما الإسلاميين بالوقوف خلف مبادرات تهدف إلى زعزعة استقرار الحكومة. وفي تصريح لقناة «ليبيا الأحرار»، أكد أن الإسلاميين رغم مشاركتهم في الحكومة يلجأون إلى كل السبل لعرقلة عمل حكومته، علما بأنه كان قد شدد في مقابلة تلفزيونية على أنه سيغادر منصبه «طوعا» إذا اختار المؤتمر خلفا له؛ لأنه لا يريد «ترك البلاد» تعاني الفراغ.