نفت السلطات الليبية تدهور صحة عبد الله السنوسي، صهر العقيد الراحل معمر القذافي، والرئيس السابق لجهاز المخابرات الليبية، في وقت اجتمع فيه رئيس الحكومة الانتقالية علي زيدان مع وفد إيطالي لبحث الترتيبات الجارية لانعقاد مؤتمر روما حول ليبيا، خلال الشهر المقبل بالعاصمة الإيطالية روما. وقال هاشم بشر مسؤول اللجنة الأمنية العليا بالعاصمة الليبية طرابلس ل«الشرق الأوسط»، إن «ما أشيع عن نقل السنوسي للعناية الفائقة، إثر تعرضه لحادث تسمم أو عملية تصفية جسدية لاغتياله، أمر عار تماما عن الصحة». كما نفى مسؤول بجهاز الحرس الوطني الذي يشرف على سجن «الهضبة»، الخاضع لإجراءات أمنية مشددة، بجنوب شرقي العاصمة الليبية طرابلس ويضم أشهر رموز نظام القذافي بمن فيهم السنوسي، تدهور وضعه الصحي، لافتا إلى أنه بصحة جيدة رغم الشائعات. وهذه هي أحدث شائعة تطال السنوسي الذي تسلمته ليبيا من موريتانيا في سبتمبر (أيلول) عام 2012، حيث يقبع في السجن انتظارا لمحاكمته، بعدما أقرت المحكمة الجنائية الدولية بحق ليبيا في محاكمته على أراضيها. وشغل السنوسي المعروف بلقب «الجزار» والصندوق الأسود لنظام القذافي، عدة مناصب أمنية وعسكرية رفيعة المستوى وضعته في دائرة المقربين من النظام السابق، حيث أسندت إليه عدة مهام أمنية حساسة، بينها قيادة جهاز الأمن الخارجي والاستخبارات العسكرية. ولسنوات طويلة مثل السنوسي الوجه القمعي للنظام داخل البلاد، ويعتقد أنه يقف وراء تصفية عدد من الأصوات المعارضة في الداخل. ويتهمه الليبيون بالمسؤولية الرئيسة عن واحدة من أكثر المآسي المحلية بشاعة في مجزرة سجن أبو سليم بطرابلس في يونيو (حزيران) عام 1996، التي قتل فيها نحو 1200 سجين معظمهم من المعتقلين السياسيين بالرصاص، ردا على احتجاجهم على ظروفهم السيئة داخل السجن. في غضون ذلك، دعا ما يسمى حراك الشارع الليبي إلى التظاهر السلمي بعد غد (الأحد) في طرابلس تحت شعار «حلها في أيدينا»، لمطالبة المؤتمر الوطني العام (البرلمان) بسحب الثقة عن الحكومة الانتقالية التي يترأسها زيدان. وطالب الحراك في بيان بثته وكالة الأنباء المحلية، المؤتمر الوطني بتشكيل حكومة ائتلاف وطني خالية من الأحزاب والتحالفات السياسية الذين كانوا في المهجر وغائبين عن الوطن لمدة طويلة. وعد البيان أن «البلاد بكاملها تعاني أزمة خانقة، وتنذر بأحداث شديدة الخطورة»، بسبب ما وصفه ب«طريقة التفكير العقيم والنهج الذي تنتهجه الحكومة الحالية من خلال اعتمادها على تشريعات ضعيفة ومرتبكة». ويرى مراقبون أن المؤتمر الوطني، الذي يعد أعلى سلطة سياسية ودستورية في البلاد، أخفق في التوصل إلى اتفاق بين كتله وأحزابه السياسية، خاصة الليبراليين والإسلاميين، على إقالة زيدان خلال جلستين الأسبوع الماضي، كما عجز عن طرح اسم مرشح جديد لخلافته. وسيعقد المؤتمر مجددا اجتماعا بعد غد، لبحث مذكرة مقدمة من 72 عضوا للإطاحة بزيدان، الذي تنص لائحة عمل المؤتمر على ضرورة تصويت 120 عضوا من أصل 200 عضو، لحجب الثقة عن حكومته التي تشكلت في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2012. وبدا زيدان غير مشغول بمستقبله السياسي، حيث اجتمع أمس في العاصمة طرابلس مع وفد برئاسة المدير السياسي لوزارة الخارجية الإيطالية، لبحث الترتيبات الجارية لانعقاد مؤتمر روما حول ليبيا والذي سيعقد خلال فبراير (شباط) المقبل بالعاصمة الإيطالية. وقال مكتب زيدان في بيان صحافي، إنه عبر خلال الاجتماع عن تطلعات ليبيا لمساهمة المجتمع الدولي وخصوصا إيطاليا من خلال المشورة الفنية والتقنية لخطط الحكومة لجمع الأسلحة والتخلص منها، مشيرا إلى أنه جرى تبادل وجهات النظر حول مدى التطور الذي تشهده العلاقات الليبية - الإيطالية وسبل تعزيزها بما يخدم مصالح الشعبين. إلى ذلك، كشف أمس النقاب عن اجتماع عقد بمقر المؤتمر الوطني برئاسة نوري أبو سهمين وحضور رؤساء الكتل واللجان وعدد من أعضاء لجنة خارطة الطريق بالمؤتمر، ومنظمة اللجنة الأوروبية للديمقراطية. وقال عمر بوليفة، رئيس اللجنة التشريعية والدستورية بالمؤتمر، إن الحوار مع المنظمة الأوروبية استهدف تقديم الرأي والمشورة القانونية حول مسألتين أساسيتين، الأولى تتعلق بما يروج له البعض بأن مهام المؤتمر تنتهي في السابع من الشهر المقبل، ومسألة التمديد التي جرى اختلاقها في الإعلان الدستوري، وخارطة الطريق المقدمة من المؤتمر الوطني. وأضاف أن المسألة الثانية تتعلق بموضوع الأمازيغ والتبو والطوارق، وعزوفهم عن المشاركة في انتخابات الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، بسبب مطالبتهم بالتعديل الدستوري المتعلق بحقوقهم الثقافية واللغوية، ومدى مشروعية هذه المطالب في الظروف الحالية. في وقت استدعت فيه وزارة الخارجية الليبية أمس مانويل دالقا سفير مالطا، وطلبت منه توضيحا حول ناقلة نفط كانت ترفع العلم المالطي جرى إبعادها عن المياه الإقليمية الليبية ومنعها من دخول أحد الموانئ النفطية الليبية بطريقة غير شرعية. وأوضحت الوزارة في بيان لها، أن عبد الرزاق القريدي وكيل وزارة الخارجية أبلغ السفير المالطي رسالة واضحة تعكس موقف ليبيا الثابت من هذا الأمر، وأنها تعد ما حدث انتهاكا للسيادة الليبية لا يمكن قبوله من أي دولة أو جهة كانت. ونقل البيان عن السفير المالطي استعداد بلاده للتعاون مع ليبيا في هذا الأمر، مجددا حرص بلاده التام على تقوية علاقاتها الودية معها.