بدا الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أمس، وهو يرأس اجتماع مجلس الوزراء، منهكا بدنيا ونظراته تائهة. فقد أظهرته صور نشرات الأخبار في قنوات التلفزيون العمومي، يتمتم مع الوزراء الذين كان أغلبهم يضع سماعة في أذنيه لسماع ما يقول الرئيس الذي كان صوته خافتا. وكما كان متوقعا، غاب تعديل الدستور عن الموعد ما يوحي بأن الرئيس صرف النظر عنه. في خلال الثواني المعدودة التي استغرقها بث صور مجلس الوزراء، تبادل بوتفليقة نظرات مع أعضاء حكومته. وفيما كان بعض الوزراء مشدودين إليه، كان البعض الآخر يقرأ أوراقه. وبدا الجميع مشاركا في خطة معدة سلفا، فرضتها الآجال القانونية المتعلقة بالتوقيع على قانون المالية قبل نهاية العام. ودرجت الحكومة على أن يكون التوقيع في سياق تنظيم مجلس للوزراء. وحتى في مراسم التوقيع على قانون المالية 2014، ظهر بوتفليقة متعبا جامدا فوق كرسي، يمسك قلما بيده اليمنى ويحركها ببطء شديد للتوقيع على القانون. ولم تظهر صور التلفزيون الرئيس واقفا أو مترجلا ولا لحظة واحدة. وحمل الديكور في مجمله مؤشرات قوية على صعوبات كبيرة يواجهها سابع الرؤساء للاستمرار في الحكم. فهل بعد الحالة التي بدا عليها عبد العزيز بوتفليقة أمس، يمكن الحديث عن عهدة رابعة؟ وعلى عكس ما توقع الكثيرون، لا أثر لتعديل الدستور في أعمال مجلس الوزراء ما يرجح أن الرئيس صرف النظر عنه. إذ من المستبعد إجراؤه طالما أن استدعاء الهيئة الناخبة للرئاسيات سيكون بعد 15 يوما. ويعتبر الدستور لغزا محيرا في فترة حكم الرئيس بوتفليقة، الذي أعلن عدة مرات عزمه إحداث تغيير فيه، دون أن يكشف عن الصيغة التي يريدها في القانون الأعلى للبلاد. وحمل قانون المالية الجديد توقعات بنفقات قدرها، 7.656,2 مليار دج، سيخصص منها 4.714,5 مليار دج للتسيير و2.941,7 مليار دج للتجهيز. وجاء نص القانون خاليا من أي زيادة في الضرائب، وتناول ارتفاعا بنسبة 10,4% في إيرادات ميزانية الدولة، مقارنة ب2013 لتبلغ 4.218,2 مليار دج. ويقدر العجز الإجمالي المتوقع للميزانية ب3.438 مليار دج، أي ما يعادل 18,1% من الناتج الداخلي الخام. كما يتوقع القانون نسبة نمو إجمالية تتراوح بين 4,5% و5,4% خارج المحروقات. بينما يتوقع نسبة تضخم ب3,5 بالمائة العام المقبل. ولبلوغ الأهداف المتضمنة في القانون، تحدث النص عن "إجراءات جديدة تسعى الحكومة من خلالها، إلى تشجيع الاستثمار المنتج وحماية وترقية الإنتاج الوطني وكذا تشجيع تشغيل الشباب خاصة بمناطق الجنوب". ودعا بوتفليقة في "كلمة" بمجلس الوزراء، نقلتها وكالة الأنباء الجزائرية، إلى "ترجيح قيم التسامح والوئام والحوار التي يحث عليها ديننا الحنيف، وفضائل التضامن والوحدة العريقة في بنية مجتمعنا"، في إشارة إلى الأحداث التي عرفتها غرداية. وذكر أنه "يتابع الوضع بحرص وعناية". وناشد "كل جزائرية وكل جزائري إلى تغليب الحكمة والتعقل". وأمر بوتفليقة الحكومة بأن تواصل المسعى الجاري من أجل إيجاد ما يتطلع إليه مواطنو هذه الولاية، من حلول مواتية قصد إعادة الطمأنينة والسكينة بما يصون انسجام تنميتها اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا". ودرس مجلس الوزراء ووافق على خمسة مشاريع نصوص تشريعية هي: مشروع قانون يتعلق بسندات ووثائق السفر يقضي على وجه الخصوص بتمديد صلاحية جواز السفر إلى عشر سنوات، ومشروع قانون يعدل ويتمم القانون الصادر سنة 1998 الذي يحدد القواعد العامة المتعلقة بالطيران المدني، ومشروع قانون يتعلق بالموارد البيولوجية. إضافة إلى مشروع قانون يعدل ويتمم القانون 81 -07 المؤرخ في 27 جوان 1981 والمتعلق بالتمهين. ومشروع قانون يتعلق بالتعاضديات الاجتماعية يندرج في إطار استكمال الهيكلة العامة للمنظومة الوطنية للضمان الاجتماعي.