كشف عبد اللطيف الجواهري، محافظ البنك المركزي المغربي، عن أن بعثة من صندوق النقد الدولي تقوم خلال الأسبوع الحالي بزيارة للمغرب، في سياق متابعة التزامات المغرب في إطار اتفاقية التسهيلات المالية الوقائية بين المغرب وصندوق النقد الدولي. وأشار الجواهري إلى أنه متفائل بشأن نتائج هذه البعثة، مشيرا إلى أن المغرب قد أوفى بكل التزاماته بخصوص التوازنات المالية، إضافة إلى كون وكالات التنقيط العالمية لم تغير تقييمها للمغرب. وقال الجواهري إن وكالات التنقيط الدولية بررت الحفاظ على مستوى تقييمها للمغرب بالإصلاحات التي أطلقها وشعبية العاهل المغربي الملك محمد السادس والثقة التي يقود بها البلاد. وأشار الجواهري إلى أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، خاصة قرار الربط الجزئي لأسعار بيع المحروقات في السوق المغربية بمؤشر الأسعار العالمية للنفط والتدابير التقشفية الأخرى، مكنت من تخفيض عجز الميزانية من 7.6% من الناتج الداخلي الإجمالي خلال العام الماضي إلى 5.5% في السنة الحالية، كما تمكن المغرب بفضل تراجع الواردات وأداء صادرات القطاعات الصناعية الجديدة من تقليص عجز الميزان الجاري للمبادلات الخارجية من 10 إلى 7% من الناتج الداخلي الإجمالي. وأضاف الجواهري، الذي كان يتحدث مساء أول من أمس خلال لقاء صحافي عقب انتهاء أشغال المجلس الإداري للبنك المركزي، أن المغرب تمكن كذلك من الحفاظ على مستوى احتياطي العملات الأجنبية فوق سقف أربعة أشهر من الواردات، الذي ساهمت فيه تدفقات أموال دعم مجلس التعاون الخليجي. وحث الجواهري الحكومة على الاعتراف بواقع الأزمة الاقتصادية وعدم التردد في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهتها. وقال: «يجب أن نعترف بأننا تأثرنا بالأزمة الاقتصادية العالمية لأن ذلك ضروري لمواجهتها. فالمريض عندما يعترف بمرضه تسهل عليه مواجهته واتباع العلاج الملائم. والعلاج الذي تتطلبه مواجهة الأزمة لن يكون سهلا ولن يكون شعبيا. وبقدر ما تأخرنا في اتباع العلاج بقدر ما تزداد صعوبته ومرارته». وفي تعليق على الإجراء الجديد الذي اقترحته الحكومة المغربية أخيرا لتسوية وضعية المغاربة الذين يملكون أرصدة وممتلكات في الخارج غير مصرح بها لدى السلطات المغربية، والذي تناقشه حاليا لجنة المالية بالبرلمان، قال الجواهري إنه إجراء جيد وحضاري. وأضاف: «هناك توجه عالمي حاليا مند قرار مجموعة العشرين واتفاق الدول الكبرى حول تبادل المعلومات فيما بينها حول أصول وممتلكات مواطنيها في الخارج. لكن المغرب من خلال هذا الإجراء اختار أن يحل المشكلة داخليا وبشكل حضاري». وأضاف الجواهري أن الإجراء الذي اقترحته الحكومة ينص على أن التصريح بالممتلكات في الخارج وأداء الرسم الجزافي عليها يجري من خلال المصارف، التي تتحفظ على اسم وهوية العميل الذي تتعامل باسمه طبقا لمبدأ السر التجاري، ولا تكشف المعطيات المتعلقة به لإدارة الضرائب أو لمكتب الصرف. ومن خلال هذا التصريح وأداء الرسم الذي تقترح الحكومة تحديده بنسبة خمسة في المائة تجري تبرئة ذمة المعني بالأمر تجاه الضرائب ومكتب الصرف. وبخصوص أداء المصارف المغربية، كشف الجواهري عن أن حجم القروض المصرفية عرف ارتفاعا بنسبة 3.5 في المائة هذه السنة، التي عدها مؤشرا جيدا رغم ضعفها مقارنة مع نسب النمو المرتفع التي كانت تسجلها القروض المصرفية بالمغرب خلال الأعوام السابقة. وأشار إلى أن التوسع الدولي للبنوك المغربية في اتجاه أفريقيا عوضها عن نقص مردوديتها بسبب تباطؤ نمو نشاطها في السوق الداخلية. وقال: «تدفقات الأرباح الصافية التي أصبحت المصارف المغربية تجنيها من فروعها الأفريقية أصبحت تمثل نسبة 15 في المائة من نتائجها التشغيلية، وهذه النسبة مرشحة للارتفاع خلال السنوات المقبلة». وحث الجواهري الحكومة على الإسراع في إخراج القانون البنكي الجديد، الذي تضمن لأول مرة بنودا تتعلق بتنظيم التمويلات الإسلامية. وقال: «أتمنى أن يخرج هذا القانون مع النظام الأساسي الجديد للمصرف المركزي قريبا». وأشار الجواهري إلى أن صندوق النقد الدولي سيقوم خلال الربع الأخير من السنة المقبلة بتقييم للنظام المالي والمصرفي المغربي، وقال إن صدور وتطبيق القانون المصرفي الجديد في أقرب وقت سيكون لصالح المغرب خلال هذا التقييم.