أكد جاسم المناعي، الرئيس المدير العام لصندوق النقد العربي، أمس الثلاثاء، أن الاقتصاديات العربية لم تبد، حتى الآن، عوارض تذكر للأزمة المالية العالمية، لكن الأوضاع الراهنة «لا تشكل، مع ذلك، ضمانة مؤكدة ضد عدوى هذه الأزمة التي من الصعب الاستهانة بتداعياتها أو التكهن بحجمها وحدودها». وأوضح المسؤول المصرفي العربي، في كلمته أمام الدورة العادية ال32 لمجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية بمراكش، أن انعقاد المجلس يتزامن والعالم يعيش أزمة مصرفية ومالية كبرى، وأنه من الطبيعي في ظل اتساع ظاهرة العولمة وتشابك المصالح الاقتصادية لدول العالم أن ينتاب الجميع الخوف والقلق من انعكاسات الأزمة على مختلف المناطق. وإزاء هذا الموقف، دعا جاسم المناعي إلى ضرورة استخلاص الدروس والعبر من هذه الأزمة وتعزيز مناعة القطاع المالي والمصرفي العربي ضد الأزمات المستفحلة، مشيرا، في السياق ذاته، إلى بعض الممارسات المصرفية التي لاحظ صلتها بالأزمة الحالية والتي اعتبرت لفترة طويلة من مسلمات الصناعة المالية والمصرفية. واقترح، في هذا المجال، اعتماد «التقييم السليم لإدارة المخاطر»، معتبرا أن جذور الأزمة تكمن، بالخصوص، في «التهاون في منح الائتمان العقاري ذي الجدارة الائتمانية الضعيفة». وأكد المناعي الحاجة إلى مزيد من الحذر في التعامل بالمنتجات المالية المعقدة كالمشتقات وغيرها والتحفظ في ما يتعلق بنسب المديونية المقبولة للمراكز المالية للمؤسسات ووضع مزيد من الضوابط للتمويلات والتعاملات خارج الميزانية. وخلص المسؤول المصرفي العربي إلى القول: «لا أتصور أننا غير معنيين بهذه الأزمة أو أسبابها، بل بالعكس، لأن الاقتصاديات العربية تعد من أكثر الاقتصاديات انكشافا وارتباطا بالاقتصاد العالمي». وانطلقت أمس بمراكش أعمال الدورة العادية الثانية والثلاثين لمجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية.. بمبادرة من صندوق النقد العربي وبتعاون مع بنك المغرب. ويشارك في الاجتماع محافظو المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية. وقد تلا والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، في افتتاح الاجتماع، رسالة مليكة وجهها إلى المشاركين فيه، أكد فيها أن المغرب حقق، منذ بداية العقد الحالي، نموا سريعا ومتواصلا، نتيجة للإصلاحات الهيكلية التي اعتمدها، ولنهج وتفعيل سياسات اقتصادية سليمة، مما أدى إلى تحسن مناخ الأعمال الذي ترتب عنه توسع في الاستثمار وارتفاع في مستوى المعيشة، مؤكدا أن المغرب عمل على التحكم في التضخم، وتحسين وضعية كل من المالية العمومية والحسابات الخارجية، واستقرار أسعار الصرف، وحرص، بالموازاة مع ذلك، على مواصلة تطوير القطاع المصرفي والمالي، فضلا عن تدعيم الرقابة والأنظمة الاحترازية، مما أدى إلى تنمية الأسواق المالية وتوسيع التوظيفات المالية، وكل ذلك في ظل حكامة جيدة ورقابة حازمة، وإستراتيجية هادفة، ينهجها بنك المغرب، في ظل استقلالية مضبوطة ومهنية عالية.