رفض السياسي التونسي مصطفى الفيلالي تولي رئاسة الحكومة التونسيةالجديدة، امس الجمعة، ما دفع الأطراف السياسية في البلاد الى إطلاق مروحة واسعة من المشاورات في مسعى للتوصّل الى اتفاق على بديل. ورفض الفيلالي تولي رئاسة الحكومة التونسيةالجديدة، بعد ساعات قليلة من تسريب معلومات حول توصّل الأحزاب السياسية المشاركة في الحوار الوطني، إلى توافق حول اسمه لتولي هذه المهمة ضمن إطار خارطة الطريق لإخراج البلاد من الأزمة الخانقة التي شارفت على دخول شهرها الثالث على التوالي. وقال الفيلالي (92 عاماً) في تصريحات إذاعية ‘أنا أرض هذا المنصب لاعتبارات عديدة منها عامل السن والوضع الصحي'، وأضاف ‘أنا لستُ مستعدا لكي أكون ‘مُضْغَةً يقع لَوكَها' لمقاصد غير شريفة'. ودعا في المقابل الأطرف السياسية الفاعلة المشاركة في الحوار الوطني إلى ‘النظر في مُرشحين أصغر سناً مني، وبالتالي الأقدر على إدارة شؤون البلاد في المرحلة المُقبلة'. وكان مصطفى الفيلالي قد أعلن قبل ذلك في تصريح، قبوله لهذا المنصب، وأكد أنه ‘على استعداد لتولي هذه المهمة رغم صعوبة الظرف السياسي'. ولا يُعرف لماذا تراجع الفيلالي بسرعة عن موقفه، فيما أشارت مصادر مُقرّبة من المنظمات الوطنية الراعية للحوار إلى أن هذا الرفض المفاجئ ‘أعاد خلط الأوراق من جديد' خاصة وأن المهلة التي حددتها لإنهاء الحوار الوطني شارفت على الإنتهاء. وأشارت إلى أن جلسات حوارية ومشاورات مكثفة إنطلقت بعد ظهر الجمعة في محاولة لإثناء الفيلالي عن موقفه، او إيجاد توافق جديد حول اسم آخر لتولي هذه المهمة خلفاً لعلي لعريض القيادي البارز في حركة النهضة. ودفعت هذه التطورات الطارئة أحمد إبراهيم، الأمين العام لحزب المسار، إلى الدعوة لعقد جلسة طارئة للمنظمات الوطنية الراعية للحوار مع ممثلي الأحزاب لبحث هذه المسألة، باعتبار أن اعتذار الفيلالي عن رئاسة الحكومة القادمة ‘يطرح إشكالية جديدة'. وكان حسين العباسي، الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل قد أعلن في ساعة متأخرة من ليلة الخميس-الجمعة عن توصّل الأطراف السياسية المشاركة في الحوار إلى توافق حول إسم الشخصية التي ستوكل إليها مهمة رئاسة الحكومة التونسية المُقبلة. ولم يفصح العباسي الذي كان يتحدث باسم المنظمات الراعية للحوار،أي الإتحاد العام التونسي للشغل، ومنظمة أرباب العمل، الهيئة الوطنية للمحامين التونسيين، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، عن اسم هذه الشخصية، واكتفى بالقول إنه ‘سيتم عرض هذا الاسم على جلسة عامة للحوار الوطني ستعقد اليوم الجمعة'. وقبل حزب النهضة التخلي عن رئاسة الحكومة شرط ان يتم ذلك بالتوازي مع تبني الدستور الجديد للبلاد الذي تجري صياغته منذ عامين وان يتم تحديد جدول الانتخابات القادمة. وشددت المعارضة من جهتها على تعيين شخصية مستقلة تتولى تشكيل حكومة غير مسيسة قبل التصويت على مشروع الدستور. وادت هذه الازمة ايضا الى تراجع الاقتصاد التونسي. وتعددت في الاسابيع الاخيرة عمليات التوقف عن العمل والاضرابات والتظاهرات التي كان بعضها عنيفا، وكان الفقر احد اهم دوافع ثورة 2010-2011. وتعاني تونس ايضا من تنامي الحركة الاسلامية المتطرفة المسلحة المتهمة خصوصا باغتيال المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي. وتتهم المعارضة اسلاميي النهضة الذين يديرون الحكومة بالتراخي في التصدي للمجموعات الاسلامية المتطرفة. يُشار إلى أن الأحزاب السياسية المعنية بهذا الحوار فشلت خلال جلسات عديدة في التوصّل إلى توافق حول اسم الشخصية الوطنية لخلافة رئيس الحكومة المؤقتة الحالية الذي كان تعهّد كتابياً بالإستقالة تنفيذاً لما ورد في خارطة الطريق التي طرحتها المنظمات الراعية للحوار لإخراج البلاد من الأزمة التي تردت فيها منذ اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي في 25 تموز/يوليو الماضي.