كشف الاتحاد الدولي للاتصالات، على موقعه على شبكة الأنترنت أن عدد المشتركين في خدمة الجيل الثالث يناهز مليار نسمة حول العالم، بعد أن ناهز عدد الدول التي سمحت بتراخيص الجيل الثالث 150 دولة في مختلف قارات العالم، ومنها القارة السمراء التي تعتبر بعض دولها من بين أفقر دول العالم على الإطلاق. وأشار تقرير للاتحاد أن جنوب إفريقيا الأولى في القارة التي تطلق الخدمة ثم تنزانيا ومصر عام 2006 والمغرب، وفي 2007 التحقت نيجيريا بالركب، وتعتبر الصومال التي تعتبر دولة فاشلة تماما من بين الأقاليم الجغرافية التي تتوفر على شبكة للجيل الثالث. وإلى غاية نهاية الأسبوع الفارط، كان الجزائريون يحلمون بمعانقة هذه التكنولوجيا مع مطلع ديسمبر، قبل أن تنقلب الحكومة على أعقابها وتقرر تأجيل الحلم إلى أجل غير مسمى، وحجّتها أن شركات الهاتف النقال في الجزائر يجب أن تقدم محاسبة تحليلية خاصة بكل جيل حتى لا يتم التلاعب في حجم أرقام الأعمال، وبالتالي في حجم الأرباح القابلة للتحويل إلى الخارج. إلى هنا ومن الناحية النظرية حجّة الحكومة أو سلطة الضبط على وجه التحديد، حجّة يمكن ابتلاعها اقتصاديا، ولكنها تصبح حجّة مردودة على من ادّعاها عندما نقف على تجارب حوالي 150 دولة حول العالم، والتي سبقتنا للترخيص لهذه التكنولوجيا المتقدمة التي سمحت بدمقرطة النطاق العريض المتنقل، والذي سمح بتعزيز نمو الاقتصاد في جميع الدول التي اعتمدت الخدمة في جميع دول العالم، ومنها الصين التي أطلقت الخدمة في افريل 2009، على الرغم من أنها وإلى وقت قريب كانت من أكبر الدول تشددا في مجال الحريات. ويعتبر الهاجس الأمني والمخاوف السياسية الأقرب إلى التصديق منه إلى حجج ومبررات أخرى قد تدّعيها الحكومة، عند الوقوف على حجم الهلع الذي انتاب السلطات مع اندلاع ما يسمى بموجات الربيع العربي، والتي كان أغلبها يجري على شبكات التواصل الاجتماعي وبعض القنوات الفضائية التي تعتمد على الأنترنت وصناعة السينما لتصوير بعض الدول على أنها دول فاشلة على غرار العراق وليبيا واليمن ثم سوريا حاليا. وعلى الرغم من القدرة من الناحية التقنية على استعمال نفس الترددات المذياعية للجيل الثاني، كما هو معمول به في الولاياتالمتحدة، فإن الحكومة الجزائرية ولأسباب بعضها مرتبط بالجوانب الأمنية اعتمدت الحل الوسط بعدم بناء شبكات جديدة، ولكن بأرقام وشرائح جديدة مما ساهم في خلط أوراق المتعاملين الذين كانوا على استعداد تام لإطلاق الخدمة يوم الفاتح ديسمبر، والذي يعتبر بحد ذاته تأخرا كبيرا في نظر الاتحاد الدولي للاتصالات، الذي يصنّف الجزائر واحدة من بين 10 دول الأكثر تخلّفا في مجال الاتصالات على مستوى العالم، بالنظر إلى جملة من العوامل ومنها القدرات التقنية والمالية التي تتوفر عليها الجزائر بالمقارنة مع بلدان تفتقر أساسا لعناصر السيادة على غرار الصومال، التي فقدت حكومتها مطلع تسعينيات القرن الماضي.